أثار مسلسل "الجماعة"، لمؤلفه وحيد حامد، في جزئه الثاني، الذي تعرضه إحدى الفضائيات حاليا؛ جدلا واسعا حول عدد من القضايا أبرزها علاقة حزب الوفد بآخر ملك لمصر، وحقيقة بيعة الرئيس
المصري الراحل جمال عبد الناصر لجماعة
الإخوان المسلمين، التي نفاها سكرتيره السابق للمعلومات سامي شرف.
وهو ما عارضه فيه كل من رفعت السعيد، وصلاح عيسى، لكن مخرج تظاهرات 30 يونيو 2013، المخرج السينمائي خالد يوسف، عضو مجلس نواب ما بعد الانقلاب، خالد يوسف؛ رأى في المسلسل، إقرارا بشرعية الرئيس محمد مرسي، وإسقاطا لشرعية جميع رؤساء مصر السابقين.
شهود وشهود
وفي البداية، رأى الكاتب الصحفي صلاح عيسى، تحت العنوان السابق، أن الحلقات الأولى من المسلسل أثارت خلافا حول عدد من الوقائع، أولها اعتراض سامي شرف، سكرتير جمال عبد الناصر لشؤون المعلومات ووزير الدولة لشؤون الرئاسة في آخر عهده وأوائل عهد الرئيس السادات، على ما اعتبره ادعاء غير صحيح من مؤلف المسلسل بأن عبد الناصر كان عضوا في جماعة الإخوان المسلمين، قبل ثورة يوليو (تموز).
لكن عيسى ردّ مؤكدا أن "الواقعة للأسف صحيحة.. وإذا كان من حق سامي شرف أن يشكك في شهادة بعضهم لأنهم لم يكونوا على معرفة كافية بعبد الناصر خلال هذه المرحلة من عمله السياسي، فإن من حق وحيد حامد أن يشكك في اعتراضه للسبب نفسه، لأن علاقته بعبد الناصر لم تكن قد بدأت بعد.. ومن حقنا أن نقول إن وحيد حامد قد استند في روايته للواقعة، وفي مناظرته مع سامي شرف، إلى شهود ثانويين، بينما تجاهل الشاهد الرئيس على صحتها، وهو خالد محيى الدين، الذي رواها في مذكراته".
وكذلك نفى رئيس المجلس الاستشاري لحزب التجمع اليساري، رفعت السعيد، صحة ما قاله سامي شرف، من أن عبد الناصر لم يبايع جماعة الإخوان قبل اندلاع ثورة 23 يوليو 1952.
وقال السعيد إنه "مع كل الاحترام لشرف، إلا أنه لم يرتبط بعبد الناصر في فترة الأربعينيات حتى ينفي علاقته بالإخوان".
وقال السعيد، في تصريحات لصحيفة "المصري اليوم" إن عددا من ضباط الجيش تعاونوا مع الجماعة باعتبارها الفصيل الذي يقف في مواجهة الاحتلال البريطاني، بالتزامن مع انخفاض شعبية حزب الوفد، وكان الإخواني الصاغ محمود لبيب هو حلقة الوصل بين الجماعة وبين الضباط.
غضب الوفديين
الواقعة الثانية التي أثارت الجدل الكبير حولها في المسلسل أشار إليها الناقد الفني طارق الشناوي، في مقال له بجريدة "الشرق الأوسط" اللندنية، قال فيه إن شخصية النحاس باشا التي أداها محمود الجندي أغضبت حزب الوفد الحالي؛ لأنه قبَّل يد الملك فاروق في مشهد يحمل قدرا من الإهانة، رغم أن التاريخ يؤكد أن النحاس كان معتزا بكرامته.
وأعلن عضو مجلس النواب، سكرتير عام حزب الوفد سابقا، فؤاد بدراوي، أنه سيقوم برفع دعوى قضائية ضد المسلسل، بتهمة أنه حمل بين أحداثه تطاولا وتقليلا من شأن رمز من رموز الوفد الراسخين، وهو النحاس باشا، على حد تعبيره.
وتوعد بدراوي بالرد على "كل هذه الأكاذيب التي جرت في أحداث المسلسل بكافة الوسائل المشروعة"، وأضاف في بيان له أنه سوف يقوم برفع دعوى قضائية، ولن يسمح بالتقليل من أي رمز من رموز الوطن، وبخاصة أبناء الوفد، وفق قوله.
