تزايدت مطالبات مؤيدي
الانقلاب في
مصر بالتحفظ على
الاستثمارات والأموال
القطرية في البلاد بحجة تورط الدوحة في تمويل الإرهاب، حيث تقدم محامون معروفون بعلاقتهم بالأجهزة الأمنية بالعديد من البلاغات للنائب العام بهذا الشأن.
لكن تلك الدعوات أخذت اتجاها جديدا في الأسبوع الأخير، عبر إحالة النائب العام لبعض البلاغات للمحاكم المصرية للنظر فيها.
وأثارت هذه التحركات تساؤلات حول إمكانية إقدام نظام عبد الفتاح
السيسي على هذه الخطوة، ضاربا عرض الحائط بالاتفاقيات والقوانين الدولية التي تمنع التحفظ على ممتلكات الدول، بحسب مراقبين.
اعتذار وتعويض
وأحالت محكمة القضاء الإداري في القاهرة، اليوم السبت، دعوى تطالب قطر بالاعتذار للشعب المصري ودفع تعويضات مالية عن ما أسمته "جرائم في حق مصر"، إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني.
وقالت الدعوى التي أقامها أحد المحامين، إنه "بعد تكشف التورط القطري في الجرائم الإرهابية بمصر وانتهاكها للقانون الدولي فقد أصبح من حق مصر المطالبة بتعويضات مالية عما لحق بها من أضرار".
كما أحال النائب العام يوم الأربعاء الماضي بلاغا يطالب بالتحفظ على الأموال القطرية في مصر إلى نيابة جنوب القاهرة بعد العرض على نيابة استئناف القاهرة للتحقيق فيما ورد فيه واتخاذ الإجراءات القانونية حياله.
وتضمن البلاغ الذي تقدمت به مؤسسة "صقور العدالة" للاستشارات القانونية، المطالبة بالتحفظ على كل ما يخص قطر من أموال وعقارات وممتلكات وحسابات بنكية في مصر حتى يتم استخدامها في التعويض المادي عما لحق بالاقتصاد المصري من أضرار!.
وأكدت المؤسسة رفع دعاوى أخرى أمام المحاكم الجنائية الدولية للمطالبة بتعويض مادي لكل من أصيب أو قتل جراء العمليات الإرهابية في مصر بما يعادل 10 ملايين دولار لأسرة كل قتيل ومليون دولار لكل مصاب، بالإضافة إلى تعويضات للاقتصاد المصري ككل تتعدى في مجملها 200 مليار دولار.
وفي ذات السياق، طالب عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري أحمد العوضي، مجلس النواب بإصدار تشريع يلزم قطر بدفع تعويضات لأهالي الشهداء والمتضررين من الأعمال الإرهابية فى مصر التي دعمتها الدوحة، على حد قوله.
فكرة غبية
وقال أستاذ العلوم السياسية مصطفى كامل إنه ليس من المناسب أن يدخل الصراع السياسي في الأمور الاقتصادية، مشيرا إلى أن الاستثمارات القطرية في مصر مفيدة بكل تأكيد للاقتصاد المحلي وتوفر العملة الصعبة التي تحتاجها البلاد.
وأضاف كامل، في تصريحات لـ
"عربي21"، "حتى لو فرضنا أن النظام القطري يقوم فعلا بتمويل الاٍرهاب كما يقول إعلام النظام، فما ذنب المستثمرين القطريين الذين ليس لهم علاقة بالنظام الحاكم وقد يختلفون معه في الرؤى والأفكار، لافتا إلى أن المستثمر بشكل عام هو رجل يعمل في السوق ويسعى جاهدا أن ينأى بنفسه عن العلاقات السياسية وخلافات الحكومات حتى لا تتأثر أعماله بهذه النزاعات.
وأكد أن مصادرة الأموال القطرية في مصر ستكون فكرة غبية لو طبقها نظام السيسي وسيعاني من أزمة حقيقية فيما بعد، مشددا على أن تأجيج الصراع أكثر مما هو عليه الآن لن يكون مفيدا لأي طرف.
وتساءل مصطفى كامل: "هناك أكثر من 300 ألف مصري يعملون في قطر فماذا سيحدث لو قرر النظام القطري الرد بترحيلهم إلى بلادهم، هل سيوفر لهم النظام فرص عمل بديلة في مصر؟
مصر ستخسر أكثر
من جانبه قال الخبير الاقتصادي مصطفى عطوة إن التوتر في العلاقة بين مصر وقطر هو صراع سياسي بحت ولا يجب أن إقحام الأمور التجارية أو الاقتصادية فيه.
وأضاف عطوة، لـ
"عربي21" أن السعودية التي تتزعم هذه الأزمة ورغم كل خلافاتها مع قطر، سمحت للحجاج القطريين بالدخول للحج لأن الحج أمر ديني وليس له علاقة بخلافات الدول السياسية، لافتا إلى أن التبادل التجاري بين القاهرة والدوحة ما زال مستمرا، فمصر هي أكبر دولة بها مشتركين في قنوات "بي إن سبورتس" على سبيل المثال، وفي المقابل، ما زالت مصر تصدر بعض المنتجات لقطر.
وتابع: "الاستثمارات القطرية في مصر ليست ضخمة وسواء تحفظ عليها النظام المصري أم لا فلن تكون مؤثرة ماليا، لكن التحفظ عليها سيسبب ضغطا سياسيا كبيرا على مصر ويضر بسمعتها في مجال الاستثمار ويعطي انطباعا للمستثمرين الأجانب بأن مشروعاتهم في مصر لن تكون آمنة ويمكن مصادرتها في أي خلاف سياسي مع حكوماتهم.
وفي ذات السياق، أكد أستاذ القانون الدولي فؤاد عبد النبي، أنه لا يوجد أي نصوص قانونية محلية يمكن اللجوء إليها لإصدار أحكام ضد الدول الأجنبية، مشددا على أن قرار التحفظ على أموال قطر لا يمكن أن يتم إلا عبر محكمة دولية.
وأوضح عبد النبي، في تصريحات صحفية، أن قانون الكيانات الإرهابية الصادر عام 2015، تناول فقط الأشخاص والجماعات والكيانات الإرهابية وليس الدول، وبالتالي فإنه لا يجوز نظر أي قضايا دولية أمام المحاكم المصرية.