تبدو الولايات المتحدة الأمريكية أكثر استعجالا للظفر بحسم عسكري سريع يمكّنها من انتزاع مدينة الرقة من سيطرة
تنظيم الدولة، خلافا لتخطيطها العسكري المتروي المعهود منذ اندلاع الثورة السورية.
وتأتي المؤشرات التي تدلل على التسرع الأمريكي؛ أولا بزيادة الغارات الجوية التي تستهدف مناطق سيطرة التنظيم، والتي خلفت أعدادا كبيرة من الضحايا في صفوف المدنيين، فيما يتجلى المؤشر الثاني بتنفيذ قواتها وقوات سوريا الديمقراطية، التي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري، إنزالا جويا الأربعاء الماضي، قرب مدينة الطبقة غربي الرقة، بهدف قطع طريق حلب الرقة، والسيطرة على سد الفرات.
ويعزو الصحفي نجم الدين النجم، من مدينة الرقة، تسارع وتيرة المعارك في الرقة، إلى "تأخر الإدارة الأمريكية في تنفيذ مشروعها المعتمد بشكل مسبق، الهادف إلى خلق منطقة نفوذ لها في الشمال السوري"، مشيرا في حديث لـ"
عربي21"، إلى قلق الولايات المتحدة من تصاعد النفوذ الروسي، الذي يعيق تنفيذ مشروعها بشكل مباشر أو غير مباشر، وفق تقديره.
ويعني حضور الولايات المتحدة في محيط الرقة، معقل التنظيم في سوريا، وبهذه الكثافة، تزاحما أمريكيا روسيا في المنطقة، وفق رؤية النجم، مشيرا في هذا الجانب إلى أن هدف الإنزال الجوي هو قطع طريق الرقة على قوات نظام الأسد ومن خلفها روسيا.
وقال: "تسعى الولايات المتحدة إلى فرض الفيدرالية في سوريا على غرار إقليم كردستان، ومن ثم ربطه بمناطق نفوذها في العراق بأخرى مشابهة تنوي تشييدها في الشمال السوري بشكل منفرد، تستغني من خلالها عن مواقعها العسكرية في بعض مناطق الجنوب التركي، ووضع قدم جديدة في الشرق الأوسط الذي تركه الرئيس السابق أوباما إلى الإيرانيين والروس"، على حد قوله.
وما يراه النجم "تزاحما" بين الولايات المتحدة وروسيا على الرقة، يراه المراقب السياسي هديب شحادة من مدينة الرقة، "تفاهما من القوى الدولية على تقسيم مناطق النفوذ".
ويوضح شحادة ذلك قائلا: "إن الولايات المتحدة تحالفت مع ميلشيات حزب الاتحاد الديمقراطي لضرب التنظيم في الرقة، ونرى في المقلب الآخر أن هذه الميليشيات متحالفة أيضا مع النظام وروسيا، والحال هذا يدلل على اتفاق".
وقال إن منطقتي الجزيرة والفرات هي مناطق من حصة الولايات المتحدة، والأخيرة تريد زرع حلفاء لها في منطقتها، ووقع الاختيار على ما يسمى بـ"قوات سوريا الديمقراطية".
وفي تفسيره للمجارز التي ارتكبتها مقاتلات التحالف في الطبقة والمنصورة، أوضح شحادة أن ارتكابها يدلل على غياب الهدف الاستراتيجي لدى الولايات المتحدة، التي تتعمد ترويع المدنيين بهدف تطويع المنطقة، محذرا من "مجازر" في الرقة، مشابهة لتلك التي يتعرض لها أهالي مدينة الموصل، وفق قوله لـ"
عربي21".
التحالف القاتل
في غضون ذلك، أطلق نشطاء عريضة إلكترونية على موقع منظمة "آفاز"، حمّلوا فيها قوات
التحالف الدولي، وذراعها العسكري في سوريا المتمثل بقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وطالبوا من خلالها بوقف قصف المدنيين في الرقة.
وأعلن الناشطون الذين وقّعوا على العريضة، التي جاءت تحت مسمى "التحالف القاتل"، عن البدء بتشكيل هيئة حقوقية للمرافعة ضد انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها قوات التحالف، التي قتلت 300 مدني خلال يومين فقط.
تجدر الإشارة إلى أن التحالف الدولي كان قد أعلن في وقت سابق عن نيته التحقيق في تقارير؛ تحدثت عن تسبب الغارات التي يشنها على مواقع ضد تنظيم الدولة في مدينة الرقة بسقوط عشرات القتلى في صفوف المدنيين، وقبل ذلك في قصف على مسجد بريف حلب الغربي.