قد يقول قائل "اتق الله يا زوبع" فكيف للمملكة العربية السعودية وهي تمثل رأس حربة البلدان السنية كما يقولون أن تستقبل حسن نصر الله أحد أهم أذرع إيران الشيعية في البلد الحرام؟
وأقول لك أو له أو لكما "اللهم اجعلني من المتقين".
قد يرى البعض أن هذا سؤال سابق لأوانه، وربما لن يأتي له أوان، فالشرق شرق والغرب غرب كما هو معلوم ولا يمكن أن يجتمع ملك السعودية خادم الحرمين مع حسن نصر الله الشيعي المتعصب والذي لطالما وصم السنة بأنهم نواصب ووصم عائلة آل سعود بالإرهاب والتطرف والجمود والرجعية والعمالة لأمريكا ومن حولها من كبريات العواصم الأوروبية.
لا تتعجل فسآتيك بالجواب فورا وبدون تلكؤ أو تردد. أولا لم يعد الشرق شرقا ولا الغرب غربا بل العكس نحن نعيش عصرا أصبح فيه الشرق غربا في الوقت الذي لا يزال فيه الغرب غربا. أوضح لك أو اضرب لك مثالا توضيحيا حول ذلك.
فكما تعلم أن المملكة والخليج دول قامت شرعيتها على أساس ارتباط الحكم فيها بالدين بدرجة أو بأخرى ربما بلغت ذروتها في السعودية التي ترفع لواء تطبيق الشريعة منذ تأسيسها أو هكذا فهمنا ولو من علمها الأخضر الخفاق عاليا وعليه كلمة التوحيد ومعها سيف الحق البتار الذي يرفع في وجه المعتدين!! تتفق معي طبعا، ولكن مع مرور الوقت وجدنا أن الكلام عن الشريعة في دول الخليج بدأ يتراجع وتحول من الجهر إلى الصمت ومن الفعل إلى اللا فعل، وبعد أن كانت هيئة كهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ملء السمع والبصر ومنبع الفخر لأي سعودي أصبحت عبئا يسعى حكام المملكة الجدد إلى التخلص منه.
دع هذا المثل لعلك تجادل فيه وربما تكون محقا، ما رأيك في تصريحات يوسف العتيبة سفير الإمارات في أمريكا وتقريبا يقوم بدور وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد بعد تجميده وتكليفه بملف إدخال السرور والحبور على وزراء خارجية دول الحصار العظمى، هل تعرف ماذا قال يوسف العتيبة في تصريحات متلفزة لإحدى المحطات التلفزيونية الأمريكية مؤخرا؟ قال يوسف العتيبة إن دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها السعودية حاملة لواء الدين والملة والإمارات وغيرها تسعى إلى تأسيس نظم علمانية في المستقبل القريب بينما قطر ترفض؟
هل فهمت ما فهمته من هذا الكلام؟ الرجل أولا وبكل أريحية يتحدث باسم السعودية وبالمناسبة لم ينكر عليه أي مسؤول سعودي قيامه بهذه المهمة، دع هذه وإليك بالثانية وهي الثقيلة حقا، فالرجل يتحدث عن نظام علماني في السعودية خلال الفترة المقبلة. في السعودية نظام علماني؟ هل أنت جاد يا رجل؟ هل تمزح؟
السعودية حامية الحرمين والشريعة إلخ.. لن تصبح دولة إسلامية وستتحول إلى دولة علمانية! يا للهول.
هل تعلم يا فتى (يوسف العتيبة) أن علماء السعودية كانوا يعتبرون العلمانية خروجا على الدين مثلها مثل الديمقراطية والليبرالية اضافة إلى التظاهر والمظاهرات التي اعتبروها مناقضة للتوحيد في بعض فتاويهم؟
يوسف جن جنونه ولكن للأسف ليس وحده.
هيه.... عزيزي القارئ هل تأكدت الآن أن الشرق لم يعد شرقا بل عاد غربا لحما ودما والدليل ما قاله يوسف وما يقوم به محمد بن سلمان من تغريب في المجتمع السعودي من أجل إرضاء البيت الأبيض.
هل تأكدت عزيزي القارئ أن البيت الأسود لم يعد أسودا بالكامل، صحيح أنه لم يتحول بالكلية إلى الأبيض ولكنه أصبح رماديا. هل لا زلت تؤمن بأن الشرق شرق والغرب غرب.
دع هذه وقل لي بربك هل ظننت يوما ما أن غلاة الشيعة وقتلة أهل السنة في لبنان وسوريا والعراق واليمن سيكونون يوما ما ضيوفا معززين مكرمين على المملكة العربية السعودية؟
هل كنت تحلم يوما ما بأن قادة الحشد الشعبي سيجلسون وجها لوجه مع الملك سلمان وابنه ولي العهد وهما من هما بالنسبة لأهل السنة؟
لم تكن تتخيل مثلي، ولم تحلم برؤية لذك اليوم ولكنه حدث وانتشر الخبر مشفوعا بالصور معلنة أن الوزير المتعصب قاسم الأعرجي والزعيم الطائفي مقتدى الصدر قد زارا المملكة والتقيا بالملك وولي عهده بينما هناك الألوف من أهل السنة في قطر وغيرها لا يتوقع أن تفتح لهم الحدود البرية أو الفضاء الجوي لأنهم ورغم أنهم من أهل السنة لكنهم ليسوا من أهل الحظوة وبالتالي قررت المملكة حرمانهم رغم أنها لا تملك حقا حصريا في الأماكن المقدسة إنما كما تزعم هي تشرف بخدمة الحرمين.
هل لازلت تعتقد بأن السعودية تدافع عن السنة في الوقت الذي تستقبل فيه قتلة أهل السنة في العراق؟ وإذا كانت الإجابة لا فلم تستبعد أن تستقبل السعودية وتحتفي باستقبال الشيخ حسن نصر الله لكي يؤدي فريضة الحج هذا العام جنبا إلى جنب مع الملك سلمان أطال الله عمره لكي يشهد هذه اللحظة التاريخية أو يشهدها نيابة عنه ولي عهده إن قدر الله له تولي السلطة ولم يحدث في الأمور أمور كما يقولون.
توقعت يوما ما أن نتنياهو سيزور القاهرة وقد حدث ولعل زيارة أو لقاء بين نصر الله وسلمان أو ابنه لن يكون بعيدا سواء في المملكة عند الحرمين أو في أبوظبي، ولكن لا أتوقع أن يلتقي أي مسؤول سعودي رفيع مع حسن نصر الله في تل أبيب في الوقت الراهن.
هذه طبخة تحتاج بعض الوقت.