رأى كاتب
إسرائيلي، أن "وثيقة المبادئ والسياسات العامة" التي كشفت عنها حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الاثنين الماضي، تمثل "فرصة مزدوجة"؛ فمن ناحية، إذا سعت "حماس" للاتفاق هناك من بين السطور ما يشجع ذلك، وإن سعت لممارسة القوة ستجد الذريعة بسهولة.
وقال الكاتب والمعلق الإسرائيلي، جاكي خوجي؛ "قريبا سيخلي خالد مشعل (رئيس المكتب السياسي لحماس) الذي تلى بنود الوثيق من العاصمة القطرية الطريق لخلفه، إسماعيل هنية، وسينتقل الوزن الأساس لحماس إلى غزة، في حين سيواصل مشعل العمل في أطر أخرى للحركة، وسيحاول تحقيق تطلعه بقيادة الشعب الفلسطيني".
ورأى خوجي في مقال له نشر اليوم بصحيفة "معاريف" الإسرائيلية، أن الوثيقة التي تتضمن 42 بندا، "تشكل رؤيا وإعلان نوايا، فإن أرادت حماس استندت إليها في الانطلاق للمعركة، وإن شاءت ستتوصل بمساعدتها إلى التسويات".
أما من الناحية الإسرائيلية الأخرى، فإن "برنامج حماس هو فرصة مزدوجة كذلك، بحسب الكاتب الذي أوضح أن الوثيقة الجديدة "لا تلغي ميثاق حماس؛ الذي تضمن تعابير لاسامية ودعوة لإبادة إسرائيل، لكن الوثيقة الجديدة تتعاطى مع بنوده بل وتختلف معه".
اقرأ أيضا: مشعل في إعلان وثيقة حماس الجديدة: لا اعتراف بإسرائيل
وأضاف: "لقد صاغ ميثاق حماس مؤسسها الشيخ أحمد ياسين، وإلغاؤه من ناحيتهم سيكون مسا بذكراه، كما أن حماس في هذه الأثناء، غير معنية بمنح إسرائيل هدايا كبيرة، طالما لا تتلقى منها شيئا".
وأشار خوجي، إلى أن "لغة الوثيقة ومضمونها لاذعين للأذن الإسرائيلية، ولكن بين سطورها تختبئ رسائل"، مضيفا: "فعند حماس 2017، أرض فلسطين تمتد من البحر المتوسط وحتى نهر الأردن، ومن إيلات حتى رأس الناقورة، ولحق العودة مفعول حتى لو عوض اللاجئون ماليا، والمقاومة المسلحة لا تزال وسيلة شرعية لمواجهة الاحتلال".
ولفت الكاتب الإسرائيلي إلى أن حماس قررت رسميا أنها تؤيد دولة فلسطينية في حدود 1967، وعلى كل الفلسطينيين أن يروا فيها مصلحة، وهي بالطبع لا تعلن ذلك، بخلاف السلطة الفلسطينية التي ترى في ذلك نهاية النزاع"، معتبرا أن حماس من خلال رفضها لاتفاقات أوسلو (بند رقم 21) "تسير على خط اليمين الإسرائيلي" وفق تعبيره.
ومن جهة أخرى، لا تتضمن الوثيقة الدعوة لإبادة "إسرائيل"، وعن عمد لم تتحدث عن العلاقة بتنظيم الإخوان المسلمين، ويؤكد (بند 16)، أنها لا تخوض صراعا ضد اليهود لكونهم يهودا، وإنّما ضد الصهاينة المحتلين، ولم تعترف بالكيان الصهيوني، في حين لم تعلن أنها لن تتحدث معه أبدا"، بحسب الكاتب.
ولفت إلى أن من بين "اللاءات الثلاثة" لمؤتمر الخرطوم في 1967، لم يتبق صدى إلا لواحدة فقط، تلك التي تقول إنه "لا اعترف بدولة إسرائيل، أما اللاءان الأخريان، لا للصلح مع إسرائيل ولا للمفاوضات معها، فلا ذكر صريح لهما في الوثيقة".
اقرأ أيضا: كيف ردت واشنطن وأوروبا على وثيقة حماس؟
ونوه إلى أن "معظم بنود الوثيقة غير موجهة لإسرائيل؛ وهي تتوجه للمجتمع الفلسطيني في العديد من البنود (29 – 34 )، كما أنها في سلسلة من البنود تغمز للغرب (بند 28) بحديثها عن التعددية، والديمقراطية وقبول الآخر، كما أن الوثيقة تتوجه للدول العربية وعلى رأسها مصر؛ بتأكيدها رفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية".
وزعم الكاتب، أن الحركة المهددة، تسعى لضمان نفسها ضد أي تطور مستقبلي، فالوثيقة خليط من الرسائل المصنوعة جيدا، فهي تساعد حماس على أن تتحسس طريقها نحو واشنطن والعواصم الأوروبية، والتعبير عن رغبتها في شطب الانقسام مع السلطة، وتوثيق علاقتها المشكوك فيها مع السعودية ومصر، كما أن بوسعها أن تبرر كل مواجهة مع إسرائيل، وكذلك أن تتقرب منها أيضا".
وقال: "إذا كانت حماس لا تدعو إلى إبادة إسرائيل، وتعترف بدولة في حدود 67، وتسمح لنفسها بالإعراب عن اعتراف مستقبلي بالدولة الصهيونية، ورؤية البلاد الممتدة بين البحر والنهر يمكن تركها كحرف ميت على الورق، حيث يسمح لها ذلك متى أرادت أن تعترف بحل الدولتين".
ومضي قائلا: "هذه هي المسيرة التي اجتازتها منظمة التحرير، في بدايتها رفضت المساومة على أي شبر من أرض فلسطين، واليوم هي عضو محترم في نادي شركاء إسرائيل في الكفاح ضد الإرهاب (التنسيق الأمني)"، مشيرا إلى العديد من مواقف مشعل، التي أوضح فيها أن "حماس غير جامدة، ودعا الغرب لمراجعة الوثيقة وفي الوقت نفسه امتدح ترامب على حكمته ودعاه لاستغلال الفرصة التاريخية لصنع
السلام، ولم يلمح مشعل بسلام يشطب إسرائيل، بل باتفاق حسب صيغة حل الدولتين"، وفق الكاتب.
وبين خوجي، أن "حماس أطلقت للعالم الواسع إشارة بأنها ليست الولد الشرير الذي كان؛ فهي تخشى أن يفر القطار وتبقى في الخلف منبوذة"، منوها إلى أنه "لم يجر في إسرائيل بحث عام مناسب للوثيقة، رغم أن حماس تحتل مكان الشرف في قائمة أعداء إسرائيل، لكن رئيس الوزراء نتنياهو أشار إلى أن على حماس أن تثبت سياستها بالأفعال وليس بالكلام".
في حين وصف منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية اللواء يوآف فولي مردخاي، الوثيقة بأنها "غش وخداع، وتخفي سلوكا ظلاميا"، في حين أكد الكاتب أن "مساعي إسرائيل للتشكيك بصدق الوثيقة زائدة، فواجب على من كتبها البرهان ليس على إسرائيل".
وقال الكاتب الإسرائيلي: "كشف لي مؤخرا مصدر مقرب من القيادة بغزة بأنه يوجد معسكر يتطلع إلى التسوية مع إسرائيل. كل شيء قابل للحل مثلما فعلتم مع مصر"، وفق زعمه.