أصدرت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا على ميثاقا حمل اسم "ميثاق وطني لمواجهة تقسيم سوريا"، أكدت من خلاله على التمسك بالمجتمع المدني الموحد ورفض التصنيفات الطائفية أو الخوض فيها.
وأعلن الميثاق رفض الجماعة لعمليات التهجير من سوريا وإليها، ورفض كافة عمليات التغيير الديمغرافي والتجنيس، محملين الأمم المتحدة مسؤولية "هذه الجريمة التي تتم بموافقتها" داخل سوريا.
وشددت الجماعة على مقاومة كل مشروعات التقسيم بكل السبل المشروعة حتى يتم إسقاطها، معتبرة أن عمليات التقسيم تتم بإرادات ومؤامرات خارجية.
وقال الميثاق إن الحرب الجارية في سوريا ليست حربا أهلية، على الرغم من أن "الطرف الآخر يصر على خوضها على أساس فئوي طائفي"، وفق الميثاق.
ودعت الجماعة إلى التمسك بـ"الأخوة الوطنية الجامعة للسوريين مسلمين ومسيحيين وعربا وأكرادا وتركمانا وعلويين ودروزا وإسماعيليين"، وشددت "على قيم العيش المشترك في ظل دولة مدنية واحدة".
وأضاف: "المجموعات المتطرفة لا يمكنها أن تخطف التمثيل للمكونات المجتمعية الأصيلة"، مشيرا إلى أن تنظيم الدولة لا يمثل المسلمين "كما أن بشار الأسد لا يمثل كل العلويين، وليس له ولنظامه مكان في مستقبل سوريا"، وفق الميثاق
وشدد الميثاق على أن ا"لحوار الوطني هو السبيل الوحيد لوضع الأسس الرصينة للمجتمع المدني الموحد، ولن ينجح الحوار إلا بالتخلص من نظام الاستبداد والفساد". وحذرت الجماعة، في الوقت ذاته، من أن "أي خطوة تقسيمية قد تثير الفوضى في المنطقة لعدة قرون" كما حصل مع إنشاء الكيان الصهيوني في المنطقة" وعدم قدرة المجتمع الدولي على احتواء تداعياته"، كما جاء في الميثاق.
من جهته، رفض المتحدث الإعلامي باسم الإخوان المسلمين في
سوريا، عمر مشوح، الانتقادات الموجهة للجماعة بشأن الميثاق، وقال: "إذا أردنا الرد على المشككين فلن نتقدم بشيء، ولن نصدر أي ميثاق، ونحن نصدر مواقفنا بعيدا عن هذه الاعتبارات".
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21": "لا نعتبر كثيرا لما يقال، وتوقيعنا على الميثاق جاء بعد الدراسة المطولة، وبعد التواصل مع الكثير من القوى السياسية السورية، ولم نأت بشيء جديد في الميثاق، وإنما أكدنا على المبدأ الذي يحفظ وحدة الأراضي السورية في المستقبل، وهو موقف قديم وثابت"، كما قال.
وفي ذات السياق، أبدى مشوح استغرابه من اتهام الجماعة بمحاولة استرضاء الغرب بهذا الميثاق، متسائلا: "أين ذلك الاسترضاء ونحن نطرح وحدة الأراضي السورية، بينما يبحث الغرب عن جعل
التقسيم أمرا واقعا"، على حد قوله.
وقال إن الجماعة "إذ تطالب الجميع بالقبول بمبدأ العيش المشترك، تحت عقد اجتماعي واحد، ودستور واحد لجميع المكونات العرقية والقومية والطائفية في سوريا، فهذا لا يعني القبول بنظام الاستبداد، الذي يمثله نظام الأسد وأجهزته الأمنية"، على حد تعبيره.
وأضاف: "نتحدث عن مرحلة ما بعد الأسد، ونحن لا ندعو للتعايش المشترك مع الوضع الحالي".
وعن توقيت الميثاق، قال مشوح: "هذا الميثاق جهد داخلي للجماعة، وأصدرناه لأننا بدأنا نشعر أن التقسيم بات مطروحا بقوة، وبالتالي لا بد من موقف تاريخي تثبته الجماعة في هذا الاتجاه".
واعتبر أنه "من الواضح أن التقسيم هو الحل السوري الذي يطرح على طاولة الحوار والمفاوضات، بعد أن كان مطروحا في السابق على أنه أخر الحلول، أما الآن فنلاحظ وكأنه تحول إلى الحل النهائي"، وفق تقديره.
وأضاف مشوح: "لقد ظهر ذلك جليا في اتفاق تخفيف التصعيد، إذ توحي تفاصيل هذا الاتفاق بأن هناك استثناء لمناطق دون مناطق، الأمر الذي يفصل بين هذه المناطق السورية، ومنع الثوار من مواصلة ثورتهم".
وقال: "علاوة على ذلك فإن ما يجري حاليا في الرقة، وكذلك في دير الزور من تحركات للقوات الأمريكية والبريطانية، وكل ذلك يعطي مؤشرات بأن هناك ملف كامل، يذهب لتقسيم سوريا"، على حد قوله.
من جانب آخر، أكد مشوح إلى أنه "لا صلة للأزمة الخليجية بتوقيت إصدار الميثاق".
وعلق المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان في سوريا على الأزمة الخليجية، قائلا: "إن الأزمة تنعكس سلبا على المنطقة برمتها، ومنها
الثورة السورية، ونتمنى أن تحل هذه الخلافات بشكل سريع جدا".
وختم مشوح حديثه لـ"عربي21" بالقول: "للأسف يتم العمل على تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية منذ سنوات، علما أن الجماعة بمواقفها هي أبعد ما تكون عن الإرهاب، وما يجري عمل سياسي يراد به إزاحة الجماعة عن واجهة العمل السياسي"، بحسب تعبيره.