قالت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية، إن ولي العهد السعودي محمد
بن سلمان يرغب في سحب قوات بلاده من "المستنقع
اليمني"، بحسب ما ورد في رسائل إلكترونية مسربة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إنه بعد مرور سنتين على بداية التدخل العسكري السعودي في اليمن، لا زال ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، من أبرز العناصر التي تساهم في زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.
وذكرت الصحيفة أنه في حين تزداد الحرب في اليمن ضراوة، ترتفع حصيلة الضحايا؛ وما زاد الوضع تعقيدا ظهور وباء الكوليرا، إذ حصد حوالي 1975 قتيلا إلى حد الآن، حسب أحدث تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية.
وأوضحت الصحيفة أن الأسباب التي تقف وراء تفشي وباء الكوليرا، تعود أساسا إلى عدم تمكن حوالي 14 مليون يمني من الحصول على الماء الصالح للشرب، فضلا عن الحالة السيئة للغاية للصرف الصحي، وتدهور خدمات الرعاية الصحية في البلاد، وتشير بعض التقديرات إلى أن هذا الوباء يطال معدل خمسة آلاف شخص يوميا.
وبينت الصحيفة أنه بالتزامن مع انتشار وباء الكوليرا، وقع تسجيل تبادل رسائل إلكترونية بين كل من السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف
العتيبة، والسفير الأمريكي السابق في تل أبيب، مارتن إنديك، وعدد من المسؤولين الأمريكيين السابقين. وقد ناقشت هذه الشخصيات السياسية مختلف أبعاد الوضع في المنطقة.
اقرأ أيضا: "الصحة العالمية": نصف مليون مصاب بالكوليرا في اليمن
وأوردت الصحيفة أن هذه التسريبات قد وقعت في يد مجموعة "غلوباليكس". ومن رسائل البريد الإلكتروني المثيرة للاهتمام، ذكرت تلك التي تم تبادلها بين العتيبة وإنديك، والتي أشارا فيها إلى الرجل القوي في المملكة العربية
السعودية، ألا وهو ولي العهد محمد بن سلمان.
وتجدر الإشارة إلى أنه خلال الفترة التي تم فيها تبادل الرسائل، لم يعد مارتن إنديك يباشر عمله كمسؤول أمريكي، وأصبح يعمل في عدد من "مراكز الدراسات الإستراتيجية"، علما بأن هذه المؤسسات قد سببت الكثير من الأضرار في الشرق الأوسط. فضلا عن ذلك، عادة ما تسعى هذه المراكز إلى استقطاب المسؤولين السامين في الشؤون الخارجية والدفاع، بعد تقاعدهم بفترة وجيزة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في وزارة الخارجية الأمريكية، يلقب كل من مارتن إنديك، وإليوت أبرامز، الذي ظهر اسمه أيضا في رسائل البريد الإلكتروني المسربة؛ "بالحاخامات". وعموما، ساهم كلا المسؤولين في عرقلة مسار عملية السلام مع الفلسطينيين والإضرار بسير المفاوضات.
علاوة على ذلك، جعل إنديك وأبرامز من الوضع في المنطقة أكثر سوءا وساهما في تدهوره أكثر مما كان عليه قبل تسلمهما لمهامهما في الإدارة الأمريكية. إذ لا زال إنديك وأبرامز يتبعان نفس المسار، لكن في هذه المرة، يحيك المسؤولان خططهما انطلاقا من "مراكز الدراسات الإستراتيجية"، مع التركيز على المملكة العربية السعودية وحلفائها.
وبينت الصحيفة أن رسالة البريد الإلكتروني الأكثر أهمية، هي تلك التي تعود إلى تاريخ 20 نيسان/ أبريل الماضي، والتي تضمنت إجابة إنديك عن رسالة سابقة مرسلة من قبل السفير الإماراتي، العتيبة. من جانب آخر، حمل العتيبة سمعة المتآمر في واشنطن، كما يعرف بأن له علاقات مباشرة مع كبار المسؤولين في البيت الأبيض. والجدير بالذكر أن اسم المستشار السابق للأمن القومي الأمريكي، ستيفن هادلي، قد ورد في هذه الرسالة أيضا بصفة عابرة.
ونقلت الصحيفة بعض الأسطر التي تضمنتها رسالة البريد الإلكتروني المرسلة من قبل إنديك، التي ورد فيها ما يلي "كان الأمير محمد بن سلمان في غاية الوضوح معي ومع ستيفن هادلي؛ عندما كشف أنه يرغب في الخروج من اليمن. ومن جهته، يمكنه قبول تدخل الولايات المتحدة الأمريكية مع إيران في اليمن. لكن، يشترط أن يتم التنسيق في هذا الشأن بشكل مسبق، وأن تكون الأهداف واضحة".
اقرأ أيضا: تسريبات العتيبة: محمد بن سلمان يريد الخروج من اليمن (صور)
وأوردت الصحيفة أن ولي العهد السعودي قد كشف لمسؤولين أمريكيين سابقين يرتبطان ارتباطا وثيقا بإسرائيل، أن بلاده ترغب في وضع حد للحرب في اليمن، بعد مرور عامين من التدخل السعودي. وقد كشف هذا الخبر، عن أبعاد حملة كارثية على جميع المستويات تحمل توقيع الوريث السعودي.
ومن المفارقات أنه خلال بداية الحملة السعودية في اليمن، برر محمد بن سلمان هذا التدخل بالتصدي إلى التهديد الذي يمثله الحوثيون على استقرار بلاده. ويعود السبب في ذلك لتلقيهم مساعدات من إيران مما يجعل منهم تهديدا لكامل المنطقة.
وأضافت الصحيفة أنه منذ تنصيب والده، سنة 2015، توخى محمد بن سلمان سياسة خارجية عدوانية، وعزز علاقات المملكة مع إسرائيل، خاصة أن إيران تعتبر العدو المشترك لهذين البلدين. علاوة على ذلك، توحد البلدين جملة من المصالح والأهداف الإستراتيجية في البلدان التي تضم الطائفة الشيعية، خاصة في العراق وسوريا ولبنان، واليمن في المقام الأول.
وفي الختام، قالت الصحيفة إن تسريبات رسائل البريد الإلكتروني تظهر أن إسرائيل والسعودية تشتركان تقريبا في نفس الإستراتيجية الخارجية خاصة في الجزء الذي يتعلق بالشرق الأوسط. وعموما، يتم التنسيق بين الرياض وتل أبيب عن طريق مسؤولين سامين سابقين على غرار إنديك وهادلي.