قال الكاتب البريطاني ديفيد هيرست إن على حركة
حماس من أجل أن تبقى مخلصة لمبادئها وجني ثمار نتيجة دخولها في العمل السياسي القبول بحل الدولة الواحدة.
وأوضح هيرست في مقاله عن الوثيقة السياسية الجديدة التي أعلنتها الحركة أن قبول حل الدولة الواحدة من شأنه أن ينجز لحماس ما ناضلت لأجله وسيمكنها من قيادة منظمة التحرير وإعادة لحمة الشعب
الفلسطيني المبعثر والمجزأ ويجعلها ناطقة باسم الفلسطينيين سواء كانوا داخل
إسرائيل أم في الشتات.
ولفت هيرست إلى أن من شأن الدولة الواحدة منح الفلسطينيين رؤية واضحة في الوقت الذي لم يعد فيه الخيار الحقيقي هو حل الدولة أو الدولتين بل إن الخيار الحقيقي هو حل الدولة الواحدة وكيان يعيش فيه اليهود والعرب على قدم وساق ويتعاملون فيه بالتساوي.
وأكد أن أكبر إنجاز لوثيقة حماس الجديدة هو إعادة تعريف العدو الذي كان اليهود واليهودية، أما في الوثيقة الجديدة فأصبح عدو حماس هو الصهيونية والمشروع الاستيطاني المحتل والأمران يختلفان عن بعضهما البعض سواء قبل وعد بلفور أم بعده.
وأشار إلى أن إعادة تعريف العدو يمكن أن يفتح الطريق أمام المحادثات وأمام السلام لكن ذلك بحاجة لرؤية واضحة للطريق المؤدي إلى الأمام واصفا الوثيقة بأنها خطوة شجاعة لكنها قد لا تكون الأخيرة.
وهذا سيترك حماس في وضع مختلف على سبيل المثال مما كان عليه وضع منظمة الجيش الجمهوري الإيرلندي "الآي آر إيه" تحت قيادة الراحل مارتن ماغنيس. لقد رأت كل من حماس وال "آي آر إيه" حدود العمل العسكري، وذلك بالرغم من أن الـ"آي آر إيه" لم تبدأ عملية تسليم أسلحتها إلا بعد التوصل إلى اتفاق للسلام. كلا المنظمتين وجدتا نفسيهما تجران إلى السياسة كوسيلة لتحقيق فلسطين الموحدة وإيرلندا الموحدة.
وشبه الكاتب المرحلة التي تمر فيها حماس بما مر به الجيش الجمهوري الإيرلندي وقال إن كلاهما رأى حدود العمل العسكري ووجد التنظيمان يجران إلى السياسة كوسيلة لتحقيق فلسطين الموحدة وإيرلندا الموحدة.
وقال هيرست إن الحركة الجمهورية أنهت النضال المسلح دون التخلي عن مبادئها وعلى رأسها الإيمان بحتمية إعادة توحيد إيرلندا وهو ما يمكن حصوله في حال انفصلت بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي وأصبح أمرا أقرب للتحقق من أي وقت مضى.
ولفت إلى أن المعضلة التي تواجه حماس بعد أن باتت تعترف بحدود عام 1967 هي كيفية دخول المنظمة وتحولها لجزء من قيادة الشعب الفلسطيني وفي نفس الوقت تبقى مخلصة لمبادئها.
وقال إن حماس إذا لجأت للمفاوضات فإنها ستتخلى عن مبادئها وبذلك تتلاشى الفروق المميزة لها عن
فتح وإذا ما نأت بنفسها عن المفاوضات وتركت مهمتها لغيرها فإنها لن تتمكن من أن تصبح جزءا من القيادة.
وشدد على أن حماس لن تكون أكبر أحزاب فلسطين على غرار الشين فين في إيرلندا في حال قصرت رؤيتها على دولة فلسطينية ضمن حدود 1967 بالإضافة إلى أنها لن تكون في وضع يمكنها من إنهاء الانقسام بين الفلسطينيين ولا حل المشكلة الناتجة عن التخلي عن فلسطينيي عام 1948 ولا حتى حل مشكلة اللاجئين.
ثمة رمزية لما تواجهه الحركة من صعوبة لوجستية في عقد مؤتمر صحفي خارج غزة، وفي هذا إشارة إلى السجن الكبير الذي تحول إليه قطاع غزة بالنسبة لحماس. ولعل هذا يوفر الأسباب التي تدفع بالقيادة السياسية للحركة لتتحرر من حالة الحصار والعزلة المفروضة عليها، وذلك من خلال تبني موقف يقربها من الفصائل الفلسطينية الأخرى.
لكن هيرست أكد أن وثيقة حماس الجديدة وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي تمر فيها الحركة نصت على ثلاثة شروط تحول دون اللحاق بحركة فتح في رحلتها المشؤومة وهي رفض الاعتراف بإسرائيل ورفض التخلي عن أي بقعة من فلسطين من النهر إلى البحر بالإضافة إلى الإصرار على عودة جميع اللاجئين والنازحين إلى ديارهم.
وقال إنه ما من شك في أن حماس خاضت هذا النقاش بعيون مفتوحة، وعلى العكس من الميثاق الأصلي الذي كتبه شخص واحد بينما كانت الحرب تشن على الحركة خلال أعوام الانتفاضة الأولى جاءت هذه الوثيقة ثمرة لأربعة أعوام من الحوار المكثف وتعرضت الوثيقة لتسريب واسع النطاق وما تشتمل عليه من رسائل يحظى بدعم القيادة ولا ريب أنها تمثل تحولا استراتيجيا كبيرا ومتعمدا.