كتب مراسل صحيفة "الغارديان" مارتن شولوف من اسطنبول في تركيا عن حظوظ رئيس النظام السوري بشار
الأسد في الفوز.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الشهور الماضية شهدت تراجعا في الدعم الدولي- المالي والعسكري للمعارضة السورية؛ من أجل مساعدتها على الإطاحة بنظام الأسد، ومنعه من تحقيق النصر، مستدركا بأن هذا الوضع لم يعد قائما.
ويقول شولوف إن "إعلان الأردن في بداية هذا الأسبوع أن العلاقات الثنائية مع دمشق تسير في الاتجاه الصحيح مهم، ويعد للكثير المسمار الأخير لقضية
المعارضة السورية، ففي داخل المعارضة السياسية والحلفاء الإقليميين لهم فإن البيان الأردني يعد مفتاحا لفعل سياسي لم يكونوا راغبين به، وهو (تطبيع العلاقات مع عدو لدود، ودون أن يكون لديهم الكثير ليظهروا أنهم أنجزوه)".
وتلفت الصحيفة إلى أن المتحدث الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني أكد هذا عندما قال: "هذه رسالة مهمة جدا يرغب كل واحد بسماعها"، مؤكدة أن ما صدر في عمان جرت ملاحظته بسرعة في أنقرة والدوحة والرياض، حيث كرست هذه الدول نفسها خلال السبعة أعوام الماضية لدعم المعارضة ضد الأسد، وحاولت الإطاحة به، لكنها اليوم تواجه احتمال القبول ببقائه في السلطة.
ويذكر التقرير أن المعارضة السورية، التي عادت الأسبوع الماضي من قمة في الرياض، أخبرها وزير الخارجية عادل الجبير مباشرة أن السعودية بدأت تبتعد، مشيرا إلى قول دبلوماسي غربي بارز: "لم يعد السعوديون يهتمون كثيرا بسوريا"، وأضاف: "ما يهمهم هو قطر، وخسروا
سوريا".
ويجد الكاتب أن "الوضع مشابه في بريطانيا، التي لم يعد فيها الخطاب الداعي لرحيل الأسد حاضرا في الخطابات العامة للحكومة، التي اشترطت خروجه من القصر الرئاسي كخطوة أولى تجاه تحقيق السلام، وحل محل الكلام المتشدد الخطاب الذي تصفه (وايتهول) أو الحكومة البريطانية (الواقعية البراغماتية)، وتحدث وزير الخارجية بوريس جونسون بطريقة قال فيها إن رحيل الأسد (لم يعد شرطا مقدما، لكن بصفته جزءا من العملية الانتقالية".
وتبين الصحيفة أنه بالنسبة للأمريكيين، فإن وزير الخارجية ريكس تيلرسون فوض مهمة التوصل إلى حل الأزمة السورية للروس مباشرة، وفي الوقت ذاته أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن وقف برنامج تسليح ودعم وتمويل المعارضة، الذي كانت تشرف عليه وكالة الاستخباراتية الأمريكية "سي آي إيه"، وأرسلت من خلاله الولايات المتحدة أسلحة للجماعات السورية التي تم فحصها، عبر كل من تركيا والأردن، لافتة إلى أن واشنطن تنبت موقفا ثانويا من العملية السلمية في كل من أستانة وجنيف، وركزت جهودها على مكافحة تنظيم الدولة لا الأسد.
ويفيد التقرير بأن التغير في الموقف يترك أكثر من ستة ملايين سوري فروا إلى دول الجوار وأوروبا يتساءلون عما سيحدث لهم، ويرى الكثيرون، مثل غسان موسى، أن الهزيمة القريبة للمعارضة هي نتيجة للإجهاد الذي أصاب المجتمع الدولي لا أخطاء المعارضة، حيث قال موسى: "هربت من بشار لأنه كان سيقتلني ومن الأحب لو بقينا"، وأضاف: "كل من جاؤوا كانوا يعتقدون أن الدول التي تدعم المعارضة ستظل معنا".
