بينما ينهمك الساسة
اللبنانيون بمهمة إنجاز قانون توافقي للانتخابات النيابية المقبلة؛ يطل ملف القضاء برأسه كتحد كبير للعهد الجديد، في ظل وعود رئيس الجمهورية ميشال عون بأن "تحل العدالة على الجميع، من دون أن يكون للسياسة أو للكيدية تأثيرات عليها".
وشهدت طرابلس، الاثنين، اعتصامات تطالب رئيسي الجمهورية والحكومة بتحقيق العدالة عبر وقف المماطلة في إجراءات محاكمة
الموقوفين الإسلاميين.
وتحتجز السلطات في البلاد مئات الشبان اللبنانيين، وآخرين من جنسيات مختلفة، إما لاتهامهم بارتكاب أفعال جرمية ضد الجيش، أو لتهديدهم
الأمن اللبناني، إضافة إلى تهم أخرى تتعلق بتكوين مجموعات مسلحة، بحسب التهم الموجهة إليهم.
ويشار إلى أن تهما أخرى وجهت إلى لبنانيين وأجانب؛ تتعلق بالانتماء لفصيل "إرهابي" في سوريا، بينما تقول مصادر
حقوقية إن اعتقالهم جاء على خلفية مشاركتهم في الثورة السورية.
وحول الاعتصامات المطالبة برفع المظلومية عن الموقوفين الإسلاميين؛ قال عضو هيئة علماء المسلمين في لبنان، الشيخ نبيل رحيم: "لا أعلم من ينظم هذه الاعتصامات، ولست على معرفة بإمكانية استمرارها من عدمه، لكن المؤكد هو المماطلات الحاصلة في
المحاكمات، وتحديدا في القضايا المتعلقة بالإسلاميين".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "هناك أفرادا قضوا خمس سنوات خلف القضبان قبل أن يصدر الحكم بحقهم بالسجن لسنتين، وهي المدة التي تقل كثيرا عن الفترة التي قضوها في محكوميتهم، وهناك موقوفون سجنوا لسبع سنوات قبل أن تصدر البراءة بحقهم، ولدينا العديد من النماذج المماثلة".
تدخل السياسة بالقضاء
وتابع رحيم: "للأسف ليس هناك قانون في لبنان يعوّض سنوات
الاعتقال التعسفي لمن تعرض له ظلما، فقد أهدر كثيرون سني عمرهم في فترة
إيقاف من غير أن يستحقوا ذلك إنسانيا وقانونيا".
وأمّل رحيم من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيس الحكومة سعد
الحريري "أن يعطيا كل ذي حق حقه عبر مؤسسات الدولة ومنها القضاء"، داعيا إلى رفع المظلومية عن الجميع مهما كانت توجهاتهم.
وعن تدخل السياسة في القضاء؛ قال رحيم إن "هناك تدخلا كبيرا جدا في القضاء من قبل السياسيين، وهناك ازدواجية في المعايير، وكأننا نعيش في صيف وشتاء تحت سقف واحد" بحسب تعبيره.
وأضاف: "هناك من يرتكب اعتداءات تصنف وفق القانون اللبناني على أنها إجرام، لكنهم مغطون سياسيا فلا يتم اعتقالهم أو استدعاؤهم، في حين تخضع مناطق لبنانية معينة إلى حملة تضييقات، وهي مستباحة تماما، وتجري الاعتقالات فيها لأبسط المخالفات القانونية".
ولفت رحيم الى أن تدخل السياسة في مؤسسات الدولة يتعدى "القضاء إلى الأجهزة اللبنانية الأمنية، وهذا أمر يضر بمشهدية الدولة التي تجمع كل اللبنانيين".
هل يأخذ القضاء مجراه؟
من جهته؛ دعا المنسق العام لتجمع اللجان والروابط الشعبية، معن بشور، إلى أن "يأخذ القضاء مجراه، فمن كان بريئا من أي تهمة جنائية؛ فليُحسم أمره، ويُخلى سبيله، ومن عليه محاكمة؛ فلتجرى له، ولينفذ ما يصدر بحقه".
ورأى أن "إبقاء الموقوفين لسنوات طويلة من دون محاكمة لا يليق بالقضاء اللبناني، ويعمق الأزمات الاجتماعية والنفسي بين اللبنانيين".
وعن نظرته للمؤسسات الرسمية في لبنان؛ قال بشور إن "هناك تعثرا في المؤسسات كافة، ولا نريد أن نحمل أحدا المسؤولية، وخصوصا في ما يخص الأمور المتعلقة بالقضاء"، موضحا أن "على القضاء أن يتحمل مسؤولياته، وعلى السلطة التنفيذية أن توفر للقضاء كل السبل والوسائل لإنجاز مهماته وواجباته بأسرع وقت ممكن؛ لأنه لا يجوز أن يبقى شخص واحد في
السجن إن لم يكن محكوما قضائيا".
وحول الوسائل المتاحة لدعم القضاء وعدالته في لبنان؛ قال بشور إن "قرارا من السلطة التنفيذية وكل المعنيين في شؤون البلد، وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية، بأن يرفعوا أيديهم عن القضاء؛ سيحل المشكلة"، معتبرا "أن المؤسسة القضائية قادرة على تحقيق قفزات مهمة، وسيصب ذلك في مشروع بناء الوطن، فالعدل أساس الملك".