على طريقة الرئيس المخلوع حسني مبارك، في حضوره الاحتفالات الرسمية بعيد العمال، شارك رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، صباح الأحد، في احتفالية نظمها اتحاد العمال (جهة حكومية) بعيد العمال، وسط أصوات معتادة سابقا، تنادي من قلب القاعة: "المنحة يا رئيس"، الأمر الذي كان يستجيب له الرئيس المخلوع ضاحكا، مقررا نسبة معينة من الراتب، لكن السيسي تعامل معها بشكل مختلف.
وعلى الرغم من استقبال أحد العمال المشاركين في الاحتفال للسيسي، عقب اعتلائه المنصة لإلقاء كلمته، بعبارة: "المنحة يا ريس"، الأمر الذي قابله السيسي بالقهقهة، وقوله: "حاضر"، إلا أنه، وبعد أن ألقى كلمته المكتوبة، التي استغرقت زهاء عشر دقائق، لم يلق بالا لذلك، وقال إنه قرر دعم "صندوق الطوارئ"، (المخصص لكفالة الحالات الطارئة بين العمال)، بمئة مليون جنيه، من صندوق "تحيا
مصر"، بعد أن كان قد اتخذ قرارا مماثلا لدى إعلانه عن هذا الصندوق العمالي في العام الماضي.
ووسط مشاعر سيطرت على الحاضرين، وأغلبهم عمال وممثلون لهم، تم اختيارهم من الموالين للسيسي، تجمع بين الصدمة والامتعاض، كان الحرج مضاعفا بالنسبة للعاملة التي أخذت تصرخ من مقعدها وسط القاعة، في وجه السيسي، بأن يجعل هذا العام "عام أصحاب المعاشات"، إذ اكتفى بابتسامة وقهقهة، دون أن يعلق على طلبها، أو يعلن استجابته له، بأي وجه، ملقيا السلام على الحضور، مسرعا في الانصراف، عقب انتهائه من كلمته، التي تُعد إحدى أقصر كلمات ألقاها بمحفل عام.
البداية زغاريد
وبمجرد تقديم مذيع الربط للسيسي لإلقاء كلمته دخل الحاضرون في وصلات من التصفيق الحاد والزغاريد والتلويح بأعلام مصر، وحتى التصفير، مع ارتفاع هتافات تنادي: "المنحة يا ريس".
عام المعاشات في مدة رئاسية جديدة!
وبمجرد شروع السيسي في إلقاء كلمته، وقوله: "بسم الله الرحمن الرحيم".. تعالت الأصوات: "المنحة يا ريس"، بينما أخذ هو يقهقه، وقالت سيدة: "حضرتك عملت 2016 عاما للشباب، و 2017 عاما للمرأة، و2018 عاما لذوي الإعاقة"، متمنية أن يكون عام 2019 (ستكون الدورة الأولى للسيسي في الحكم قد انتهت) عاما لأصحاب المعاشات".
لمسات السيسي "الإنسانية"
في الوقت نفسه حرص السيسي على إبراز ما اعتبرها الإعلام الموالي له "لقطات ولمسات إنسانية رائعة منه"، خلال تسليم أوسمة التكريم لعدد من النقابيين العماليين، المحسوبين على "الحزب الوطني" المنحل، حيث نزل السيسي من على المنصة لاستقبال نقابي مسن يتكئ على عصاه، اسمه إسماعيل إبراهيم فهمي، ثم قام بتكريمه.
وتكرر الأمر مع عامل آخر مسن، يتكئ على عصاه أيضا، إذ نزل السيسي إليه، واحتضنه، ومنحه شهادة التكريم الخاصة به.
وفي بداية الحفل حرص رئيس اتحاد العمال، جبالي المراغي، على تقديم هدية للسيسي، وسط تصفيق حاد، عبارة عن درع الاتحاد، وهو على شكل نصف دائرة، ويضم "المشروعات القومية" المُدعاة، مع صورة السيسي.
نساء السيسي "عظيمات مصر"
واختتم المشهد، قبل انصراف السيسي، بوقوف أكثر من سيدة هاتفة: "أنا في ظهرك ومعاك ومؤيداك"، قبل أن يعلق السيسي، قائلا: "متشكرين.. أنا بس عاوز أوري المصريين نساء مصر عاملين إزاي.. مش بجامل.. أقول: سيدات مصر عظيمات مصر.. أنا عارف الست بتشتغل إزاي، وبتربي أولادها إزاي"، حسبما قال.
"مصر تنتظر منكم الكثير"
وفي الكلمة التي ألقاها خلال الاحتفال، التي سبقها تصفيق حاد، استمر قرابة دقيقة، قال السيسي إنه بقلب مواطن مصري يقدر في
عيد العمال جهد العامل في مصنعه وفي موفقع عمله، أيا كان، وإن مصر تنتظر من العمال الكثير.
وأكد أن العامل المصري هو ثروة الوطن الحقيقية، ومحور التنمية، وقاعدة الانطلاق نحو مستقبل أفضل، داعيا إلى إخلاص العمل وإتقانه، قائلا: "إن وطنكم يحرص على أن تكون حقوقكم دوما مصانة".
ومشيرا إلى "معاناة مصر في السنوات الأخيرة من تحديات خطيرة وجسيمة"، أكد السيسي أنه لا خروج منها إلى بر الأمان سوى بالعمل، مضيفا أن خطر الإرهاب يأتي على رأس ما نواجهه من تحديات، وأن مصر كانت من أولى الدول في العالم التي حذرت منه.
وأضاف: "طالبنا الجميع بالتكاتف لحماية الإنسان والإنسانية من شروره، والقضاء على مسبباته، سواء المباشر منها أو الكامن، وخاض ويخوض، الجيش المصري العظيم، ورجال الشرطة البواسل، حربا ضروسا ضد نار التطرف المختلفة خاصة في أرض سيناء الغالية".
وتابع، في ختام كلمته، القول إنه يتطلع إلى انتهاء البرلمان من التشريعات العمالية، في أقرب وقت، وكذلك أعرب عن تطلعه إلى زيادة الاهتمام بالعمالة الموسمية وغير المنتظمة في الفترة المقبلة، وأيضا دمج القطاع غير المنظم من الاقتصاد الرسمي، مناشدا أصحاب العمال بحل مشكلات عمالهم.
وبينما ألقى كل من رئيس اتحاد العمال جبالي المراغي، ووزير القوى العاملة محمد سعفان، كلمتين خلال الاحتفال، أشادا فيها بالجيش والشرطة، وهاجما الإرهاب، إلا أنه غاب عن كلمتيهما تقديم مقاربة حقيقية لمتاعب العمال، وما يعانونه من إغلاق مصانعهم، وإهدار حقوقهم، وتدهور أحوالهم، زمن السيسي.
وشهد الاحتفال رئيسا مجلسي النواب، ووزراء أبرزهم وزراء الدفاع والداخلية والأوقاف، بجانب عدد من البرلمانيين والمحافظين والسفراء وأعضاء مجلس إدارة اتحاد العمال ورؤساء النقابات، ورؤساء الأحزاب وسياسيين موالين للسيسي، فيما غاب عنه شيخ الأزهر (لأسباب غير معلنة)، وبابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية (لسفره إلى إيطاليا).