نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا للمحلل
الإيراني الكندي شاهر شاهدثالث، يقول فيه إن الأوضاع في
سوريا وفي منطقة الخليج تهدد بأن تتطور ولتصبح صراعا إقليميا أو حتى عالميا.
ويذكر الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، عدة حوادث أدت إلى زيادة التوتر بين القوى الموجودة على الأرض في سوريا، مثل إسقاط الأمريكيين للطائرة الحربية السورية في 18 حزيران/ يونيو، ما أدى إلى تهديد
روسيا بتتبع الطائرات الأمريكية وطائرات التحالف، ووضعها في الهدف إن كانت تطير غرب الفرات، وأوقف الروس الخط الساخن مع أمريكا، ثم قامت طائرة حربية روسية في اليوم التالي بتتبع طائرة تجسس أمريكية فوق بحر البلطيق.
ويشير شاهدثالث إلى أنه في 21 حزيران/ يونيو، اقتربت طائرة حربية تابعة للناتو من طائرة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، فظهرت طائرة حربية روسية، وأمالت جناحيها لتظهر أسلحتها، فانسحبت طائرة الناتو، وكانت طائرات أمريكية قبل ذلك بيوم أسقطت طائرة إيرانية دون طيار فوق سوريا.
ويلفت الكاتب إلى حادث آخر، بحسب الجيش الإسرائيلي، في 26 حزيران/ يونيو، حيث هاجمت الطائرات الإسرائيلية مواقع مدفعية تابعة للقوات السورية الحكومية، بعد سقوط عشر مقذوفات في المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل في مرتفعات الجولان، مستدركا بأنه رغم عدم وجود مصدر مستقل يؤكد ادعاء إسرائيل، إلا أن الحادث وقع بعد يوم من تحذير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل لن تسمح لإيران باستحداث وجود دائم على الجولان.
ويتطرق شاهدثالث إلى الحرب الكلامية، التي نشبت بين أمريكا وإيران، بعد إسقاط المقاتلات الأمريكية للطائرة السورية والطائرة دون طيار الإيرانية، حيث دعا وزير الخارجية الأمريكي في 14 حزيران/ يونيو إلى تغيير النظام في إيران، وقال إن إيران تتسبب في زعزعة الاستقرار في المنطقة، ووعد بدعم أمريكا لعناصر داخل إيران؛ لإحداث تغير سلمي في الحكومة، ورد عليه الزعيم الروحي الإيراني آية الله علي خامنئي، قائلا إن حكام البيت الأبيض يتصرفون مثل مشاغبين صغار يلوحون بسكاكينهم حتى يقوم شخص بلكم وجوههم، ويضعهم في مكانهم الصحيح، وأضاف خامنئي أنهم يقولون بأنهم "يريدون تغيير المؤسسة في الجمهورية الإسلامية، فمتى لم تكونوا تريدون هذا؟ كنتم دائما تريدون هذا الأمر، وكنتم دائما تفشلون، ويمرغ أنفكم في التراب".
ويقول الكاتب إن هناك جبهة جديدة بين روسيا ووكلاء إيران في سوريا من ناحية، والقوات الأمريكية وقوات التحالف من ناحية أخرى، في منافسة على السيطرة على جنوب شرق سوريا، المحاذية للحدود العراقية، حيث تمر الطريق الرئيسية، التي تربط بغداد بدمشق. ولفت إلى أن هذه الطريق ذات أهمية استراتيجية لإيران، التي تسعى لفتح خط يوصلها إلى حليفها الرئيسي في لبنان، حزب الله.
وينوه شاهدثالث إلى أن الأمريكيين يسعون للسيطرة على شرق سوريا، بحسب ما أوضحت صحيفة "نيويورك تايمز"، فبعد هزيمة تنظيم الدولة: "هناك قضايا أكبر تشكل خطرا، فهل ستستطيع الحكومة السورية إحكام السيطرة على البلاد كلها حتى الحدود الشرقية؟ هل ستبقى المناطق الصحرواية، التي تمتد بين سوريا والعراق، مناطق خالية وسهلة لسيطرة المتطرفين؟ وإن لم يكن الأمر كذلك من الذي سيسيطر هناك -القوى الموالية لإيران، أم روسيا، أم الولايات المتحدة؟ وأي الفصائل السورية ستتمع بالنفوذ الأكبر؟"، وأشارت الصحيفة أيضا إلى أن القوى هناك تسير في خطوط قابلة للاصطدام.
ويستشهد الكاتب بما قاله الجنرال الأمريكي المتقاعد، دوغلاس إي لوت، بأن الوضع هناك هو وصفة جاهزة لوقوع حرب، حيث قال: "في أي وقت هناك قوات متعددة في الحيز ذاته، دون ترتيبات لمنع نشوب النزاعات، هناك خطر لخروج الأمور عن السيطرة.. فالحوادث التكتيكية على الأرض أو في الجو فوق سوريا يمكن أن يساء فهمها، وتؤدي إلى سوء حسابات".
ويوضح شاهدثالث أن "ما يزيد الأمور سوءا هو العداوة المتزايدة بين
السعودية وإيران، التي وقع فيها هجوم لتنظيم الدولة في 7 حزيران/ يونيو، حيث هوجم البرلمان وضريح الزعيم الروحي السابق آية الله خميني، بعد تهديدات صدرت عن الأمير محمد بن سلمان في أوائل أيار/ مايو، حيث قال: (لن ننتظر حتى تأتي المعركة إلى السعودية، وبدلا من ذلك سنعمل لتكون المعركة في إيران)، ولم يشكك أحد في إيران، ابتداء من الزعيم الروحي إلى جميع المراتب، بأن السعودية تقف خلف الهجمات الإرهابية".
وينوه الكاتب إلى أن "محمد بن سلمان هو مهندس السياسة الخارجية الجديدة الأكثر عدوانية تجاه طهران، وقد تم تعيينه وليا للعهد، هذا السياسي المبتدئ، الذي سيبلغ 32 عاما في آب/ أغسطس، هو من يحدد السياسات الخارجية للمملكة، وسيحتفظ بوزارة الدفاع، ويشرف على إصلاحات المملكة الاقتصادية، بما في ذلك قطاع النفط".
ويفيد شاهدثالث بأنه في الوقت الذي اعتبرت فيه إسرائيل التعيين "أخبارا جيدة لإسرائيل وأمريكا"، إلا أن السفير الأمريكي السابق لإسرائيل دانيال شابيرو وصفه بالخطر بخصوص إيران، وأن تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد يجعل من احتمال وقوع نزاع إيراني سعودي أمرا محتملا.
ويقول الكاتب: "وكمثال واضح على السياسة الخارجية الخطيرة التي ينتهجها حاكم الأمر الواقع للسعودية، هي قائمة الشروط التي قدمت لقطر في 23 حزيران/ يونيو من الدول التي تقودها السعودية، التي تحتوي بحسب (أسوشييتد برس) على 13 شرطا، بما في ذلك إغلاق (الجزيرة)، والقاعدة العسكرية التركية، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران".
ويورد شاهدثالث أن المراقبين يرون أن الشروط تنتهك الأعراف الدولية، وأهمها سيادة الدول، مشيرا إلى أن مثل تلك الشروط لم تفرض على صدام، حتى بعد خسارته حرب الخليج عام 1991.
ويخلص الكاتب إلى أنه "في غياب اتفاق أمريكي روسي، كما كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ألمح خلال حملته الانتخابية، فإن احتمال نشوب حرب في الشرق الأوسط لا تبقي ولا تذر يصبح كبيرا".