رغم استعادة الموصل.. لماذا يتجه العراق إلى حرب جديدة؟

نشرت صحيفة "برافدا" الروسية تقريرا، سلطت من خلاله الضوء على آخر التطورات في العراق، بعد استعادة الموصل مؤخرا، بعد معاناة طويلة شهدتها المدينة في ظل تنظيم الدولة. 

وأفادت بأنه رغم الفرحة العراقية بالانتصار على التنظيم، "إلا أن ذلك لا يعني أن العراق قد تحرر تماما من كل الحروب التي يرزح تحتها منذ مدة طويلة". 

وقال معد التقرير، ديميتري نارسيسوف، إن "العديد من المؤشرات تدل على أن السلام في العراق أمر مؤقت، ولن يستمر طويلا".
 
وأوردت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أن "استعادة الموصل كان يعد مسبقا بمثابة نهاية حقبة من الأحداث الرهيبة التي شهدها العراق، خاصة وأن قوات الجيش العراقي، ومليشيات البيشمركة الكردية وغيرها من القوات في ظل دعم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، قد بذلوا جهدا كبيرا للسيطرة على أحد أكبر معاقل التنظيم".

وتابعت بأن "العراق في الوقت الراهن يتحضر للدخول في مرحلة جديدة من تاريخه، وذلك من أجل إعادة بناء البلاد، واستعادة النظام والأمن، إلا أن هذه الخطوات لم تدخل حيز التنفيذ بعد". 

وأوضحت أنه "في الواقع، ينبغي أن يعمل العراق على إيجاد الحلول الملائمة للعديد من المشاكل الداخلية التي قد تضع البلاد على شفا صراعات جديدة واشتباكات عنيفة".

وأشارت في ضوء ذلك إلى أن العراق سيشهد في قادم الأيام الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق الذي سيعقد في شهر أيلول/ سبتمبر من هذا العام. 

فضلا عن ذلك، ستعيش البلاد على وقع الانتخابات البرلمانية خلال السنة المقبلة، علما بأن كل هذه الأحداث مرتبطة ارتباطا مباشرا بقضايا السلطة والوحدة الوطنية والترابية في العراق.

توتر طائفي

وأوضحت الصحيفة أنه على امتداد سنوات عدة، كان العراق يعيش في ظل حالة من التوتر والاحتقان الشديد. وفي الأثناء، انقسم الشعب العراقي فعليا إلى ثلاثة أجزاء، العرب الشيعة والعرب السنة والأكراد (أغلبهم سنة).

وخلال فترة حكم صدام حسين، وحزب "البعث" العراقي، كانت السلطة تتركز بين أيدي العرب السنة، في حين لم يكن للشيعة والأكراد حضور كبير على الساحة السياسية. 

وبعد الإطاحة بصدام، تولى الشيعة السلطة، في الوقت الذي تمكن فيه الأكراد من الحصول على الحكم الذاتي، بينما تقلصت مكانة السنة.

وبحسب الصحيفة، فإنه "من المثير للاهتمام أنه وفي حال قمنا بتقييم الوضع الراهن في العراق بعد استعادة الموصل، يمكننا ملاحظة تنامي نفوذ الشيعة العرب والأكراد مقابل تقلص مكانة السنة"، وفق قولها.

وأضافت أن الانتخابات البرلمانية المزمع تنظيمها خلال السنة المقبلة كفيلة بإيجاد حل لهذه المشكلة، مع العلم أن عددا قليلا جدا من العراقيين يؤمنون حقا بإمكانية نجاح هذه الانتخابات. 

فمن المرجح أنها لن تحظى باعتراف جميع الأطراف، لا سيما أنه حتى الآن لم تتمتع أي سلطة في العراق بالمصداقية اللازمة في نظر العراقيين.

استفتاء الأكراد

وأشارت الصحيفة إلى أنه وبعد بضعة أشهر، من المرجح أن إقليم كردستان العراق سينفصل عن العراق بموجب الاستفتاء المقرر إجراؤه في 25 من أيلول/ سبتمبر. 

وفي الأثناء، من المرتقب أن يواجه هذا الاستفتاء معضلة كبيرة تكمن في أنه بالإضافة إلى عدد السكان الحالي للأراضي الكردية المدرجة وفقا للدستور ضمن إقليم كردستان العراق، يرغب عدد من سكان المناطق المجاورة المتنازع عليها التي يعيش فيها الأكراد وعدد من الأعراق الأخرى في المشاركة في هذا الاستفتاء. 

وفي هذا الصدد، يسعى السكان غير الأكراد من السنة للانضمام إلى كردستان العراق ومغادرة العراق الموحدة التي يهيمن عليها الشيعة.

وذكرت الصحيفة أن بغداد ترفض الاعتراف بشرعية الاستفتاء الكردي، علما بأنها تحظى بدعم كل من تركيا وإيران. 

وذهبت إلى أن الحكومة العراقية، قد تميل لاستعمال القوة لقمع الميول الانفصالية للأكراد، وجزء كبير من العرب السنة. 

بالتالي، قد تندلع في البلاد موجة جديدة من العنف.

وبينت الصحيفة أنه في حال تطور الوضع في هذا الاتجاه، مع مواصلة أنقرة وطهران دعمهما للعراق، فلا مفر من نشوب صراع جديد في البلاد. 

في المقابل، لن يلتزم الجيران العرب وتحديدا المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين الحياد، ولن يلوذوا بالصمت أمام التدخل الإيراني. 

ووفقا للصحيفة، فقد أخذت هذه الدول الثلاث إلى جانب مصر، بالفعل في تكوين ائتلاف إقليمي مناهض لإيران. 

وأوردت أن ما يحدث الآن، فيما يتعلق بالصراع مع قطر قد يمهد لتشكيل موقف موحد بين الدول العربية الأربع بشأن مستقبل العراق؛ البلد الذي قد يتحول إلى ساحة معركة للتصدي للتأثير الإيراني المدمر، وفق تعبيرها. 

ومن هذا المنطلق، شرعت الرياض في إعداد الأرضية الملائمة حتى تتمكن من التأثير على السياسة الداخلية العراقية، بحسب الصحيفة. 

زيارة الصدر

ولفتت إلى أنه منذ أيام عدة، أدى الزعيم الشيعي العراقي، مقتدى الصدر زيارة للعاصمة السعودية، حيث أجرى عدة محادثات مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وأفادت الصحيفة بأن مقتدى الصدر يعد أحد المشاركين في الصراع على السلطة في بغداد، جنبا إلى جنب مع نائب رئيس الجمهورية، نوري المالكي ورئيس الوزراء الحالي، حيدر العبادي. 

وأشارت إلى أن ثلاثتهم ينتمون إلى التيار الشيعي، ولديهم علاقات وثيقة مع طهران، كما أنهم يحظون بالشرعية بالنسبة لواشنطن بطريقة أو بأخرى.

وقالت إن الزيارة المفاجئة لمقتدى الصدر للعاصمة السعودية تحيل إلى أن المملكة تسعى للعب دور نشط في خضم اللعبة القادمة في العراق، مؤكدة أنه في ظل الظروف السائدة والتناقضات القائمة بين جميع اللاعبين في العراق، لا يبشر هذا الأمر بالخير. 

وختمت بالقول: "للأسف، وفي أعقاب النصر في الموصل، يبدو أن الوضع في العراق سيعود من جديد إلى نقطة الغليان في خريف هذه السنة".