أثار تفعيل قرار ما يسمى بالحاكم العسكري لمنطقة درنة وبن جواد، (شمال شرق
ليبيا)، عبد الرزاق الناظوري، بمنع سفر
النساء الليبيات دون سن الستين من غير محرم، جدلا واسعا وردود فعل غاضبة من قبل ناشطين ومنظمات مجتمع مدني.
وبدأت سلطات مطار الأبرق الدولي، أكبر مطارات شرق ليبيا، بتطبيق هذا القرار منذ أول أمس السبت، بعدما تسلمت التعليمات الصادرة عن الحاكم العسكري للمنطقة، والموالي للواء خليفة
حفتر.
من جانبه، أكد المركز الليبي للإعلام وحرية التعبير (مستقل)، أن "القرار يشكل انتهاكا صريحا لحقوق الإنسان وحقوق المرأة الليبية، ويؤدي إلى تضرّر شريحة كبيرة من أبناء الوطن"، مشيرا إلى أن "منع سفر المرأة بدون محرم تم إلغاؤه عام 2007، وإعادة إحياء هذا القرار يتنافى مع المبادئ المدنية للدولة، ويناقض التعاليم الإسلامية وقواعد حقوق الإنسان"، بحسب بيان للمركز الأحد.
مؤامرة وتجسس
من جهته، وصف اللواء عبد الرزاق الناظوري، وهو رئيس أركان قوات حفتر أيضا، ردود الفعل الغاضبة ضد القرار من قبل ناشطات ليبيات بأنها "مؤامرة ضد البلاد تقف وراءها جهات معينة"، قائلا إن "عددا من النساء الليبيات، خاصة الناشطات والسياسيات مخترقات من قبل منظمات دولية، ويقمن بنقل معلومات وتقارير عن قوات الجيش الليبي (يقصد قوات حفتر) تحت غطاء الاجتماعات التي تعقد للمرأة في تونس أو سويسرا وغيرها"، بحسب تصريحات تلفزيونية مساء الأحد.
واعتبر أن "أسباب صدور منع سفر النساء الليبيات دون سن الستين سنة إلى الخارج من غير محرم (جاء) للحفاظ على الأمن القومي الليبي"، حسب قوله.
وطرح القرار المثير للجدل، عدة تساؤلات حول دلالة القرار في هذا التوقيت؟ وهل هو مجرد زوبعة للتغطية على أمور عسكرية أخرى؟ وهل للتيار السلفي "المدخلي" المنتشر في الشرق الليبي يد في هذا القرار، خاصة أن أتباعه كانوا أول المرحبين به؟
تحالف عسكري - سلفي
من جهته، رأى الباحث الليبي في الجماعات الإسلامية، علي أبو زيد، أن "هذا القرار يأتي في سياق تحالف مشروع حفتر مع التيار المدخلي، فهو بهذا يؤكد على التمكين لهذا التيار على حساب التيارات المدنية التي ربما يكون لها طموح سياسي".
وأوضح أن "ممانعة هذا القرار لن تكون كبيرة؛ لأن البيئة الاجتماعية ستؤيده، إضافة إلى أن الخطاب الديني هناك سيدعمه، وتعتبر هذه جولة ثانية يخسرها التيار المدني في المنطقة الشرقية أمام التحالف العسكري المدخلي"، وفق قوله لـ"
عربي21".
ووصف رئيس منظمة ليبيا السلام (مستقلة)، محمد عبيد، في حديث لـ"
عربي21"، القرار بأنه "متسرع ولا أساس له"، مضيفا: "بخصوص تداعياته، فقد بدأت عبر صفحات التواصل الاجتماعي، وحجج اتخاذ هذا القرار من قبل الناظوري ضعيفة"، وتوقع أن "القرار لن يصمد طويلا".
اختبار
وقالت المحامية من مدينة درنة (شرق ليبيا)، ملاك سعد، لـ"
عربي21"، إن "حق المرأة في
السفر كفله لها القانون، وعندما يصدر قرار بمنعها بدون محرم، فهذا يعد إلغاء لكل ما اكتسبته المرأة الليبية من حقوق ناضلت من أجلها، ويعد أيضا طمسا لحقها كإنسان وإلغاء حق المواطنة لها"، على حد تعبيرها.
لكن الصحفي الليبي، عبد الله الكبير، رأى من جانبه؛ أن "القرار اختبار حقيقي لدعاة الدولة المدنية. فهل سيرفعون أصواتهم بالرفض والتنديد كما كانوا سيفعلون لو صدر هذا القرار من فصيل سياسي مختلف؟ أم أن الصمت سيد الموقف؟".
وأضاف لـ"
عربي21": "المبررات التي ساقها الناظوري لتبرير القرار؛ مضحكة، ولا أظنه سيتراجع عن قراره، كذلك سيصمت دعاة الدولة المدنية، كما صمتوا عن قرارات سابقة مخالفة لما يدعونه"، حسب تعبيره.
وقال رئيس منظمة التضامن لحقوق الانسان، جمعة العمامي، إن "القرار مخالف لمواد الإعلان الدستوري ولحق حرية التنقل، وكذلك المراجعات التي قامت بها دار الإفتاء الليبية لم تنص على تحريم سفر المرأة بدون محرم".
ورأى في حديث لـ"
عربي21"؛ أن "القرار مؤشر على العشوائية التي تعيشها هذه المؤسسات في الشرق الليبي، ويبدو أن التيار السلفي المتشدد لديه نفوذ في اتخاذ هذه القرارات، لكن أتوقع تدخل حفتر بالإلغاء لكسب بعض النقاط لصالحه"، كما قال.
قرار استخباراتي
وقال أمين عام حزب الجبهة الوطنية الليبي، عبد الله الرفادي، إن "ما حدث أمر استخباراتي بحت للتغطية على أحداث جارية في الشرق الليبي، وكذلك من أجل صرف نظر الناس عن الاحتفالات غير المسبوقة بالثورة الليبية، (17 شباط/ فبرير الجاري)".
وتوقع الرفادي، في حديث لـ"
عربي21"، أن "القرار سيلغيه حفتر قريبا ليضاف إلى رصيده البطولي المزعوم"، وفق قوله.