للأسبوع الثالث على التوالي تشهد البلدات العربية في الداخل
الإسرائيلي موجة احتجاج وغضب عارم تصاعدت حتى وصلت لتنفيذ إضراب عام في معظم مدن الداخل المحتل، احتجاجا على سياسة هدم المنازل في الأحياء العربية.
بداية الأزمة
وبدأت هذه الاحتجاجات على إثر إعدام الشرطة الإسرائيلية للشاب محمد محمود طه (27 عاما) من بلدة كفر قاسم في السادس من هذا الشهر، أثناء احتجاجه على سياسة هدم المنازل التي تقوم بها الشرطة الإسرائيلية في الأحياء العربية، وفقا لما نقلته إذاعة الجيش الإسرائيلي.
لكن اللافت في هذه الاحتجاجات التي تعد الأكبر منذ سنوات، هي الدعوة التي خرجت على لسان نواب عرب في الكنيست الإسرائيلي وشخصيات سياسية وازنة ممن يمثلون المجتمع العربي في إسرائيل "بتدويل قضايا
فلسطينيي الداخل" من خلال إصدار قرار من الأمم المتحدة بحماية الأقليات العربية في "إسرائيل".
رفع سقف المطالب
وفي ذات السياق قال رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية وهي أعلى هيئة تمثيلية للعرب في إسرائيل، محمد بركة، إن "حكومة التطرف الإسرائيلية التي يقودها بنيامين نتنياهو تمارس أبشع الجرائم بحق عرب الداخل، واستمرار هذه الغطرسة لن يكون على حساب حقوقنا الإنسانية والاجتماعية التي يكفلها القانون الإسرائيلي المطبق في البلاد".
وأكد بركة في حديث خاص لـ"
عربي21" أن لجنة المتابعة قررت رفع سقف المطالب هذه المرة في وجه الحكومة الإسرائيلية من خلال "المطالبة بحماية دولية للأقلية العربية في إسرائيل عن طريق تبني الأمم المتحدة لقضيتنا كأقلية تتعرض لظلم ممنهج أسوة بباقي الدول، أو قيام دولة كبرى بتمثيلنا وتبني حقوقنا والدفاع عنها بسبب سياسة الإقصاء التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية بحق
الفلسطينيين.
وبحسب بركة فقد رصدت هيئة المتابعة العربية قيام "الشرطة الإسرائيلية بإعدام ستة من خيرة شباب الحراك العربي في إسرائيل منذ بداية العام، دون أن تفتح الشرطة تحقيقا في ملابسات هذه القضية، وهذا أمر لا يمكن السكوت عنه".
ترحيب دولي
وتأكيدا لذات الموقف، أكد النائب عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في الكنيست الإسرائيلي المعروفة اختصار (حداش)، يوسف جبارين، أن "ممثلي الجبهة الديمقراطية وحقوقيين عرب عقدوا جلسة طارئة مع سفير الاتحاد الأوروبي فابورغ أندرسون وجلسة أخرى مع مسؤول الشرق الأوسط في المفوضية الأوروبية ميخائيل كولير الأسبوع الماضي، بعد تصاعد حدة التوتر في البلدات العربية والتي كان من الممكن أن تؤدي إلى مزيد من الدماء والفوضى في حال استمرارها". وفق قوله
وأضاف جبارين في حديث لـ"
عربي21" أن "الوفدين قاما خلال اجتماعهما بوضع السفراء في صورة الهجمة الشرسة التي تقودها الحكومة الإسرائيلية بحق عرب الداخل، مطالبين إياهم بالبحث عن صيغة قانونية لإمكانية توفير حماية دولية للأقلية العربية في إسرائيل أو تدويل جميع قضاياهم بما يضمن تحقيق الحد الأدنى من العدل وفقا للقانون الإنساني".
ووفقا للجبارين فقد أبدى السفراء الأوروبيون تعاطفا مع قضايا عرب الداخل و"خصوصا قضية هدم المنازل بحجة عدم الترخيص"، إضافة إلى "تقاعس الشرطة عن حماية المواطنين العرب من هجمات المستوطنين التي تتم بشكل يومي".
وأكد الجبارين أن سفراء الممثلية الأوروبية "أبدوا ترحيبا بما طرحه النواب والممثلون العرب في عرضهم لقضايا ومشاكل الجالية العربية في إسرائيل، وأكدوا أنهم سيعملون على عرض القضية أمام البرلمان الأوروبي ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خلال هذا العام للبث في هذه المطالب وما مدى نجاح تطبيقها من عدمه خلال الاجتماع المرتقب للجمعية العامة نهاية هذا العام"، وفق لقوله.
تعود بداية التوتر بين الحكومة الإسرائيلية والمواطنين العرب هذه الأيام إلى قرارات الهدم المتكررة التي تصدرها الشرطة الإسرائيلية بحق الأحياء العربية والتي بدأت شراراتها بتهديد قرية أم الحيران البدوية في صحراء النقب جنوب إسرائيل بهدمها لإقامة مستوطنة على أنقاضها بداية هذا العام.
ثم تلا ذلك قرار من الشرطة الإسرائيلية بهدم أحد عشر منزلا في قرية قلنسوة شمال فلسطين المحتلة ما دفع بالأمور إلى التوتر والتي ما زالت مستمرة حتى هذه اللحظة.
نجاح النخب العربية
بدوره قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة، وليد المدلل، إن "موضوع التدويل لقضايا فلسطيني الداخل بدأ يأخذ صدى واسعا في الفترة الأخيرة وهذا يؤكد نجاح النخب العربية في إسرائيل في تسويق الفكرة من خلال الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع وحقوق الإنسان وهي بذلك تعتبر أولى الخطوات العملية لنجاح هذا الطرح في حال تم عرضه على الأمم المتحدة لتبينه كقضية إنسانية".
وأضاف المدلل أن "إسرائيل عضو في الأمم المتحدة، لذلك فإن القانون يلزمها بتنفيذ ما تنص عليه مبادئ حقوق الإنسان".
وأوضح في حديث لـ"
عربي21" أن "تبني الأمم المتحدة لتدويل قضية من قضايا الأقليات يبدأ بمجموعة من الخطوات أولها إنذار الحكومة بضرورة احترام القانون الإنساني المعمول به في الأمم المتحدة والعمل على تنفيذه والالتزام به، وفي حال رفضت الدولة هذا التحذير فإنه يتم الاستعانة بخيار فرض العقوبات والإيعاز إلى الدول الأخرى بسحب التمثيل الدبلوماسي منها وفرض حصار ومقاطعة سياسية، لتصل في إلى النهاية أن تجد الدولة نفسها ملزمة بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الذي سيتولى بشكل مباشر متابعة وإشراف ما أقرت به الدولة المعنية".
ونوه المدلل إلى ضرورة "تبني النخب العربية في إسرائيل لهذه القضية والعمل على تسويقها في الخارج لإنجاحها بالشكل الذي يحقق مطالبهم سواء عن طريق إجراء اتصالات مع الدول الصديقة أو تأليب الرأي العام العالمي ضد تصرفات الحكومة الإسرائيلية".