كتب البروفيسور نيك باتلر من كينغز كوليج في لندن، مقالا في صحيفة "فايننشال تايمز"، يتحدث فيه عن "
انقلاب القصر" في
السعودية، مشيرا إلى أن الكثير من الأخبار التي ستأتي من السعودية ستكشف عنها الأشهر المقبلة.
ويقول الكاتب: "قبل أسبوع سمعت همسا عن صراع حاد داخل العائلة السعودية الحاكمة، يعتقد أنه كان يركز على محاولة
الملك سلمان للسيطرة على ابنه الأمير
محمد بن سلمان، البالغ من العمر 31 عاما، وإعادة البلاد إلى نوع من الحياة الطبيعية، بعد ثلاثة أعوام من الطموحات الفوضوية وعلامات عدم الاستقرار، وبدأت أكتب مقالة ناقشت فيها الكيفية التي سيؤثر فيها على إعادة تشكيل سوق النفط، وما ستتخذه السعودية تحت القيادة الجديدة من تحركات لوقف الانحدار في أسعار النفط".
ويضيف باتلر في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، قائلا: "يبدو أن الشائعة كانت صحيحة، إلا أن الافتراض كان خاطئا، فلم يكن الفائز في انقلاب القصر ولي العهد الأمير محمد بن نايف، ولكن محمد بن سلمان (أم بي أس)، الذي أطاح بولي العهد، وسيطر على كل شيء، بما في ذلك الأمن الداخلي، حيث كان الأمير نايف من أهم الزعماء السعوديين خبرة واحتراما، وقدم صورة عن التواضع في البيعة".
ويتابع الكاتب: "هناك حبكة شكسبيرية عما كان يحدث، عمن سيوثق القصة التي تتكشف أمام ناظرينا لآل سعود؛ ملك مريض يقوم بكسر التوازن الحساس داخل العائلة المالكة، من أجل ترفيع نجله -شاب يمكن لأي مستشار ومصرفي أن يستغل غروره- على حساب الوريث الشرعي، وهذا كله على خلفية تراجع أسعار النفط، الذي يعد المصدر الرئيسي للثروة، وعدوانية من الجيران، وأحيانا الأصدقاء، في ظل الانقسام الذي نشأ بسبب انتعاش التنافس الديني، فنحن أمام حالة بين الملك لير وريتشارد الثاني".
ويقول باتلر إن "الأسواق ردت بطريقة سلبية على هذه الأخبار، حيث تراجع سعر النفط أمام سعر خام برنت إلى أقل من 45 دولارا للبرميل، وقال (أم بي أس) إن سعر النفط لا يهم، وبحلول عام 2020، فإن موارد البلاد تكون قد تحررت من الاعتماد على النفط، ولا أحد يعتقد أن هذا ممكن، لكنه إن سمح لسعر النفط بالتراجع أكثر فإن الوضع سيكون خطيرا، ولا بلد لديه القوة لتخفيض أسعار النفط والتصدير من أجل موازنة السوق المغرقة بالنفط".
ويرى الكاتب أن "تعزيز السلطة هو نهاية المشهد الأول فقط، فهناك الكثير من الأخبار التي ستأتي من السعودية، فخطوط الصدع واضحة، ونقل السلطة إلى (أم بي أس) ستكشف عنها الأشهر المقبلة".
ويبين باتلر أن "تنويع الاقتصاد السعودي ظل هما وطنيا سعوديا منذ عام 1980، ولم يتم تحقيق أي شيء في هذا الاتجاه، فغادر أفضل الرجال المشهد، وتشعر النساء بالاشمئزاز من معاملتهن على أنهن مواطنات من الدرجة الثانية، فخطة التنويع والتحديث، التي أعدتها شركة (ماكينوي)، لـ(أم بي أس) لم تقم على شيء سوى الرمال، فهناك رؤية عظيمة لعام 2030، لكن دون وجود آلية لتحقيقها".
ويشير الكاتب إلى أن "الأمر الثاني هو أن السعودية معزولة، باستثناء واشنطن، وهي حليف لا يمكن الاعتماد عليه، فأفعالها في اليمن كشفت عن التوترات في المنطقة دون تحقيق أي شيء سوى إضعاف الدفاعات السعودية، وهناك سخط كبير داخل منظمة أوبك وخارجها على السعودية؛ بسبب سماحها لأسعار النفط بالتراجع".
ويلفت باتلر إلى أن "الأمر الثالث، وربما كان الأخطر بالنسبة لآل سعود، هو التحطم الداخلي للقوى الدينية، فعلى خلاف العملية البطيئة والمدروسة للإصلاح التي وضعها الملك عبد الله والأمير نايف، فإن لدينا ولي عهد برؤية كبيرة لا مكان فيها للدين".
ويتساءل الكاتب قائلا: "السؤال الوحيد هو من أين ستظهر الخطوة المقبلة لزعزعة الاستقرار؟ هل من الجزء المهمش في العائلة الحاكمة؟ إيران؟ تنظيم الدولة وغيرها من الجماعات المتشددة التي ترى في السعودية دولة متداعية؟".
ويقول باتلر إن "المستثمرين المحتملين في تخصيص شركة (أرامكو)، التي يعتقد (أم بي أس) أن قيمتها 2.6 تريليون، سيترددون نظرا للمخاطر السياسية، والمشكلات التجارية الأخرى، ولو تم بيع شركة (أرامكو) فستضطر السعودية لتخفيض سعرها".
ويضيف الكاتب: "يحضر المشهد لدراما قادمة، فآل سعود ضعفاء، ودون شرعية ديمقراطية، أو ليس لهم أصدقاء حقيقيون، وكل ما يهمهم هو نجاتهم، وهذا مقدم على الحاجة للاستقرار، وهو أمر ظل حتى ظهور (أم بي أس) على المشهد علامة السياسة السعودية في القرن الماضي".
ويذكّر باتلر قائلا: "يشير التاريخ إلى أن محاولة السيطرة على السلطة لا تنتج نجاحا بعيد المدى، بل تولد عدم استقرار، وفي غياب الشرعية يظهر فراغ يحاول المتنافسون ملأه، وفي النهاية فإن حتمية النجاة تقف في صف من لديهم القدرة على جلب الأمن والنظام، ومن الملامح المشتركة في مسرحيات شكسبير كلها أن النظام يخرج من الفوضى، وحتى نصل إلى هذه المرحلة فنحن بحاجة لمشاهد عدة".
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "في الوقت الحالي فإن ولي العهد الجديد يفعل الخير لو فهم تعليق هنري الرابع (هناك متاعب تنتظرنا ستثقل التاج)".