شرعية مرسي
ولم يقف الغضب من المسلسل عند حدود الوفديين، إذ طال الناصريين. وبلغ الغضب مبلغه بالمخرج السينمائي خالد يوسف، إذ رأى أن مسلسل "الجماعة"، يضرب شرعية كل الأنظمة في مصر، بدءا من جمال عبد الناصر إلى رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، ولا يعترف إلا بشرعية الرئيس محمد مرسي.
وفي مقال له بصحيفة "المصري اليوم"، السبت، قال يوسف إنه لم يُستفز في حياته على أثر تشويه وتزييف التاريخ مثلما حدث عندما شاهد مسلسل "الجماعة 2"، واستمع لمؤلفه، وحيد حامد.
وخاطب يوسف، حامد، قائلا: "عفوا، قد جانبك الصواب، فقد ارتكبتَ خطيئة في حق تاريخ الوطنية المصرية، وأديتَ خدمة جليلة لحركة الإخوان عندما نسبتَ تنظيم الضباط الأحرار لذلك التنظيم، وخلقتَ شبهة الارتباط بينهما".
وأضاف يوسف: "إن ما فشل فيه الإخوان طوال سبعين عاما من إقناع الناس بأنهم الأصحاب الحقيقيون لثورة يوليو، وأن جمال عبد الناصر قد سرقها منهم قد نجح فيه الأستاذ وحيد بامتياز، باعتباره من أكبر أعداء الجماعة، وعندما يشهد هذه الشهادة يصبح الأمر، كأنه "شهد شاهد من أهلها"".
وأردف المخرج: "مما أحزنني ذلك المشهد العبثي الذي يجلس فيه جمال عبد الناصر أمام سيد قطب، تلميذا مطيعا يهابه ويسمع تنظيراته بانبهار، ويستسمحه أن يأتي له في المقابلة القادمة بأعضاء التنظيم كي يستمعوا إلى الدرر الصادرة من فم الأستاذ والنصح والتنظير الصادرين من عقل المعلم"، وفق قوله.
وتابع: "إن كان الإخوان قد شاركوا في ثورة يوليو أو أصحاب فضل عليها، وهم من صنعوا ثورة 25 يناير، كما يصر دائما الأستاذ وحيد، يصبح من غير المعقول أن نحاربهم الآن (دي البلد تبقى بتاعتهم)، ولم يكن لنا حق أن نثور عليهم في 30 يونيو".
واختتم مقاله قائلا: "لقد سمَّيت ما يعتقده الأستاذ وحيد حامد "خطيئة"، ولكن وجب أن ننبه أن هذا الاعتقاد يضرب في شرعية كل الأنظمة وكل الرؤساء الذين حكموا مصر بدءا بجمال عبد الناصر ومرورا بالسادات ومبارك والمجلس العسكري حتى السيسى.. والوحيد الذي يصبح غير مطعون في شرعيته هو رئيسهم محمد مرسي، لأنه جاء من التنظيم، الذي أجلى الإنجليز عن مصر، وأسقط المَلَكية، وأعاد مصر للمصريين في ثورتهم الأولى في يوليو 52 وأزاح فساد واستبداد مبارك ونظامه في ثورتهم الثانية في يناير 2011.. ويصبح من المحتم أن يكون الشعب المصرى في معظمه من تنظيم الإخوان أو أن هذا الشعب كومبارس أو مُشاهد، ودائما ما يترك بطله، وهو تنظيم الإخوان، يثور بدلا منه في كل المرات، ويجلس ليصفق له إما في الكواليس أو في مقاعد الجماهير"، حسبما قال.
"تفاهات"
لكن مؤلف المسلسل، وحيد حامد، ردَّ بعنف على مهاجمي مسلسله. ووصف الهجوم على المسلسل من قبل بعض التيارات السياسية بالتفاهات.
وقال: "كل الشخصيات التي وردت داخل هذا العمل تاريخية، لذلك كل ما يقدم عن أي شخصية منها له مرجع تاريخي ومستند، وفريق بحث كامل مكون من عشرة أفراد، بحثوا عن كل معلومة تم عرضها خلال المسلسل، فنحن لن نزور التاريخ، أو نقدمه حسب أهوائنا".