ناقش المبعوث السابق للشرق الأوسط، والزميل في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى
دينس روس، ضرورة تعامل الإدارة الأمريكية مع ولي العهد السعودي الجديد الأمير
محمد بن سلمان.
ويقول روس في مقال له، تحت عنوان "ادعموا
السعودية الجديدة"، نشره موقع "يو أس نيوز"، إن "السعودية أصبح لها ولي عهد جديد، يعرف بـ (م بي أس)، ومن المؤكد أنه سيخلف والده الملك سلمان (81 عاما) على العرش، ولم تر المملكة شخصية مثله، حيث منح سلطات واسعة، وزيرا للدفاع، ومشرفا على الاقتصاد السعودي وتحويله، وكما قال لي وزير سعودي قبل فترة قصيرة من لقائي معه: (ستقابل قوة الطبيعة التي نملكها)".
ويعلق الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، قائلا: "لا مجال للشك أن محمد بن سلمان لديه قضية، ويؤمن أن على السعودية تنويع اقتصادها، والقيام بتحديث الدولة وطريقة الحكم فيها، بل حتى علمها الاجتماعي، وهو يعرف أنه عصر التغيرات السريعة، ويجب على السعودية خلق اقتصاد قائم على المعرفة".
ويقول روس: "زُر كلية الأعمال في مدينة الملك عبد الله، فإنك ستشعر كأنك في حرم تعليمي تابع لـ(غوغل)، لكن ليس في طريقة ترتيب المكان، بل الطلاب والطالبات الذين لديهم الطاقة، ويشعرون بأنهم قادرون على إعادة تشكيل صورة البلد، وبلا شك فإن محمد بن سلمان هو ملهمهم، وسواء نجحوا وولي عهدهم أم لا، فإن هذا أمر نترقب حدوثه".
ويشير الكاتب إلى أن "السعودية بلد محافظ إلى درجة كبيرة، ولن يحدث التغيير بشكل عام، وللنساء بشكل خاص، بطريقة سهلة، فستقاوم المؤسسة الدينية هذا التغيير وتقزّم دورها، حيث قامت بتعليم وتصدير نموذج صارم وغير متسامح من الإسلام، وسيطر أفرادها على التعليم والأخلاق الاجتماعية، وفعلوا هذا ضمن صفقة مع العائلة المالكة، بالإضافة إلى أن قطاعا من العائلة المالكة قد يقاوم محاولات ولي العهد قطع العلاوات المتوفرة دائما لهم".
ويرى روس أن "مهمة ولي العهد في عصر تراجعت فيه أسعار النفط ستكون صعبة، حيث تراجع عن العلاوات التي خفضها للموظفين من أجل التصدي للعجز في الميزانية؛ بسبب المعارضة التي ولدتها هذه الخطوة".
ويستدرك الكاتب بأنه "مع ذلك، فإن الأمير يدفع باتجاه تنويع موارد الدولة، بعيدا عن النفط، ويعمل على تغيير الثقافة، وسمح بدخول الفرق الموسيقية والراقصة للمملكة، حيث يحاول تغيير النظام التعليمي، ويريد وزير التعليم في حكومته تغيير المقررات الدراسية القديمة ومحتوياتها وأسلوب الحفظ، وتقديم لوحات رقمية للتفاعل بدلا من ذلك".
ويلفت روس إلى أن "التحديات التي تواجه الأمير ليست داخلية فقط، بل خارجية أيضا، فولي العهد يرى إيران تهديدا وجوديا، وهو مصمم على مواجهتها، ورسمت السعودية خطا في اليمن، حيث شاهدت يد الإيرانيين في إطاحة الحوثيين للحكومة اليمنية (واقتنع أن إدارة باراك أوباما لن تتحرك ضد العدوان الإيراني)".
ويعترف الكاتب بأن "هذا التدخل كان ثمنه باهظا بالنسبة للسعوديين والإماراتيين، ويجب ألا ننسى الأثر على اليمن الفقير، وبالإضافة إلى هذا، فإن المملكة الآن مع الإمارات والبحرين ومصر في نزاع مع
قطر؛ من أجل تغيير ازدواجية التعامل التي تقوم بها، فهي شريك قوي لهذه الدول والولايات المتحدة من جهة، وتقدم الدعم للإخوان المسلمين وحركة حماس وحركة طالبان والجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة من جهة أخرى".
ويزعم روس قائلا: "مثل السعوديين، فإننا عانينا من هذه اللعبة المزدوجة ولمدة طويلة، وفي الوقت الذي رحبت به إدارة دونالد
ترامب بحملة الضغط السعودية ضد قطر، فإنه يبدو أنها غيرت موقفها".
وينوه الكاتب لما يراه "طريقة غير مسبوقة للحديث عن بلد صديق، عندما عبرت المتحدثة باسم الخارجية عن أنها (تشعر بالدهشة) لما تفعله السعودية ضد قطر، وأنها، أي الرياض، لم تقدم قائمة مطالب واضحة للدوحة، وأن الحملة ليست لتغيير السلوك، بل النظام".
ويعلق روس على ما قدمته السعودية من خلال الكويت، التي تقوم بدور الوساطة، وهي 13 مطلبا، قائلا إن "بعضها مثل طلب تعويضات عن الأضرار التي تسببت بها قطر للسعودية تذهب بعيدا، إلا أن المطالب الأخرى ليست كذلك".
ويقول الكاتب: "على سبيل المثال، طرد الحرس الثوري الإيراني من قطر، وقطع العلاقات مع جماعات إرهابية، والتوقف عن تمويل الجماعات الإرهابية، هي مطالب مناسبة وضرورية".
ويذهب روس إلى أن "الطلب من قطر إغلاق (الجزيرة) مطلب كبير، لكن ألم يحن الوقت لأن تتوقف الشبكة التي تمنح منبرا لأشخاص، مثل الشيخ يوسف القرضاوي، الذي يمنح الشرعية للإرهاب؟".
ويقول الكاتب إنه "من السهل فهم السبب الذي يدفع إدارة ترامب لإنهاء المواجهة المعقدة بين السعودية وقطر، لكن يجب أن تدعم الجهود لدفع قطر لتغيير طرقها، والتقليل من شأن السعوديين لن يحقق هذا الهدف".
ويخلص روس إلى القول، إن "الولايات المتحدة لديها رهان على التحول الناجح للسعودية، والبحث عن الطرق المناسبة للعمل مع ولي العهد هو البداية".