سجلت تصريحات
ترامب التي قال فيها "إنه من السابق لأوانه الحديث عن
نقل السفارة الأمريكية للقدس" تحولا في الموقف؛ فبعد أن رجحت مصادر أمريكية وإسرائيلية أن يتم اتخاذ قرار رسمي قريبا يمهد الطريق أمام تنفيذ عملية النقل، جاء موقف ترامب مفاجئا للتوقعات الأمر الذي يضع علامات استفهام عن أسباب تغير الموقف.
وتطرق ترامب في لقاء تلفزيوني مع شبكة "فوكس نيوز" لقضية نقل السفارة، وقال إنه من السابق لأوانه الحديث عن موضوع.
وكان العديد من المسؤولين الإسرائيليين عبروا عن حماسهم لنية واشنطن نقل السفارة، باعتبار ذلك اعتراف رسمي بالقدس عاصمة لـ"الدولة اليهودية".
ويرى محللون سياسيون أن تصريحات ترامب ربما تمثل تراجعا عن الخطوة، معللين ذلك بأن ما جرى من وعود أثناء الحملة الانتخابية يأتي لأغراض جلب أصوات الناخبين، فيما اعتبر آخرون أن ترامب جاد في خطوته ولكنه يرغب في التأجيل ليسهل تمريرها فيما بعد.
وفي هذا السياق قال الخبير في الشأن الأمريكي سمير عوض: "أن كل التصريحات التي يتم إطلاقها في الحملات الانتخابية للرئاسة تهدف لإرضاء الناخبين واستمالة أصواتهم لكن الأمر يختلف بعد دخول الرئيس للمكتب البيضاوي".
وأضاف عوض في حديث مع "
عربي21" أن ترامب بعد دخوله البيت الأبيض، يتلقى النصح والتوجيه باستمرار من قادة الأجهزة الأمنية، وكبار الموظفين في الخارجية، فضلا عن كبار المستشارين، ووكالة الأمن القومي، مشيرا الى أن هذه الجهات مجتمعة، لديها خبرة كبيرة، ولا يستطيع ترامب تجاوز توصياتها.
وتوقع الخبير أن يكون ترامب قد استمع لهذه الجهات حول عدم نقل السفارة، أو عالأقل أجّل بحث الموضوع.
اقرأ أيضا:
ترامب يغير موقفه من قضية نقل السفارة إلى القدس
وحول الوفاء بوعده لإسرائيل قال عوض :"ترامب لديه العديد من المشاكل والملفات الداخلية والدولية التي تحتاج لبحث، فهو غير مضطر الآن للاستجابة لمجموعات الضغط، واللوبي اليهودي الذي يطالب بنقل السفارة للقدس".
ولفت عوض الى أنه في حال أقدمت أمريكا على نقل السفارة الأمريكية، فإنها تنفي عن نفسها صفة الوساطة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتابع: "نقل السفارة لمنطقة عليها خلاف، يعني الاعتراف بأن
القدس عاصمة لإسرائيل، وهذا موقف أمريكي مخالف للإجماع الدولي الذي يرفض في مجمله نقل السفارة الأمريكية للقدس".
وحذر من تحول المنطقة لكرة متدحرجة من العنف في حال تنفيذ الخطوة التي ستغضب كل العالم فضلا عن الفلسطينيين والعرب.
اقرأ أيضا:
واشنطن: نقل السفارة للقدس في مراحله الأولى.. وغضب فلسطيني
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي السابق والمؤرخ، شلومو بن عامي قال في تصريح لصحيفة "لافانغوارديا" الإسبانية وترجمته "
عربي21" أنه "يرفض تصديق أن ترامب سيجرؤ على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، أو أنه قد يُقدم على هذه الخطوة المتطرفة، التي ستكون بمثابة برهان على طبيعة الرئيس الأمريكي المتناقضة".
ولفتت الصحيفة نقلا عن بن عامي إلى أن "نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بها كعاصمة أبدية لليهود" كان في قائمة الوعود الانتخابية للعديد من الرؤساء الأمريكيين، مثل بيل كلينتون ورونالد ريغان، وهو ما جعل العديد من عناصر المجتمع الدولي يعتقدون أن ترامب سيخطو على منوال باقي الرؤساء الأمريكيين".
لكن المحلل السياسي إبراهيم أبراش رآى أن تصريحات ترامب لا تعني
تراجعه عن الخطوة، بل محاولة لتمرير توجهاته السياسية "الخطيرة" بطريقة متدرجة، وخصوصا بعد ردود الفعل التي واجهت تصريحاته المعادية، سواء فيما يتعلق بنقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة أو القضايا الأخرى التي تمس العرب والمسلمين.
ورآى أبراش الذي شغل منصب وزير الثقافة الفلسطيني الأسبق أنه في جميع الحالات؛ فقد عبر ترامب عن توجهه وانحيازه لإسرائيل وتأييده لنقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة.
وقال: "ما بين التعبير عن النوايا والتنفيذ، فترة من الوقت لتمرير الخطوة بطريقة دون لفت الأنظار".
ولفت أبراش إلى خطورة خطوة ترامب على كافة الصعد، خاصة وأنها تتعارض مع الاتفاقيات الدولية الموقعة ومع قرارات الشرعية الدولية، التي تعتبر أن الضفة الغربية وغزة والقدس أراض محتلة.
وعن الهدف من خطوة نقل السفارة للقدس قال أبراش: "أعتقد أن ترامب يرغب في المضي بعملية التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين دون القدس واللاجئين".
يذكر أن مختلف دول العالم، بمن فيهم الحلفاء لاسرائيل، لا يعتبرون القدس عاصمة للدولة العبرية، ويقولون إن المسألة خاضعة لنتائج المفاوضات مع الفلسطينيين، ويفضلون أن يكون الشطر الشرقي من المدينة عاصمة للدولة الفلسطينية، فيما يمكن أن يكون الجانب الغربي من مدينة القدس عاصمة لإسرائيل في إطار حل الدولتين.