استغل شيخ
الأزهر، أحمد الطيب، زيارة بابا الفاتيكان فرانسيس الثاني للقاهرة، الجمعة، للرد على الهجوم الشرس الذي يشنه نظام قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي على الأزهر.
ويقول مراقبون إن شيخ الأزهر نجح في تأكيد زعامته الدولية عبر مؤتمر الأزهر العالمي للسلام الذي بدأ فعالياته الخميس، بمشاركة قادة ورموز سياسية ودينية من جميع أنحاء العالم، ويختتم فعالياته الجمعة بمشاركة بابا الفاتيكان.
وعقب تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية هذا الشهر، شنت وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب؛ هجمة شرسة على الأزهر، وحملته مسؤولية نشر التطرف في البلاد وطالبت بتغيير المناهج التي تدرس داخله.
كما تقدم النائب البرلماني محمد أبو حامد، المؤيد للسيسي، بمشروع قانون جديد يتيح لرئيس الجمهورية عزل شيخ الأزهر، كما يقضي بغلق غالبية المعاهد والكليات التابعة للأزهر، وتقليص أعداد الدارسين فيها في مختلف المراحل التعليمية بشكل كبير.
"رأسا برأس"
ويرى مراقبون أن الأزهر يسعى لترسيخ مكانته العالمية سياسيا ودينيا باعتباره أهم مؤسسة إسلامية سنية، ليعادل بذلك الضغوط التي يتعرض لها في الفترة الأخيرة من نظام السيسي، ويرسل رسالة واضحة للنظام وأنصاره مفادها أنه إذا كنتم تهاجمون الأزهر وتوجهون له الإهانات، فإن العالم كله يحترمه ويوقره ويتعامل مع شيخ الأزهر باعتباره زعيما للعالم الإسلامي متساويا في القدر والمقام مع بابا الفاتيكان.
وخلال الجلسة الختامية للمؤتمر، التي عقدت عصر الجمعة، حرص الطيب على أن يظهر متساويا مع بابا الفاتيكان فجلس الرجلان فقط على المنصة الرئيسية على مقعدين متماثلين، ليؤكد للعالم أنهما يقفان رأسا برأس ـ فشيخ الأزهر يمثل المرجعية الأولى للمسلمين على مستوى العالم كما يمثل الفاتيكان مرجعية المسيحيين".
ويسعى الأزهر لإبراز هذه المفارقة، ففي الوقت الذي يهاجم في الأزهر بالداخل ويتهمه النظام بأنه مسؤول عن الإرهاب والتطرف في البلاد بسبب المناهج التي يدرسها، فإن العالم يعترف بالدور والجهود التي يبذلها أحمد الطيب شيخ الأزهر من أجل نشر السلام العالمي!
وفي كلمته أمام المؤتمر، قال شيخ الأزهر إن السياسات الظالمة والاحتلال واغتصاب الحقوق هي الأسباب الرئيسية وراء انتشار ظاهرة العنف والتطرف في العالم، مؤكدا براءة جميع الأديان من الإرهاب.
ورفض شيخ الأزهر الاتهامات الموجهة للإسلام بأنه مسؤول عن انتشار الإرهاب، متسائلا: "هل يمكن أن ننسب المذابح التي ارتكبها مسيحيون ويهود على مر العصور هي الأخرى للدين المسيحي أو اليهودي؟".
اهتمام عالمي
وسلطت صحف غربية الضوء على زيارة البابا فرنسيس لمصر، وقالت إن توقيتها هام للغاية بالنسبة لمؤسسة الأزهر، حيث ستكون ردا غير مباشر على الانتقادات الموجهة للأزهر من جانب النظام
المصري.
وفي هذا السياق، قالت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، إن المواجهة الدائرة حاليا بين الأزهر من جانب وبين النظام وإعلامه من جانب آخر؛ تعكس رغبة السيسي في السيطرة على هذه المؤسسة الدينية العريقة التي توصف بأنها معقل الفكر الإسلامي المعتدل.
"انتصار كبير" للأزهر
ورأى الباحث السياسي جمال مرعي؛ أن تنظيم الأزهر لهذا المؤتمر العالمي أثناء زيارة بابا الفاتيكان للقاهرة، وظهور شيخ الأزهر وبابا كراعيين للمؤتمر وشريكين في صنع السلام العالمي، يعد انتصارا كبيرا للأزهر، مؤكدا أن هذه الخطوة تمثل ردا قويا على كل المشككين في دور الأزهر محليا وعالميا.
وأضاف مرعي، في حديث لـ"
عربي21"، أن هناك شخصيات معينة داخل الأزهر تحاول تشويه صورته، مشيرا إلى أن وزير الأوقاف يعتبر سببا رئيسيا في الحرب على الأزهر وشيخه؛ لأنه يتزعم عملية إقحام المؤسسة الدينية في اللعبة السياسية، وهو ما يرفضه شيخ الأزهر الذي يريد الحفاظ على مكانة الأزهر الدينية والعلمية محليا ودوليا بعيدا عن التقلبات الحزبية، وفق قوله.
"علمانيون كارهون للإسلام"
من جانبه، قال العالم الأزهري صبري عبادة؛ إن "الأزهر الشريف، بمكانته العالمية، أثبت أنه قادر على صناعة السلام في العالم لما يتمتع به من تأثير وحضور"، معتبرا أن وجود بابا الفاتيكان في مصر وزيارته للأزهر ومشاركته في مؤتمر السلام "هو أكبر دليل على ما أهمية يقوم به الأزهر من نشر لتعاليم الدين الإسلامي الوسطية ونبذ التطرف والعنف، وهذا ما يفهمه الفاتيكان وأي دول العالم".
ورأى عبادة، في حديث لـ"
عربي21"، أن "هناك فئة من العلمانيين (..)، من الكارهين للإسلام والكارهين للشريعة الإسلامية"، مضيفا: "مرة يطالبون بتنقيح التراث، مثل صحيح البخاري، بدعاوى شاذة، ومرة يطالبون الأزهر بتكفير داعش، لكنهم في الحقيقة لا يريدون سوى هدم التراث الإسلامي وهدم الأزهر عبر تحميله مسؤولية الإرهاب وجره إلى مشكلات ليس له علاقة بها".
وقال إن "التاريخ سيذكر لشيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب أنه واحد من هؤلاء العلماء الذين حافظوا على مكانة الأزهر في العالم أجمع، ووقف بالمرصاد لكل من حاول تشويه صورته".