نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا، تحدث فيه عن تهميش
حزب الله اللبناني لجيش بلاده في أحداث
عرسال، وقتاله مع جبهة النصرة، وعقد اتفاق معها، وتنفيذه خلال الأيام الماضية.
وبدأ "حزب الله" معاركه في جرود عرسال، في 19 يوليو/ تموز الماضي، ضد مجموعات سورية مسلحة، أبرزها "جبهة النصرة"، وتمكن من السيطرة على مواقع عدة كانت تحت سيطرتها، بدعم من طائرات النظام السوري.
وتلا ذلك اتفاق بين الحزب وجبهة النصرة على تسليم جثث القتلى للطرفين كمرحلة أولى، ثم مرحلة ثانية "تشمل خروج مسلحي جبهة النصرة وعائلاتهم، مقابل الإفراج عن أسرى حزب الله لدى الأولى".
ولم يلعب
الجيش اللبناني، الذي يتلقى مساعدات عسكرية أمريكية وبريطانية كبيرة، دورا مؤثرا في العملية، واكتفى بإقامة المواقع الدفاعية حول بلدة عرسال.
وقال تقرير الموقع إنه، بحسب محللين وصحفيين، لم يعد ينظر إلى حزب الله كحركة مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيل جنوب لبنان فقط، فالحزب يسوّق نفسه الآن كخط دفاع أول ضد "التهديدات الإرهابية" من الشرق أيضا.
ونقلت الصحيفة عن مراسل في منطقة جرود عرسال لديه اتصال مع مصادر رفيعة مع حزب الله قوله إن الجيش اللبناني لم يكن موجودا. وقال: "في المعركة لا يوجد سوى المقاومة".
كما أخبر صحافي زار المنطقة في جولة لاحقة للموقع أن حزب الله هو المسؤول. وقال الصحافي الذي طلب عدم الكشف عن هويته: "لم يكن هناك سوى مقاتلي حزب الله وقيادته، ولم يكن هناك أي عناصر من الجيش اللبناني".
وقال توني بدران، وهو باحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، إن الدور الرئيسي لحزب الله في عرسال "يعكس حقيقة أنه هو من يضع جدول الأعمال والتوجيه العملي" في العمليات الدفاعية اللبنانية.
وفي الوقت نفسه، تقول السفارات الأجنبية الداعمة للقوات المسلحة اللبنانية إن الجيش يجب أن يكون هو الجهة الأمنية الوحيدة في لبنان. وقال السفير البريطاني هوغو شورتر خلال هجوم عرسال إن الجيش اللبناني يحظى بدعم بريطانيا؛ "لأنها المدافع الشرعي الوحيد عن لبنان".
لكن الكثيرين في لبنان يعتقدون أن حزب الله، سواء صنف شرعيا أم لا (العديد من قرارات الأمم المتحدة تدعو إلى نزع سلاح الجهات الفاعلة غير الحكومية)، هو قوة الدفاع عن البلاد.
ورغم كل المساعدات العسكرية التي يتلقاها، لا يزال الجيش اللبناني غير قادر على مواجهة حزب الله، الذي يتلقى تدريبات من قوات الحرس الثوري الإسلامي، فضلا عن والمال والأسلحة، وأحد أعمدة القتال في سوريا إلى جانب النظام السوري منذ خمس سنوات على الأقل.
وقال الموقع إن الدعم السياسي لحزب الله في لبنان هو ما يحافظ عليه حقا ويمنحه ميزة. وكان الرئيس اللبناني ميشال عون أعلن في شباط / فبراير الماضي أن حزب الله "هو جزء أساسي من دفاع لبنان".
وقال بدران: "ما قاله عون يشير إلى إن الحكومة اللبنانية تتبع توجيهات حزب الله عندما يتعلق الأمر بسلاحه وكيفية عمله مع الجيش اللبناني".
وأضاف أن حزب الله أراد تأكيد سيطرته على أساس المذهب "الجيش والشعب والمقاومة".
ويقول "ميدل إيست آي" إن هذا يجعل حزب الله شريكا للجيش، مع السماح له بالحفاظ على نفوذ كبير، وتصور هذا المحور الثلاثي (جيش وشعب ومقاومة) باعتباره النموذج الفعال الوحيد للدفاع عن البلاد.
وقال إن الجيش اللبناني والجهاز الأمني اللبناني يساعدان المليشيات على تحقيق أهدافها.
وقال بدران: "قام الجيش بدوريات في الطرقات، وتأمين طرق لوجستية واتصالات لصالح حزب الله".
وأضاف: "لذلك، عندما قام حزب الله بعرضه العسكري في القصير العام الماضي، كيف تظن أنهم جلبوا كل هذه المعدات عبر الحدود، الجيش كان موجودا هناك".
وقال ثاناسيس كامبانيس، وهو باحث بارز ومؤلف كتاب عن حزب الله، "إن أبرز قادة الجيش الذين لديهم صلاحيات لن يعارضوا حزب الله، حيث يعتبرونه ضروريا في الدفاع ضد إسرائيل".
وبينما سيكون حزب الله سعيدا بتسليم الأراضي المكتسبة في عرسال إلى الجيش، فإنه سيبقى صاحب النفوذ في تلك المنطقة.
وأضاف "أن حزب الله لا يريد أن يضع يده على تلك المنطقة دون داع، لكن بإمكانهم تثبيت مواقع أو مقاتلين حيثما يريدون؛ للحفاظ على النفوذ؛ بسبب العلاقة الودية لديهم مع القوات المسلحة اللبنانية".
وانتقد الخصوم السياسيون لحزب الله، ومن بينهم رئيس الوزراء سعد الحريري، دور الجماعة اللبنانية الشيعية في الصراع السوري. وقال الحريري إن تنسيق عودة اللاجئين من لبنان إلى سوريا يجب أن يتم فقط من خلال الأمم المتحدة.
وبحسب كامبانيس، فإن أحد الأسباب التي أخرت شن هجوم عرسال هو الإحجام عن وضع جنود الجيش السنة في العملية التي يقودها حزب الله.
وقال "إن التيار السني في لبنان يشعر بالقلق الشديد من قوة حزب الله، وإن حزب الله وليس الدولة مَن يقود هجوم عرسال".