نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا لمراسلتها في
مصر بيل ترو، تنقل فيه قصة مقتل طبيب بيطري قبطي في العريش.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن مسلحين من
تنظيم الدولة اقتربا من هدفهما، بهجت زخار، وأجبراه أن يجثو على ركبتيه، وقد وضع أحدهما فوهة بندقيته على خده، وقالا له: "تب أيها الكافر، أسلم تسلم"، فهز الرجل رأسه، بحسب ما قال شهود عيان لعائلته بعد ذلك، فأطلقا عليه النار وذهبا.
وتنقل الكاتبة عن أرملة الطبيب فوزية من الإسماعيلية، حيث هي وطفلاها فارون من تنظيم الدولة، قولها: "لم يركضا حتى" بعد قتل زوجها، بل سارا بهدوء منسحبين من مسرح الجريمة.
وتذكر الصحيفة أن عائلتها كانت من بين 300 عائلة مسيحية فرت من شبه الجزيرة، التي امتلأت بالعنف في شباط / فبراير، بعد قيام المتطرفين بقتل ثمانية أقباط، بينهم زوجها، خلال أقل من أسبوعين، وكانت تلك أسوأ موجة عنف تصيب المجتمع القبطي في شمال سيناء، وهي منطقة يدعي الرئيس المصري عبد الفتاح
السيسي أنه يحرز فيها تقدما في حربه على الإرهاب.
ويلفت التقرير إلى أن الرئيس السيسي، الذي وصل إلى سدة الحكم عن طريق انقلاب عسكري عنيف عام 2013، طار الليلة الماضية إلى واشنطن للقاء الرئيس
ترامب في أول رحلة له لزيارة البيت الأبيض، ويؤمل من هذه الزيارة أن يعيد العلاقات بين مصر وأمريكا إلى سابق عهدها، حيث كان البلدان حليفين تاريخيين قبل أن تدير أمريكا ظهرها لحسني مبارك لصالح التحرك نحو الديمقراطية خلال الربيع العربي.
وتكشف ترو عن أن كلا من ترامب والسيسي سيقومان بمناقشة موضوع القضاء على تنظيم الدولة، حيث مدح المسؤولون الأمريكيون قيادة الرئيس المصري، ووصفوا مصر بأنها إحدى ركائز الاستقرار في المنطقة.
وتستدرك الصحيفة بأن اضطهاد
الأقباط المصريين يقوض هذا الادعاء، فالمتطرفان في العريش لم يستخدما سيارة، وتقول فوزية: "لم يكونا خائفين من الاعتقال من قوات الأمن.. كانا واثقين تماما، وقتلا زوجي في وضح النهار وانصرفا".
وينوه التقرير إلى أنه خلال أيام وصل ابنها ماروس، البالغ من العمر 17 عاما، اتصال هاتفي من تنظيم الدولة، يقول له إنه التالي، وقامت المجموعة التي تسمي نفسها ولاية سيناء منذ عام 2014 بإعداد قائمة مؤلفة من 40 اسما مستهدفا، ونشرتها في البلدة، لافتا إلى أنه بسبب عدم توفر الحماية من قوات الأمن، فإن فوزية وعدة مئات من الأقباط قاموا بحزم أمتعتهم والفرار، حيث أنهم بعد شهر لا يزالون خائفين، وتقول فوزية: "يمكن أن يأتوا لقتل ابني في أي لحظة".
وتفيد الكاتبة بأن تلك الاغتيالات جاءت بعد التفجير الانتحاري بالقرب من الكاثدرائية القبطية الرئيسية في القاهرة، الذي كان الهجوم الأكثر فتكا ضد الـ9 ملايين مسيحي مصري في الذاكرة الحية، وتسبب التفجير، الذي أعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عنه، بمقتل 29 شخصا، معظمهم من النساء والأطفال، خلال صلاة الأحدـ مشيرة إلى أن تنظيم الدولة أعلن في العام الذي سبق ذلك عن مسؤوليته عن إسقاط طائرة مدنية روسية فوق سيناء، قتل كل من كان على متنها، ويبلغ عددهم 224.
وبحسب الصحيفة، فإن هذه الهجمات طرحت أسئلة حول مدى نجاح استراتيجيات السيسي ضد الإرهاب، حيث يتوقع منه خلال زيارته إلى واشنطن التوضيح أن من مصلحة أمريكا دعم الجيش المصري، ودعم الاقتصاد المصري لتواجه مصر التمرد في سيناء.
ويورد التقرير أن إدارة ترامب، المعجبة بموقف السيسي الحازم من الإرهاب، ألمحت إلى استعدادها لإسقاط شرط الحفاظ على حقوق الإنسان عن مساعداتها العسكرية، البالغة 1.3 مليار دولار في العام.
وتنقل ترو عن المسيحيين الذين فروا من شمال سيناء، قولهم بأن الشرطة والجيش عاجزان عن التدخل، حيث طغت عليهما تكتيكات حرب العصابات، التي يتبعها تنظيم الدولة، الذي يحكم شبه الجزيرة تقريبا، منوهة أن تنظيم الدولة أظهر فيديو الأسبوع الماضي يظهر أن مقاتليه شكلوا قوة شرطة لفرض قوانينه.
وتورد الصحيفة نقلا عن ماجدة (52 عاما)، قولها إن زوجها ماسيك، وعمره 58 عاما، قتل من عناصر التنظيم في أيار/ مايو العام الماضي، بين حاجزين رسميين للجيش، وتضيف: "قوات الأمن تقوم بما تستطيع، لكن ذلك لا يكفي، فهي مستهدفة بالمقدار ذاته، وتخاف من التدخل"، مشيرة إلى أن ماجدة مثل فوزية، فرت من العريش، وتعيش هي وأولادها الثلاثة، وهم على قائمة أهداف تنظيم الدولة، في شقة ينامون على الأرض.
وتقول ماجدة للصحيفة: "عندما تنفجر قنبلة في العريش وندعو الشرطة للحضور فإنه في الغالب يكون هناك كمين ينتظرهم، حيث يظهر المتطرفون من المجهول، إنها منطقة حرب، وكلنا مستهدفون".
ويستدرك التقرير بأنه بالرغم من توجيه التهديد لابنها الأكبر أكثر من مرة من المتطرفين، حيث لا يوجد مكان لهم يعيشون فيه، فإنه لا خيار أمامهم إلا العودة إلى العريش، لافتا إلى أن جورج (52 عاما) وزوجته صابرين (53 عاما) في وضع مشابه، بالرغم من إخبارهم بأنهم على قائمة الاستهداف، وقد قتل الإرهابيون ثلاثة من اصدقائهم.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه تم إخبارهما بأنه قد يكون عليهما مغادرة سكنهما المؤقت قريبا، ويقول جورج: "لا نشعر بأمان هنا، تنظيم الدولة يعرف أين نحن بالضبط، وقوات الأمن تعاني حتى أكثر منا: إنهم يذبحون".