نشرت مجلة "دير شبيغل" الألمانية تقريرا؛ تحدثت فيه عن الأزمة التي اندلعت بين
تركيا وهولندا، حيث أن كل طرف يمكنه الاستفادة من الخطاب التصعيدي لحصد الدعم الشعبي.
فهولندا تشهد يوم الأربعاء انتخابات برلمانية، وسط أجواء مشحونة ضد المهاجرين والمسلمين، فيما تستعد تركيا لإقامة استفتاء حول التعديلات الدستورية وسط علاقة متوترة مع
أوروبا منذ محاولة الانقلاب الفاشلة.
وقالت المجلة في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن كلا من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته، والمرشح في الانتخابات البرلمانية الهولندية خيرت فيلدرز، قد يكونون من أكبر المستفيدين من الأزمة التي اندلعت مؤخرا بين البلدين، حيث يستعد كل منهم لخوض معارك انتخابية.
وكانت الشرطة الهولندية قد منعت وزيرة الأسرة التركية فاطمة بتول سايان كايا من حضور اجتماع نظمته الجالية التركية في مدينة روتردام حول الاستفتاء الدستوري المزمع تنظيمه، كما منعت طائرة وزير الخارجية مولود أوغلو من الهبوط، وهو ما ولّد احتجاجات من المواطنين الذين تحدوا هذا المنع وهتفوا رافعين شعارات وطنية، في حين وصف الرئيس رجب طيب أردوغان السياسيين الهولنديين بأنهم أحفاد النازية. أما خيرت فيلدرز، فقد كان موقفه الأكثر تطرفا، حيث حرض عبر تغريدة له على "تويتر" المواطنين على التظاهر أمام السفارة التركية لقطع العلاقات
الدبلوماسية مع أنقرة.
وأفادت المجلة أن هذه الأزمة قد تكون مفيدة لكلا الزعيمين، بالإضافة إلى المرشح المتطرف صاحب قصة "الشعر الغريبة".
وتقول المجلة إن أردوغان ظهر خلال هذه الأزمة في ثوب الرجل القوي الذي يتمتع بنفوذ خارجي قوي، كما ظهر مارك روته في صورة الحامي للبلاد من التدخلات الأجنبية. في المقابل، يمكن لفيلدرز استغلال الاحتجاجات التي تشهدها البلاد ضد الأجانب لخدمة أجندته الانتخابية القائمة على التحريض ضد الأجانب والمسلمين.
وأضافت المجلة أن التوتر القائم بين البلدين قد يتصاعد خلال الفترة القادمة، وذلك على خلفية تصريحات السفير الهولندي بأنقرة، الذي أكد أن رجب طيب أردوغان هو شخص غير مرحب به في
هولندا، وهو ما قد ينتج عنه مضايقات واستفزازات لمئات الآلاف من ذوي الأصول التركية المقيمين في هولندا من قبل الهولنديين.
وأكدت المجلة أن ما حدث ساهم في ارتفاع منسوب الخطاب الشعبوي في هولندا، الذي يتبناه المرشح خيرت فيلدرز، والذي يدعو لقطع جميع العلاقات بين الدولتين العضوتين في حلف الناتو. كما دعا أيضا لترحيل المشاركين في الاحتجاجات أمام القنصلية التركية في هولندا، حتى أولئك الذين يحملون جوازات سفر هولندية، وذلك في اعتداء واضح على حقوق الإنسان، فالأمر لم يتجاوز المشاركة في مسيرة غير مرخصة، وبالتالي فإنه من غير المنطقي تسليط مثل هذه الإجراءات الانتقامية، كما تقول المجلة.
وأشارت المجلة إلى أن هولندا تستعد لإقامة الانتخابات البرلمانية يوم الأربعاء القادم. ومن بين الخيارات المطروحة أمام الناخبين، يوجد حزب الحرية الذي يقوده فيلدرز، والذي يعتبر الحزب الأقوى في البلاد والأقرب للفوز بحسب استطلاعات الرأي.
من جانب آخر، يمكن للناخبين اختيار أحد أحزاب الوسط، وهم سياسيون أقوياء لا يسعون خلف الفضائح، بقدرما يسعون لإيجاد حلول وسط. وتجدر الإشارة إلى أن هؤلاء السياسيين لطالما دعوا إلى إيجاد حلول قائمة على المبادئ والأخلاق السياسية، وعدم الاكتفاء بإطلاق الشتائم عبر التغريدات موقع تويتر كما يفعل الشعبويون. كما ارتكزت الحملة الانتخابية لأحزاب الوسط على أهمية التعايش السلمي والعدالة الاجتماعية والتسامح.
وتساءلت المجلة حول ما تغير في هولندا التي لطالما كانت أرضا للتسامح والتقاء الحضارات المختلفة، ما جعلها دولة قوية. لذلك يبقى السؤال المطروح هو كيف يمكن لبعض السياسيين المتطرفين على غرار فيلدرز وضع كل هذه التقاليد الديمقراطية على المحك عبر تبني برنامج شعبوي متطرف؟
وبيّنت المجلة أن أفضل مثال على ما يمكن أن يسببه التطرف، هو بقاء فيلدرز تحت الحماية الأمنية الشخصية لمدة 12 سنة، بسبب عدائه الشديد للإسلام وخطابة التحريضي. فالشرطة تقوم بحراسته على مدار الساعة بسبب التهديدات بالقتل التي يتلقاها باستمرار، "وهو ما يمكن أن يجعلك تشعر بالشفقة تجاه الرجل، ولكن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يجعلك تصوت له"، بحسب تعبير المجلة.