نشرت صحيفة "التايمز" البريطانية تقريرا، تتحدث فيه عن الخطوة المرتقبة لأكراد
العراق، خاصة عقب قيامهم برفع العلم الكردي فوق المقرات الحكومية في مدينة
كركوك.
ويكشف التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن أن مسؤولين أكرادا بارزين، قالوا إنهم سيعلنون في وقت قريب عن
استفتاء؛ للبت في علاقة أربيل عاصمة إقليم كردستان في العاصمة العراقية بغداد.
وتورد الصحيفة نقلا عن المسؤولين الأكراد، قولهم إن موعد الاستفتاء سيتم الإعلان عنه قريبا؛ للضغط من أجل الاستقلال، مشيرة إلى أن الأكراد سيأخذون معهم مناطق واسعة سيطروا عليها بعد طرد مقاتلي
تنظيم الدولة منها.
وينقل التقرير عن وزير الخارجية والمالية العراقي السابق هوشيار زيباري، قوله: "لقد فقدنا الأمل بالعراق الجديد"، وأضاف زيباري، الذي عزل من منصبه في العام الماضي، أنه من المرجح تنظيم الاستفتاء في خريف العام الحالي، ويتوقع حينها الانتهاء من عمليات استعادة مدينة الموصل، التي تشارك فيها القوات الكردية المعروفة باسم "البيشمركة".
وتنقل الصحيفة عن همين حاورمي، المستشار البارز لحاكم إقليم كردستان مسعود بارزاني، قوله إن الاستفتاء سيضم المناطق الواقعة خارج إقليم كردستان، بما فيها منطقة النفط الغنية، كركوك، لافتة إلى أنه تم التعامل مع هذه المنطقة بشكل خاص في الدستور العراقي، حيث اشترط عقد استفتاء على وضعها، إلا أن هذا لم يتم، ووجد استفتاء غير رسمي عقد في العام ذاته، الذي أقر فيه الدستور، أن نسبة 98.8% من سكان كردستان يريدون الاستقلال عن العراق.
ويشير التقرير إلى أن الخلاف بين بغداد وأربيل حول حصة الإقليم من النفط والميزانية، حيث ترك الموظفين في الإقليم دون رواتب، بمن فيهم مقاتلو البيشمركة الذين يقاتلون تنظيم الدولة، عزز الشعور بالنفور بين كردستان وحكومة العراق، وعزز حس الاستقلال، لافتا إلى أن سيطرة الأكراد على كركوك ومواردها النفطية ربما كان وراء خطط الاستفتاء، فمن خلالها يمكن للأكراد الاعتماد على عوائد النفط لبناء دولة قابلة للحياة.
وتلفت الصحيفة إلى أن الأكراد قاموا في الشهر الماضي بإطلاق "بالون اختبار"، عندما رفعوا العلم الكردي ولأول مرة على المقرات الحكومية في كركوك، وردت الحكومة الشيعية في بغداد وإيران وتركيا على الخطوة بغضب، وطالبت بإنزاله، إلا أن الحكومة الإقليمية رفضت ذلك، ولا يزال مرفوعا، مشيرة إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حذر الأكراد، الذين دعمهم، وأقام معهم علاقة دافئة، من السيطرة على المدينة، وإلا فسيكون "الثمن باهظا".
ويفيد التقرير بأن الأكراد يؤكدون أن دورهم في قتال تنظيم الدولة جعلهم حلفاء مهمين للغرب تعاطفا مع قضيتهم، حيث يقول زيباري: "نحن جادون، والجميع يتعامل معنا بجدية هذه المرة"، ويضيف: "لقد قلنا إن لم تقدموا لنا الدعم، فلا تقفوا في وجهنا".
وبحسب الصحيفة، فإن حاورمي قال إن الموضوع "نوقش بجدية" عندما التقى البارزاني مع نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس في المؤتمر الأمني، الذي عقد في ميونيخ هذا العام، منوهة إلى أنه تم فتح هذا الموضوع مع وزارة الخارجية البريطانية أيضا.
ويورد التقرير نقلا عن زيباري، قوله إن الاستقلال لن يتبع مباشرة الاستفتاء، بل هناك مفاوضات مع بغداد حول المستقبل، بشكل يفتح المجال أمام تسويات وتنازلات من الطرفين، مشيرا إلى أن
الاكراد سيلعبون بأوراقهم التي في يدهم الآن، فقد يعرضون التنازل عن المناطق ذات الكثافة العربية مقابل قبول بغداد بنتائج الاستفتاء.
وتستدرك الصحيفة بأن المشكلة هي الاتهامات الموجهة للقوات الكردية، التي قامت بعمليات تطهير للقرى التي سيطرت عليها من سكانها العرب؛ وذلك لحرف المعادلة الديمغرافية لصالحها، لافتة إلى أن منظمة "هيومان رايتس ووتش" اتهمت المقاتلين الأكراد باستغلال القتال ضد تنظيم الدولة للسيطرة عليها وتطهيرها من العرقيات التي تعيش فيها، حيث قالت المنظمة إن التطهير الكامل للقرى قد يصل إلى درجة جريمة حرب.
وينوه التقرير إلى أن مسيرة، التي هربت من بلدتها زمار، القريبة من سنجار، بعد تقدم تنظيم الدولة عام 2014، لا تزال مشردة هي وعائلتها، وتعيش في مخيم، بعدما دمر الأكراد بيتها، ومنعوها من العودة، وقالت: "تنظيم الدولة إرهابيون، ولم نحبهم، لكن البيشمركة دمروا بيوتنا، ولا يريدون السماح لنا بالعودة، وهم الذين دمروا حياتنا".
وتعلق الصحيفة قائلة إن ممارسات تنظيم الدولة زادت من مشاعر الحنق الكردية ضد العرب، حيث يقول الطالب بينار (19 عاما): "انظر لما حدث لشعبنا في ظل صدام، ومن ثم تنظيم الدولة"، ويضيف بينار: "لم أثق بالعرب، ولن أثق بهم أبدا".
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن آخرين يرون أن حديث المسؤولين الأكراد عن الاستقلال ما هو إلا حرف عن المشكلات الحقيقية، مثل عجز البيشمركة، والمشكلات المالية، والنزاع الطائفي، حيث تقول الطالبة حنا، (22 عاما): "لن يحل الاستقلال أيا من هذه المشكلات".