رغم أن قانون
البنك المركزي المصري، يضمن حماية أموال المودعين بالجهاز المصرفي، إلا أن القانون لا يمكنه ضمان المحافظة على قيمة هذه الودائع، خاصة مع تزايد العوامل الاقتصادية التي أثرت بشكل كبير على قيمتها خلال الفترة الماضية.
وتشير إحصائيات البنك المركزي إلى أن إجمالي الودائع لدى الجهاز المصرفي بخلاف "البنك المركزي" بلغ 2.224 تريليون جنيه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مقابل 2.202 تريليون جنيه في سبتمبر/أيلول.
ودفعت نسب أسعار "
التضخم" التي تواصل ارتفاعها في السوق المصرية منذ مطلع العام الماضي المستهلك إلى مزيد من الضغط على جهود المصريين في الادخار داخل البنوك.
وبحسب بيانات رسمية، شهد معدل الادخار من الناتج المحلي الإجمالي في مصر تراجعا من 13% في العام المالي 2010/ 2011 إلى 8% في العام المالي التالي و7.9% في العام المالي 2012/ 2013، و5.3% في العام المالي 2013/ 2014، وارتفع إلى 5.9% في العام المالي 2014/ 2015 ثم انخفض إلى 5.8% في العام المالي الماضي.
وكشفت المديرة العامة لإدارة الأرقام القياسية بالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، سعاد مصطفى، أن الأسعار في مصر زادت خلال شهر فبراير/شباط الماضي بمعدلات لم تصل لها البلاد منذ فترة الأربعينيات من القرن الماضي (أي منذ نحو 75 عاماً).
وقالت -بحسب "رويترز"- : "فتحنا سلاسل البيانات القديمة، ووجدنا أنه في الثمانينيات تجاوز معدل التضخم السنوي حاجز 30%، لكنه لم يتجاوز المعدل الحالي البالغ 31.7%، ولكن في الأربعينيات وصل معدل التضخم إلى 40%".
وتتوقع مصادر مصرية استمرار زيادة معدلات التضخم في الشهور القادمة خاصة مع اتجاه الحكومة نحو زيادة أسعار العديد من السلع مثل الكهرباء والبنزين والسولار والمياه والغاز، إضافة لزيادات متوقعة في السلع الأساسية مثل الأرز والزيوت والسكر، وزيادة ضريبة القيمة المضافة من 13% إلى 14%.
وقال الخبير الاقتصادي، هيثم المنياوي، إن ودائع المصريين في البنوك المصرية، تتعرض لتآكل كبير في قيمتها بسبب الانخفاض المتواصل لقيمة الجنية المصري أمام العملات الأجنبية خاصة بعد قرار "تعويمه"، والارتفاعات القياسية في معدلات التضخم، مع ثبات الأجور والمرتبات، وتثبيت
أسعار الفائدة على الإيداع.
وثبت البنك المركزي، خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية الأخير، أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، للمرة الثالثة، عند مستوى 14.75%، و15.75 % على التوالي بعد قيامه برفعها بـ 300 نقطة أساس في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ونصح المنياوي، في تصريحات خاصة لـ "
عربي21" المودعين باستثمار مدخراتهم خارج البنوك المصرية، للحفاظ على قيمتها من التآكل المستمر، لافتا إلى أن قيمة مدخرات المصريين تآكلت لأكثر من 17%، إذا ما تم حسابها على الفارق بين معدل التضخم والعائد على الودائع، حيث بلغ متوسط العائد بالبنوك نحو 14%، في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار السلع بمعدلات تفوق الـ 30%.
وقال الخبير الاقتصادي، ممدوح الولي، في تدوينة له عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "كل من يدخر أمواله في البنوك المصرية حاليا هو خاسر في الحقيقة".
وتابع: "لتبسيط الأمر: لنفرض أن لديك ألف جنيه مصري، قمت بوضعها في درج مكتب أو دولاب ملابس أو حتى تحت البلاطة، في بداية السنة، ثم قمت بإخراج هذا المبلغ من مكانه بنهاية السنة، فمن الطبيعي أنك ستجد المبلغ كما هو كما حفظته بنفس عدد الجنيهات.. إلا أن قيمته الشرائية بنفس مقدر الفرق بين نسبة العائد ونسبة التضخم".
وأضاف: "لا تخشى على فلوسك لأن البنك المركزي ضامن لأموال المودعين بكل البنوك، ولعل ما حدث مع أزمة بنك الاعتماد والتجارة وتصفية بنك مصر اكستريور والتجاريون والنيل وغيرهم، خير دليل على عدم تضرر مودع واحد رغم تصفية تلك البنوك".