نشرت صحيفة الأبزورفر مقالا، أشارت فيه إلى أن
تنظيم الدولة بصدد التعرض لهزيمة في
سوريا والعراق، ولذلك بدأ
الأكراد تحركاتهم لتحقيق أهدافهم الحقيقية، وهي الحصول على الحكم الذاتي في المزيد من المناطق التي كانت تدور فيها المعارك، والاستحواذ على العائدات النفطية.
وقال المقال الذي ترجمته "
عربي21"، إن أعداء تنظيم الدولة بدأوا في التسابق على الغنائم في المناطق التي انسحب منها مقاتلوه.
ففي مدينة الموصل، بدأت القوات
العراقية التحضير لفرض الاستقرار في هذه المنطقة التي سيطر عليها تنظيم الدولة قبل ثلاث سنوات. وفي الجانب الآخر من الحدود في مدينة الرقة السورية، لا يزال التنظيم يسيطر فقط على خمسة أحياء، ولذلك شرعت القوات الكردية في التخطيط لما بعد انتهاء المعارك، من أجل خدمة أحلامها القومية.
وذكرت الصحيفة أن جميع الأطراف المنتصرة بدأت في تحضير سيناريوهات ما بعد الحرب، بعد سنوات من المعارك والخسائر والتقلبات في سوريا والعراق.
واعتبرت الصحيفة أن المكاسب هنا تتجاوز بكثير مجرد الإعلان عن تحقيق الانتصار، والافتخار بالمشاركة في حرب على الإرهاب، إذ أن هنالك رهانات أخرى على المحك، ستحدد مصير المنطقة وخارطتها في المستقبل.
وبحسب الصحيفة، تسعى روسيا لفرض حضورها العسكري في قلب المنطقة، من أجل استعراض عضلاتها السياسية والحصول على النفط والغاز.
أما إيران فهي تريد أن تضمن لنفسها دورا أساسيا في الأحداث الجارية. والولايات المتحدة من جهتها تعاني من غياب استراتيجية واضحة، وهي تسعى فقط لإفساد مخططات أعدائها.
وقالت الصحيفة البريطانية؛ إنه وسط هذا الصراع المحموم على اقتسام الكعكة، يبرز أيضا الأكراد الذين شعروا بحجم الفوضى وأهمية هذه الفرصة بالنسبة لهم. حيث أصبح الأكراد في العراق وسوريا لا يخفون طمعهم في استغلال الفراغ الذي سيخلفه تنظيم الدولة، كفرصة تاريخية بالنسبة لهم.
وذكرت الصحيفة أن مسعود البرزاني، رئيس إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بالحكم الذاتي، دعا إلى عقد استفتاء على الانفصال في 25 أيلول/ سبتمبر المقبل.
أما في سوريا، فإن المليشيات الكردية المدعومة من قبل واشنطن في مواجهة تنظيم الدولة؛ عبّرت عن رغبتها في أن يمتد دورها إلى ما بعد سقوط التنظيم، ليتمثل في الحصول على نوع من الحكم الذاتي.
وأكدت الصحيفة أن الأكراد يريدون التركيز على أهمية الدور الذي لعبوه في الحرب على الإرهاب، لتعزيز موقفهم والمقايضة به خلال أي مفاوضات مقبلة لتحقيق مكاسبهم.
وفي المقابل، فإن دول المنطقة لها رأي مخالف، حيث أكدت الحكومتان العراقية والتركية معارضتهما لأي مساع للانفصال سواء كانت رمزية أو فعلية، ورفضت قبول أي اتفاقات تسمح للأكراد ببيع النفط من الحقول التي يسيطرون عليها في شمال العراق، عبر خط أنابيب يمر إلى تركيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن موقف الولايات المتحدة من هذه المسألة لم يتغير منذ غزو العراق وسقوط نظام صدام حسين، حيث تمسكت واشنطن بوحدة العراق، وتبنت مخاوف بعض دول المنطقة من أن انفصال أي مجموعة قومية في العراق سيمثل تهديدا لحدود بقية الدول.
ونقلت الصحيفة عن مسرور البرزاني، المستشار الأمني في إربيل، عاصمة كردستان العراق، قوله: "إن الوقت حان للإقرار بأن الوضع الحالي في العراق فاشل، والبلاد منقسمة فعليا، ولذلك فإن الاستفتاء على استقلال الأكراد سيمثل إقرارا بشيء واقع مسبقا، وتحقيقا لآمال الأكراد".
وذكرت الصحيفة أن بغداد بدورها تنتظر حصتها من المكاسب في مقابل الدور الذي لعبته في استعادة هذه المدن من قبضة تنظيم الدولة. ولذلك لم يبد المسؤولون العراقيون أي استعداد للتنازل عن جزء من البلاد، كمقابل للدور الكردي في الحرب الدائرة، كما رفضوا التفاوض بشأن بعض النقاط الحساسة مثل منح حرية التصرف في العائدات النفطية.
ونقلت الصحيفة في هذا السياق تصريح أحد أعضاء البرلمان العراقي، الذي قال حول أطماع الأكراد: "إنهم يعتقدون أنهم هم من كسبوا هذه الحرب، نحن لدينا عشرات الآلاف من الشهداء وهم تسقط منهم 42 عنصرا فقط، ولو كان بإمكاننا التخلص منهم مع الحفاظ على حقوقنا لما ترددنا، ولكن للأسف ذلك غير ممكن".
وأشارت الصحيفة إلى أن سوريا أيضا تشهد تقدما كبيرا لقوات سوريا الديمقراطية (التي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري)، المدعومة من الولايات المتحدة، وقد أصبح مقاتلوها يتهربون من معركة الرقة، بعد أن تقدموا كثيرا في شمال شرق البلاد وسيطروا على عديد المناطق التي كانت تحت قبضة تنظيم الدولة.
وكانت واشنطن قد أعلنت عند بداية الحملة على الرقة في حزيران/ يونيو الماضي، أن قوات سوريا الديمقراطية تضم حوالي 2500 مقاتل، وقد سقط منهم لحد الآن حوالي 15 عنصرا، في مقابل سقوط 300 من مقاتلي تنظيم الدولة.
واعتبرت الصحيفة أن المعركة في جنوب الرقة من أجل التخلص من آخر جيوب مقاتلي تنظيم الدولة، قد تتحول إلى صراع من نوع آخر، على غنائم هذه الحرب، إذ أن إيران قامت بنقل مليشياتها إلى تخوم نهر الفرات، التي كانت دائما نقطة محورية خلال 14 سنة الماضية.
وذكرت الصحيفة أن الخبراء العسكريين والمستشارين في واشنطن؛ ينكبون في غضون أسابيع على وضع مخططات للحفاظ على النفوذ الأمريكي في المنطقة، وضمان مصالحهم بعد دحر تنظيم الدولة من مدينة الرقة.
وقد أعلن أحد المسؤولين في الحكومة الأمريكية أن الملشيات الكردية المدعومة من الخارج؛ مخطئة إذا فهمت أن الدور الذي لعبته في هذه الحرب يخول لها الطمع في لعب دور أكبر بعد نهاية المعارك.
وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا نجحت في طمأنة تركيا التي تدعم قوات فصائل المعارضة، مؤكدة لها أن موسكو تدعم وحدة التراب السوري وتقف ضد مخططات التقسيم، وهو نفس مطلب بشار الأسد أيضا، ولذلك فإن الأكراد مدعوون للاقتناع بأن تحركاتهم الحالية لن تؤدي إلى نتيجة، وعند انقشاع غبار الحرب لن يكون هنالك أمامهم من خيار سوى العودة إلى منازلهم.