أثارت تصريحات للرئيس الموريتاني، محمد
ولد عبد العزيز، جدلا واسعا، وأغضبت الشعراء والأدباء في
موريتانيا التي تلقب بأرض "المليون شاعر".
وكان ولد عبد العزيز قد وجّه، خلال مقابلة تلفزيونية قبل أيام، انتقادات حادة للمنظومة
التعليمية في البلد في فترة ما قبل توليه الحكم، معتبرا أن الجامعات والمدارس كانت تخرج الشعراء والأدباء فقط، لا المهندسين وأصحاب التخصصات العلمية.
وأضاف ولد عبد العزيز في تصريحاته: "منظومتنا التعليمية كانت حتى وقت قريب تخرج أكثر ما تخرِّج ذوي التخصصات
الأدبية والعلوم الإنسانية وعلوم
الشعر".
وفهم التصريح على أنه إساءة للشعراء الموريتانيين، خصوصا أنها المرة الثانية التي يتحدث فيها الرئيس ولد عبد العزيز بما يفهم منه التهكم، عن كثرة أعداد الشعراء في البلد، كما يقول منتقدوه.
وبدأ الجدل على صفحات التواصل الاجتماعي بتدوينة للشاعر والسينمائي، محمد ولد إدمو، قال فيها إنه لن يسكت على ما سماها "السخرية من الشعر والأدب والعلوم الإنسانية"، حتى وإن كانت هذه السخرية صادرة من رئيس الجمهورية.
وعلق عبر صفحته على "فيسبوك": "لن أواجه السخرية والإهانة والتهكم بالصمت، لم يخلق شيطان شعري ليكون أخرس.. بلغوا عني رئيسنا المبجل أنني أحترمه كثيرا، ولكنني أحترم الشعر أكثر".
وسرعان ما انتشر الموضوع وتفاعل بشكل كبير على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وبادر عدد كبير من الشعراء بكتابة قصائد تنتقد تصريحات الرئيس.
حالة غضب انفجرت أخيرا
من جانبه، قال الشاعر الموريتاني، مولاي عبد الله ولد مولاي أحمد، إن ما سماه "تكرار الإساءة والاستهزاء علنا من الرئيس بتخصصات العلوم الإنسانية وبالشعر والشعراء؛ غير مبرر".
ولفت في حديث لـ"
عربي21"؛ إلى أن "هذا الموقف من رجل يفترض أنه رئيس لجميع الشعب، بشعرائه وأدبائه ومهندسيه وأطبائه، خلق مع الزمن حالة غضب متراكمة انفجرت أخيرا في شكل قصائد، خاصة بعد بيان مشين أصدره اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين؛ يتبرأ فيه من شاعر كتب على صفحته عتابا على الرئيس في هذه النقطة".
وأضاف: "شخصيا، اقترحت أن يكتب الشعراء قصيدة ملحمية مشتركة تذكر الرئيس بفداحة التمادي في الخطأ، وقد تفاعل بعض الشعراء مع الفكرة، أو بالأحرى تفاعلت أنا مع ما كتب بعضهم قبلي".
وأشار إلى أنه "ليس مهما أن يغير الرئيس رأيه في الشعراء أو أصحاب التخصصات الإنسانية، فهم ليسوا بحاجة إلى أن يُعجب بهم، لكن المهم أن يغير طريقة تعبيره عن رأيه. ولعل ما حدث يكون منبها للرجل على ذلك"، كما قال.
اتحاد الأدباء ينأى بنفسه
ومع تصاعد حدة الأزمة بين الشعراء ورئيس الجمهورية، أصدر اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين، بيانا تبرأ فيه من أعضائه ممن هاجموا الرئيس ولد عبد العزيز، شعرا ونثرا، على خلفية تصريحاته الأخيرة.
ووصف اتحاد الأدباء، في بيان وصلت "
عربي21" نسخة منه، نفسه بأنه "هيئة أدبية ثقافية لا علاقة لها بالسياسة وتجاذباتها، إذ تحتضن كل المشارب وتحترمها دون التدخل في الالتزامات والآراء السياسية الشخصية للأعضاء، وبالتالي فإن أي موقف يتبناه شخص ينتسب للاتحاد في أي موضوع سياسي وطني أو شخصي لا يلزم إلا صاحبه"، وفق البيان.
لكن الرد جاء سريعا أيضا من بعض الكتاب والشعراء، إذ دون الشاعر أدي ولد آدب قائلا: "الحمد لله أنني لا أنتمي لمن يدير خده الأيسر لمن صفع خده الأيمن"، في إشارة إلى عدم انتمائه لاتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين.
أما الشاعر والإعلامي، الشيخ ولد سيدي عبد الله، فقد كتب على صفحته في "فيسبوك"، معلقا على بيان اتحاد الأدباء، بالقول: "فضيحة.. كان الصمت أبلغ.. بيان يصب الملح على جراح أهل الأدب"، على حد تعبيره.