يبدو أن الملف الكردي في
العراق يشهد سخونة غير مسبوقة، وذلك بعد رفع علم إقليم
كردستان على مجلس محافظة
كركوك، ودعوة حزبين كرديين لإجراء استفتاء حول
الانفصال عن العراق.
انفصال
فقد قرر الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني، الأحد، تشكيل لجنة مشتركة لمناقشة تحديد موعد لإجراء استفتاء غير ملزم لانفصال إقليم شمالي العراق، عن الحكومة المركزية في بغداد.
جاء القرار في أعقاب اجتماع بأربيل، عقد الأحد، بين المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارازاني، والاتحاد الوطني الكردستاني (مركزه مدينة السليمانية/شمال)، وهما الحزبان الرئيسيان شمالي العراق.
وقال الحزبان في بيان مشترك، إن "الجانبين قررا مناقشة موضوع الاستفتاء عبر لجنة مشتركة مع الأطراف السياسية والقوميات الأخرى كافة في إقليم كردستان؛ من أجل تحديد موعد وآلية تنفيذ الاستفتاء".
كما "دافع الحزبان عن قرار مجلس محافظة كركوك برفع علم الإقليم، إلى جانب العلم العراقي فوق المؤسسات الرسمية في المحافظة المتنازع عليها بين الجانبين".
وقال البيان، "مثلما يحق للحكومة العراقية رفع علمها في كركوك يحق للإقليم رفع علمه؛ لأن الدستور العراقي لم يشر بشكل صريح وواضح في هذه المسألة إلى كركوك والمناطق المتنازع عليها الأخرى"، معتبرا أن "رفع العلم الكردستاني في كركوك قانوني ودستوري".
ووفق البيان أكد الجانبان أيضا، "وحدة الموقف للإسراع في حل المشاكل السياسية والقانونية والاقتصادية والتعاون لإزالة المعوقات التي تعترض طريق مواطني إقليم كردستان بشكل عام، وحكومة الإقليم بشكل خاص بهدف السيطرة على الأزمات".
رفض
من جانب آخر أعلن محافظ كركوك نجم الدين كريم، الأحد، رفض استجابة الإدارة المحلية بالمحافظة لقرار البرلمان العراقي بإنزال علم إقليم الإدارة الكردية من على المؤسسات الرسمية في كركوك (شمالي البلاد).
ويأتي إعلان المحافظ، الأحد، داعما لرفض المجلس المحلي للمحافظة، السبت، الاستجابة لقرار البرلمان.
وصوّت البرلمان العراقي في العاصمة بغداد، السبت، خلال جلسة شهدت انسحاب النواب الأكراد، لصالح قرار يقضي بإنزال علم الإقليم الكردي في محافظة كركوك والاكتفاء بالعلم العراقي فقط.
وقال المحافظ في مؤتمر صحفي، إن "تصويت مجلس النواب غير قانوني. هناك ضوابط يجب مراعاتها قبل التصويت ومنها إحالة المشروع للجان المختصة، ومن ثم عرضه لقراءة أولى وثانية ومن ثم التصويت عليه".
وأضاف: "نحن غير ملزمين في كركوك بتصويت مجلس النواب (البرلمان) كونه قرارا مخالفا للدستور. الدستور العراقي لايوجد فيه شيء يعارض رفع علم كردستان في كركوك؛ كونها من المناطق المتنازع عليها".
وتابع كريم: "حتى لو كانت جلسة مجلس النواب دستورية وقانونية، فنحن لا نلتزم بالقرار لأننا نعده مخالفا للدستور".
وأوضح أن "الدستور ينص في حال وجود خلاف بين الحكومة المركزية (بغداد) والمحافظة (الإقليم الكردي)، فالقرار يكون لصالح الإقليم".
وقال المحافظ: "علم الإقليم لن ينزل من على المؤسسات الرسمية في المحافظة".
وأصدر مجلس المحافظة قرارا برفع علم الإقليم، الأسبوع الماضي، رغم تحذير بعثة الأمم المتحدة بالعراق (يونامي)، من اتخاذ تلك الخطوة، كونها "تهدد التعايش السلمي بين المجموعات الدينية والإثنية" في كركوك، التي تضم خليطا من القوميات من الأكراد والتركمان والعرب.
كما شهدت كركوك الأربعاء الماضي، خروج تظاهرة للمكون
التركماني تندد بقرار مجلس المحافظة.
وتنص المادة 140 من الدستور العراقي على تطبيع الأوضاع في محافظة كركوك ومناطق أخرى متنازع عليها في نينوى وصلاح الدين (شمال) وديالى (شرق)، ومن ثم إحصاء عدد السكان الذين سيقررون في الخطوة الأخيرة تحديد مصير مناطقهم بالإبقاء عليها تابعة لبغداد أو الانضمام للإقليم الكردي.
وكان من المقرر الانتهاء من مراحل تنفيذ المادة حتى نهاية 2007 لكن المشاكل الأمنية والسياسية حالت دون ذلك.
وتسيطر البيشمركة (القوات المسلحة للإقليم الكردي) على كركوك، باستثناء جيب جنوب غربي المحافظة لا يزال في قبضة تنظيم الدولة منذ فرار الجيش العراقي من المحافظة، عقب اجتياح التنظيم شمال وغربي العراق في صيف 2014.
احتجاج
على الجانب الآخر نظم اتحاد جميعات "توركمن إيلي" العراقية، والذراع الشبابي لحزب الوحدة الكبرى التركي، مظاهرة أمام القنصلية العراقية في اسطنبول، احتجاجا على رفع علم الإقليم الكردي على المباني الرسمية في محافظة كركوك.
ورفعت مجموعة من المتظاهرين علم تركمان العراق، وهتفوا رافضين للخطوة "أحادية الجانب".
وفي كلمة له خلال المظاهرة شدد "أيدن بياتلي" رئيس الاتحاد على أن رفع علم الإقليم الكردي في العراق على مباني كركوك "دون التشاور مع التركمان والعرب، يعد تجاهلا للدستور العراقي، وعدم اعتراف بالحكومة المركزية".
وشدد بياتلي على أن "تركمان العراق ليس لديهم مشاكل مع أكراد البلاد، وكلا المكونين تعرضا لظلم ومجازر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين".
ولفت إلى أن "استخدام أساليب صدام حسين مع التركمان، أمر لا يليق بالأخوة ولا يحل المشكلة في كركوك، في وقت يتوجب فيه تعايش الأطراف العراقية بألفة".
وفي سياق متصل، نظمت جمعية "طوران أوجاقلاري" في اسطنبول، وقفة في شارع الاستقلال باسطنبول، للتعبير عن رفضهم لرفع علم الإقليم الكردي على المباني الرسمية في كركوك.