ويورد شولوف نقلا عن السفير الأمريكي السابق في دمشق والزميل في معهد الشرق الأوسط روبرت فورد، قوله: "لقد تخلى داعمو المعارضة عنها لعدة أسباب: أدت الخلافات والتناحرات وعدم القدرة على التعامل مع قيادة واستراتيجية واحدة لأن تتردد الدول المناحة في منح المعارضة المال والسلاح، بالإضافة إلى أن تنسيقها واندماجها في النهاية مع الجماعات الموالية لتنظيم القاعدة لم يرض الأمريكيين أو الأردنيين"، وأضاف فورد: "لم يعد الأردن مستعدا لاستقبال لاجئين جدد، ويريد توقف القتال في الجنوب، ولا يقبل التعاون إلا بعمليات ضد تنظيم الدولة كما يحبذ الأمريكيون".
وتنوه الصحيفة إلى أن السكان في مناطق المعارضة يشعرون بنتائج سيطرة الأسد على المناطق بدعم من الروس والإيرانيين، حيث بدأ المانحون الأجانب يفكرون بطريقة مختلفة.
وبحسب التقرير، فإن المسؤولين في الحكومة البريطانية يعيدون التفكير فيما إن كانوا سيواصلون تقديم الدعم المالي للجماعات المحلية في إدلب والمجتمعات الأخرى التي نزحت في مناطق سوريا الأخرى، حيث تبلغ قيمة المنحة البريطانية 200 مليون جنيه إسترليني، لافتا إلى أن المسؤولين البريطانيين يخشون من دور الجماعات التي ترتبط بتنظيم القاعدة، مثل جبهة النصرة، التي فرضت نفسها على السكان المحليين في المحافظة، بدرجة لن يتم فيها منع وصول المساعدات البريطانية إلى جماعات مصنفة إرهابيا.
وينقل الكاتب عن دبلوماسي، قوله: "حقيقة إن هذا أصبح أمرا واقعا ويجب ألا يكون بهذه الطريقة"، وقال دبلوماسي آخر: "هناك آثار ضخمة على النازحين في داخل بلادهم والمنفيين، وكذلك العائلات التي تبحث عن العدالة، وكيف ستحقق المصالحة نتيجة لهذا؟ وسيغذي هذا الكراهية والانتقام. وحالة التعب ليست ذريعة لما سيحدث لاحقا".
وتقول الصحيفة إن الدبلوماسيين الذين تحدثت إليهم رفضوا الكشف عن أسمائهم حول طبيعة المرحلة المقبلة للنزاع، لكنهم قالوا إنها ستتسم بإعادة دمشق فرض سيطرتها، وبدعم من
إيران وروسيا، و"كلتاهما تبحث عن دور حاسم في سوريا ما بعد الحرب"، حيث قال أحدهم: "عندما يكتشف الروس أن إيران لا سوريا قد ربحت المعركة، فإنهم سيقومون بإجبار الأسد على التفاوض، وهذه ورقتهم الرابحة من ناحية القول للمجتمع الدولي إنهم حققوا له ما يريد، وهذه تعد بمثابة استراتيجية خروجهم"، وأضاف:"لكنهم أخبرونا أنه لن يقتل خارج البوابة وسيعيش في منفى آمن".
وتشير الصحيفة إلى أنه في تركيا، التي تعد من الدول الأولى التي تبتعد عن دعم المعارضة، والتركيز على مواجهة الطموحات الكردية، فإن هناك شعورا أن الحرب التي دعمتها لمدة طويلة قد خسرت، ويقول حج سعود، الذي يعد من قادة المعارضة البارزين في تركيا: "لقد بدأ هذا قبل عام".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول سعود: "أخبرهم الروس أنهم سيوقفون تقدم الأكراد، ومنذ نيسان/ أبريل أصبح من الصعب الوصول إلى هناك، وستتحول سوريا اليوم إلى دولة أمراء حرب عندما يبتعد كل طرف، وستصبح جهنم، ولم نفكر أنها ستصبح أسوأ مما كانت عليه".