نشرت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية تقريرا؛ سلطت من خلاله الضوء على الإصلاحات الاقتصادية التي تشهدها
مصر، منذ تشرين الثاني/ نوفمبر، وعن الصعوبات التي تمر بها حكومة عبد الفتاح
السيسي والظروف الاقتصادية المتدهورة التي تهدد استقرار البلاد.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الاحتجاجات التي اندلعت في مختلف أنحاء البلاد، خلال الأسبوع الماضي، تعكس مدى غضب الشعب ومعارضته لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، حيث أن إعلان الحكومة عن الحد من حصص الخبز المدعم، يؤثر سلبا على سكان المناطق المهمشة في مصر.
وبينت الصحيفة أن الحكومة أكدت أن الإصلاحات الجارية بخصوص نظام الحصص تعد بمثابة تدبير ضروري لمكافحة الفساد، وليست لها أية علاقة بتقليص نصيب الفرد من الخبز المدعّم. وفي هذا الإطار، صرح أحد الوزراء بأن العديد من الخبازين قد جنوا أموالا طائلة على حساب الفقراء، مؤكدا أن مشكلة النقص في صرف حصص الخبز ستحل قريبا.
ولفتت الصحيفة إلى أن حوالي 70 مليون مصري لهم الحق في الحصول على حصص الخبز، فكل عائلة مصرية لديها بطاقة تمكنها من الحصول على خمسة أرغفة لكل فرد من أفرادها، يوميا. ويتم ذلك وفقا لأسعارتتكفل الدولة بسداد نسبة هامة منها للخبازين. لكن الحكومة تقول إنه ثبت مؤخرا أن الخبازين يبيعون الخبز في السوق السوداء وبكميات كبيرة، بدلا من توزيعها على مستحقيها.
وأوضحت الصحيفة، وفقا لمجموعة من خبراء الاقتصاد، أن الدولة لا يمكنها الحفاظ على مستوى الدعم المعمول به حتى الآن. وستكون السنة الحالية حاسمة وصعبة بالنسبة لمصر، نظرا لأن الرابط الهش الضامن للاستقرار البلاد أصبح مهددا بالانكسار، وذلك يعزى إلى التقليص من حصص الخبز المدعم.
وفي هذا السياق، يؤكد العديد من خبراء الاقتصاد أن المؤشرات الاقتصادية للبلاد سوف تتحسن، في حال تمكنت الحكومة من التخفيف في حدة التوترات الاجتماعية في البلاد.
وذكرت الصحيفة أن نسق الاحتجاجات في تزايد ملحوظ نظرا للعديد من الأسباب الأخرى، لعل أهمها ارتفاع الأسعار. فعلى سبيل المثال، بلغ سعر الكيلو غرام الواحد من اللحم، قبل بضعة أشهر، العشرات من الجنيهات. ومؤخرا شهد سعر اللحم ارتفاعا مفاجئا ليصل سعر للكيلو غرام الواحد إلى مائة جنيه.
وأوردت الصحيفة أنه في الوقت الراهن؛ تعتبر الطبقة الفقيرة من أكثر الفئات تضررا بسبب تحرير العملة في مصر. في المقابل، أخذ مستوى الاقتصاد الكلي واحتياطي النقد الأجنبي، الذي واجه تدهورا كبيرا إلى حدود تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، يتعافى شيئا فشيئا.
وذكّرت الصحيفة بأن قرار الحد من الدعم، الذي صدر سنة 1977، قد تسبب في اندلاع موجات كبيرة من الاحتجاجات التي أودت بحياة العشرات من المصريين. وعلى خلفية ذلك، اضطرت الحكومة، في نهاية المطاف، إلى إعادة النظر في الإصلاحات التي قامت بها لاستعادة الاستقرار والهدوء في البلاد. ومن المتوقع أن يتكرر السيناريو نفسه هذه المرة، نظرا للوضع الحالي الذي تمر به البلاد.
وأوردت الصحيفة أن التضخم المالي أصبح يثير القلق. فالأرقام الأخيرة لشهر شباط/ فبراير، تشير إلى أن معدل التضخم المالي السنوي لمصر بلغ حوالي 31.7 في المئة.
وكانت حكومة السيسي قد حررت الجنيه وقلصت الدعم على المحروقات في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، لتتمكن من الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي تبلغ قيمته 12 مليار دولار.
وذكرت الصحيفة أن الإصلاحات الاقتصادية في البلاد كانت بطلب من صندوق النقد الدولي، ولم يكن لدى السيسي في هذه الحالة مجال للمناورة؛ نظرا لأن المشاكل السياسية مع المملكة العربية السعودية قد بلغت أوجها. فضلا عن ذلك، لم تعد القاهرة قادرة على طلب المزيد من المساعدات من البلدان النفطية.
وأشارت الصحيفة إلى أن قيمة الجنيه قد انخفضت بأكثر من 50 في المئة مقابل الدولار، منذ تشرين الثاني/ نوفمبر. ومن المرجح أن تكون لذلك عواقب وخيمة، خاصة إذا لم تتمكن الحكومة من السيطرة على موجة السخط الاجتماعي.
وتجدر الإشارة إلى أن التضخم المالي الذي تعاني منه البلاد في الوقت الحالي هو الأعلى من نوعه منذ أزمة سنتي 1986 و1987.
وتحدثت الصحيفة عن غلاء أسعار المواد الغذائية في الآونة الأخيرة، التي ارتفعت بنسبة 41.7 في المئة مقارنة بالعام الماضي، كما هو الشأن بالنسبة لأسعار الدجاج التي ارتفعت بنسبة 34.6 في المئة. وإن دل ذلك على شيء فهو يدل على أن وضع حكومة السيسي سيزداد تأزما ما لم تتمكن من السيطرة على الوضع الاقتصادي في أقرب وقت ممكن.
وقالت الصحيفة إن نفوذ مصر السياسي ضروري للحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط، وهو ما يجعل مكانتها في المنطقة مختلفة عن بقية الدول العربية الأخرى. ولكن، تدهور الأوضاع في البلاد وهشاشة اقتصادها سوف يهدد استقرارها الداخلي.