تراشق في التصريحات بين عمّان والنظام السوري شهدته الأيام الماضية، عنوانه الأبرز "تدخل الأردن في الجنوب السوري"، عقبه قصف للطيران السوري، يوم الثلاثاء، لأربعة مواقع لجيش أسود الشرقية المدعوم من التحالف الدولي، قرب الحدود الأردنية.
وقد رافق القصف تقدم للنظام في مناطق في البادية السورية كانت فصائل الجيش الحر قد سيطرت عليها سابقا، ومن أبرزها: ظاظا وسبع بيار، بحسب قائد جيش أسود الشرقية، طلاس السلامة (أبو فيصل).
اقرأ أيضا: "الإعلام الحربي": هذا ما سيحدث إذا تخطى الأردن حدود سوريا
ويأتي التصعيد الإعلامي والعسكري؛ بعد أن نشرت وسائل اعلام موالية للنظام السوري، الثلاثاء، ما أسمته صورا جوية قالت إنها لحشود عسكرية بريطانية وأمريكية داخل الحدود الأردنية، تهدف لاجتياح البادية السورية، في وقت قال فيه وزير الخارجية السوري وليد المعلم، الاثنين، إن أي قوات أردنية تدخل
سوريا ستُعتبر "معادية".
من جانبها، وصفت فصائل سورية في الجنوب السوري، ما نشر عن تدخل دولي بـ"الكذب الإعلامي، وغير الدقيق".
وقال قائد جيش أسود الشرقية لـ"عربي21": "هذا كلام فارغ، وعار عن الصحة، واستغله النظام السوري لقصف مواقع للجيش وقطع علينا أوتستراد بغداد- دمشق الدولي، وأصبح يحول بيننا وبين داعش".
ويؤكد ذلك أيضا الناطق الرسمي باسم "الجبهة الجنوبية"، الرائد عصام الريس، ورئيس "تجمع أحرار عشائر الجنوب" راكان الخضير، وقائد جيش "سوريا الجديد" الرائد مهند الطلاع، الذين أكدوا أيضا، لـ"عربي21"، أن "لا صحة لنية قوات أجنبية الدخول في العمق السوري".
عمليات جراحية
من جهته، أكد الخبير العسكري، العميد الركن عبد الهادي الساري (منشق عن النظام السوري)، يؤكد أن "القوات البريطانية موجودة في قاعد التنف العسكرية، يقتصر دورها على تدريب جيش سوريا الجديد فقط، ولا يتجاوز عدد هذه القوات الـ200 فردا".
وكانت مصادر سورية معارضة قد كشفت في وقت سابق، لـ"عربي21"، أن "قوات التحالف الدولي قامت بتجهيز قاعدة التنف وتوسيعها ومدها بالدعم اللازم من الأسلحة؛ لتكون قاعدة سيطرة ومقر انطلاق المقاتلين لمحاربة التنظيم".
اقرأ أيضا: "عربي21" تكشف تفاصيل معركة الجنوب السوري ضد "داعش"
ويتوقع الساري، في حديث لـ"عربي21"، أن "يقوم الأردن بعمليات جراحية في الأراضي السورية، لإبعاد الإرهاب عن حدوده، لكن المعطيات العسكرية تؤكد أن لا حشود عسكرية كبيرة كما نشرت بعض وسائل الإعلام"، وفق قوله.
لكنه أشار إلى التخوف من "فرار عناصر داعش من الرقة ودير الزور، وتمركزهم في البادية السورية الحدودية مع الأردن والعراق، وهنا من الضروري أن تكون هنالك عمليات جراحية أردنية في العمق السوري"، كما قال.
رسائل للأسد المتأهب
ويربط خبراء بين توقيت تصعيد النظام السوري ضد الأردن، وانعقاد تمرين
الأسد المتأهب الذي انطلق بداية الشهر الحالي في الأردن، بمشاركة 20 دولة، تحت عنوان "تبادل الخبرات لمكافحة الإرهاب وتعزيز السيادة الإقليمية للدولة".وتشارك في المناورات قاذفتان حربيتان من طراز "بي - بي1" تابعتان للقوات الجوية الأمريكية، وذلك لأول مرة.
وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي الأردني بسام بدارين، في ما أثير مؤخرا حول تدخل دولي في سوريا، "رسائل من النظام السوري وإيران، لتمرين الأسد المتأهب"، مضيفا لـ"عربي21": "الأسد المتأهب حملت نسخته السابعة استراتيجية وأسلحة هجومية، وتدريب المدنيين على مناطق آمنة، مما أثار الإيرانيين والسوريين"، وفق تقديره.
وحسب بدارين، فإن الأردن يتبنى "سياسة الدفاع في العمق السوري منذ فترة ،وهذا ليس بالشيء الجديد، فقد قصفت المملكة مواقع لجيش خالد بن الوليد في حوض اليرموك، ومواقع لداعش في مناطق مختلفة من سوريا، وربما يكون هنالك قوات خاصة تدخل وتخرج، فعمليا لا يوجد جيش سوري في الطرف الآخر".
ورأى أن "من حق الأردن الدفاع عن نفسه عندما يستهدف من الإرهاب، وفي الواقع لا يوجد أي تحضيرات لهجوم بري من الأردن، والمملكة لن تفعل ذلك كونها تعتبر داعش عصابات وليس جيشا يحتاج لجيش ليواجهه، لذا يلجأ الى العمليات في العمق"، على حد وصفه.
من جانبه، قال مصدر في الحكومة الأردنية، لـ"عربي21"، إن "ما نشر حول استعدادات عسكرية في الأردن لدخول الجنوب السوري، "ما هي الا دعاية إعلامية مضللة"، مشددا على موقف الممكلة " بالتنسيق مع جميع الأطرف لمحاربة الإرهاب"، وأن "المملكة قادرة على ردع أي عصابات إرهابية تقترب من الحدود"، بحسب المصدر.
وكان الناطق باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، قد قال في مقابلة مع التلفزيون الرسمي، الاثنين الماضي، إن "المملكة ستتخذ كافة الإجراءات الدبلوماسية وغيرها على صعيد الدفاع في العمق السوري من أجل حماية حدودها"، وهو ما أثار غضب وليد المعلم الذي اعتبر في المقابل؛ الدعم الامريكي للوحدات الكردية في الشمال السوري "مشروعا".
اقرأ أيضا: تصعيد ساخن بين دمشق وعمّان.. بماذا هدد المعلم؟ (شاهد)