نشر موقع "بلومبيرغ" تقريرا لمراسلته تنغ شي، تقول فيه إن المباحثات التي ستجري هذا الأسبوع، حول السماح لإيران بالانضمام إلى كتلة التعاون التي مقرها بكين، ستشكل تحديا للصين، لتحاول التزام الحياد بشأن أزمة الشرق الأوسط الطائفية المتنامية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن منظمة شانغهاي للتعاون، المؤلفة من ستة أعضاء، وتقودها
الصين وروسيا معا، ستقوم بالنظر في قبول عضوية
إيران خلال مؤتمر قمة ينعقد في كازاخستان، بداية من يوم الخميس، لافتا إلى أن عضوية المنظمة، التي تركز على تنسيق الجهود لمكافحة الإرهاب، وتحسين الروابط الإقليمية، ستساعد طهران في تقوية العلاقات مع موسكو وبكين.
وتلفت شي إلى أن هذه المباحثات تأتي في وقت صعب بالنسبة للرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي سعى إلى طمأنة
السعودية، منافسة إيران، بأن الصين تقف على الحياد في الصراع الإقليمي في الشرق الأوسط، مشيرة إلى قيام أربع دول عربية يوم الاثنين، بقيادة السعودية، بقطع العلاقات التجارية والدبلوماسية مع
قطر، فيما يبدو عقوبة على علاقاتها مع إيران، ثم أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تأييده لذلك، من خلال تغريدة على "تويتر".
وينقل الموقع عن المحلل في معهد "راند" تيموثي هيث، قوله: "إن إيران، الواقعة تحت الضغط من التحالف السعودي، الذي تدعمه أمريكا، ستنظر في الغالب إلى الصين على أنها شريك لا يمكن الاستغناء عنه، وهناك خطر بأن تتحول المنافسة السعودية الإيرانية إلى منافسة أمريكية صينية بالوكالة للنفوذ في الشرق الأوسط".
وينوه التقرير إلى أن البلدين مهمان جدا لجهود الرئيس بينغ؛ لبسط النفوذ الصيني في المنطقة، حيث تشكل السعودية ثاني أكبر مصدر للنفط الأجنبي له، وتقع إيران على مشروع طريق الحرير الجديد، الذي يسعى لبناء طرق عبر آسيا، مشيرا إلى أن شي رفع مكانة البلدين إلى صفة "شريك استراتيجي شامل"، خلال زياراته للشرق الأوسط العام الماضي، وقال للجامعة العربية إن الصين لا تسعى للحصول على "وكلاء".
وتفيد الكاتبة بأن جولة الرئيس بينغ كانت قبل أن يجعل ترامب السعودية أول بلد يزورها في جولته، حاثا الدول على مقاطعة إيران لما قال إنه بسبب دعم الإرهاب؛ حيث أعاد خطابه تأكيد تحالفات أمريكا التي أصابها التوتر، بسبب دعم الرئيس باراك أوباما للاتفاق النووي الإيراني عام 2015، الذي أعفى إيران من العقوبات، لافتة إلى أن الصين أدت دورا مهما في التوسط للتوصل إلى الاتفاق، الذي يصفه ترامب بأنه "أسوأ صفقة في التاريخ".
ويقول الموقع إنه لا يوجد أي مؤشر إلى الآن بأن الأحداث الأخيرة أثرت في سياسة الصين في الشرق الأوسط، وأكد مساعد وزير الخارجية لي هولاي يوم الاثنين دعم بلاده لترقية عضوية إيران، من مراقب إلى عضوية رسمية في منظمة شانغهاي للتعاون، مشيرا إلى أن الرئيس الصيني قد وعد بالالتزام بذلك خلال زيارته لطهران في كانون الثاني/ يناير.
ويجد التقرير أنه على أي حال، فإن إيران لن تصبح عضوا مباشرة خلال المؤتمر، الذي يستمر ليومين في أستانة، حيث وصل الرئيس بينغ يوم الأربعاء، لافتا إلى أن المنظمة رفضت دخول إيران العام الماضي دون إبداء سبب محدد، لكن الصين قالت إنه يمكن وضع عضوية إيران على الأجندة عندما تنضم الهند وباكستان، حيث سيضاف البلدان، اللذان انتظرا سنوات للحصول على العضوية، إلى مجموعة تضم كازاخستان وقرغيستان وطاجكستان وأوزبكستان.
وبحسب شي، فإنه كان يتوقع أن يعقد الرئيس بينغ محادثات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الهندي ناريدرا مودي خلال الرحلة، وقال المسؤول عن شؤون الشرق الأوسط في معهد الدراسات الدولية، التابع لوزارة الخارجية الصينية في بكين، لي غوفو، إن الصين "ستبذل ما بوسعها للحفاظ على موقفها المبدئي بعدم التدخل"، وتحاول تهدئة الصراعات من خلال الدبلوماسية.
ويبين الموقع أن التحرك لعزل قطر يوم الاثنين تسبب بصدمة للأسواق المالية، وعطل حركة الطيران، وأثر على توفر السلع في الإمارة، منوها إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اصطف إلى جانب قطر يوم الثلاثاء، وعرض التوسط لإيجاد حل.
وينقل التقرير عن المتحدثة باسم الخارجية الصينية هوا تشانينغ، قولها يوم الاثنين، إن الصين تأمل بأن تقوم "الدول المعنية بحل الخلافات، عن طريق الحوار والتشاور، والحفاظ على الوحدة، ودعم السلام والاستقرار الإقليمي سويا".
وتذهب الكاتبة إلى أن الصين قد تقع تحت الضغط لتتحيز إلى جانب، كلما توسعت مصالحها في الشرق الأوسط، حيث يقول مدير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى مايكل سينغ، إن هذا الأمر يجعل إيران هي الأكثر حظا؛ لأنها تشارك بممرات برية، وبسبب التشكك من المجموعات السنية، والرغبة في تقليل النفوذ الأمريكي.
ويضيف سينغ: "واضح أن من تفضله الصين -إن اضطرت للاختيار- هو إيران"، مشيرا إلى أن "زيارة ترامب للرياض، والتجمع غير المسبوق للزعامات الإسلامية، هما لتذكير بكين بأن الدول العربية لا تزال تضع أملها في القيادة الأمريكية".
ويورد الموقع نقلا عن المحلل المتخصص في إيران في مجموعة "إنترناشيونال كرايسس غروب" علي فائز، قوله إن علاقات الصين بجانبي الصراع في الخليج العربي مبنية على المصالح المشتركة.
وبحسب التقرير، فإن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزير عاد في شهر آذار/ مارس، من زيارة لبكين، بصفقات تجارية بلغت 65 مليار دولار، لافتا إلى أن إيران كانت من أولى الدول التي أيدت مشروع طريق الحرير الجديد، وأرسلت الشهر الماضي وزير ماليتها ليحضر قمة بينغ حول الخطة.
ويختم "بلومبيرغ" تقريره بالإشارة إلى أن التبادل التجاري مع السعودية وصل إلى 45 مليار دولار عام 2016، وهو ضعف تجارتها مع إيران، حيث يقول فائز: "لا تستطيع إبعادهم، وليس من الاحتمال أن يبعدوها؛ فالتجارة تتقدم على كل شيء آخر".