تلقت سلطات الانقلاب العسكري في
مصر ثلاث ضربات حقوقية بعد التقارير الدولية التي صدرت مؤخرا بإدانة
انتهاكات السلطة لحقوق الإنسان بالبلاد، ما اعتبرته المعارضة المصرية أحد أهم مكاسبها بمواجهة النظام.
ومنذ انقلاب الجيش على الرئيس محمد مرسي، منتصف 2013، يتعرض معارضو النظام لانتهاكات حقوقية جسيمة، فيما يقبع أكثر من 60 ألف منهم في سجون النظام ويتعرضون للتعذيب الممنهج.
وتلقى نظام الانقلاب ضربة حقوقية دولية، بعد تقرير أصدرته منظمة هيومن رايتس ووتش، الأربعاء، اتهمت فيه ضباط وعناصر الشرطة وقطاع الأمن الوطني (أمن الدولة سابقا) بتعذيب المعتقلين السياسيين بشكل روتيني بأساليب وحشية، من بينها وضعية "الشواية"، والصعق بالكهرباء، وأحيانا الاغتصاب.
وجاءت الضربة الثانية لنظام الانقلاب من لجنة مناهضة
التعذيب بالأمم المتحدة (أعلى هيئة دولية أممية تعمل على مناهضة التعذيب بالعالم)، والتي أكدت أن التعذيب بمصر تمارسه السلطات بصورة ممنهجة، لافتة إلى تورط أفراد بالجيش.
من جهتها، قالت منظمة "كوميتي فور جستس"، الحقوقية في جنيف، إن تقرير لجنة مناهضة التعذيب له من القوة والدلالة ما يظهر بشكل حاسم أن التعذيب يمارس بشكل ممنهج وتحت رعاية السلطات بمصر.
والأحد، أعلنت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا عن الضربة الثالثة لنظام الانقلاب؛ بتأكيدها أن جهاز الشرطة الدولية (الإنتربول) شطب اسم رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي، من قائمة المطلوبين فئة الشارة الحمراء من موقعها.
وقالت المنظمة إن كل الأسماء التي تم إدراجها على قائمة المطلوبين بناء على طلب السلطات المصرية تم تدمير ملفاتهم (باستثناء معارض واحد)، وذلك بعد اكتشاف أن التهم الجنائية ما هي إلا غلاف لتهم سياسية خالصة تتمحور حول معارضة السلطات، وفق قول المنظمة.
من جانبه، طالب التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب الجمعة، بوقف الاعتراف بنظام الانقلاب، وأكد أن هذه التقارير تستوجب إحالة من ثبتت عليهم تلك الجرائم، وعلى رأسهم السيسي لمحاكمات دولية، وملاحقتهم قضائيا.
والسؤال هو: بعد تقريري هيومن رايتس ووتش، ولجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة، ورفع الانتربول أسماء المعارضين المصريين من قوائمه، كيف يمكن للمعارضة استغلال المواقف الغربية الجديدة لعزل السيسي دوليا؟
خطوات قانونية
وفي هذا السياق، أكد الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية، السيد أبو الخير، على ضرورة تفعيل عدة إجراءات لعزل النظام العسكري دوليا.
وقال أبو الخير، لـ"عربي21": "أولى الإجراءات يجب أن تتم عن طريق لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة، بأن ترفع ما انتهت إليه من نتائج التحقيقات إلى المنظمة الدولية؛ لاتخاذ إجراء فعال لوقف التعذيب".
والخطوة التالية، بحسب أبو الخير، أن "ترفع الجمعية العامة للأمم المتحدة تقريرها لمجلس الأمن الدولي، أو تقوم بتقديم تلك البيانات للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة المسؤولين عن تلك الجرائم، وإذا استدعى الأمر تشكيل محكمة دولية خاصة مثلما حدث في رواندا ويوغسلافيا".
وأوضح أبو الخير أن المجني عليهم يمكنهم اللجوء أولا للقضاء المصري، كخطوة ثالثة، وفي حالة عزوفه عن النظر بالدعوى يمكن تحريك دعوى ضد المتهمين بالتعذيب عن طريق المنظمات الحقوقية المعنية مثل هيومن رايتس ووتش أو لجنة مناهضة التعذيب أو ببلاغ للمدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية"، كما قال.
الاصطفاف أولا
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي، خالد الأصور، أنه "قبل أن نتحدث عن كيفية استغلال المعارضة تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش وموقف الإنتربول؛ يجب أولا أن نحدد ماهية المعارضة"، مؤكدا أنه "بالاصطفاف وحده لن تكون هناك استفادة من إخفاقات النظام".
وفي حديثه لـ"عربي 21"، اعتبر الأصور أن "المعارضة الخافتة في الداخل والمعارضة الصارخة في الخارج تعارض بعضها بعضا بأكثر مما تعارض نظام السيسي"، مضيفا: "كما نجح التخطيط للانقلاب بالدس والوقيعة بين قوي ثورة يناير؛ فإن النظام ناجح بامتياز في تجذير هذه الوقيعة"، بحسب تعبيره.
وحول الموقف الغربي، قال الأصور: "في الحقيقة لا أري تغييرا ملموسا أو حقيقيا بالمواقف الغربية من النظام، فهي لا تزال وستظل داعمة له بصرف النظر عن شخص السيسي".
وتابع: "أما بعض التقارير الغربية حول
حقوق الإنسان فهي، مع مصداقيتها، ولكن من خلال الدول الغربية ليست سوى وسيلة لمزيد من إخضاع النظام وإذعانه في العديد من الملفات". لكنه شدد على أن "ذلك لا ينفي إمكانية الاستفادة من تلك التقارير في فضح الاستبداد وقتل الحريات وموت السياسة، ولا سيما في الدوائر الصحفية والإعلامية والحقوقية والبرلمانية في الغرب"، على حد قوله.
واستدرك الأصور بقوله: "لكن أي جهود تبذل في هذا السياق ستكون ضعيفة التأثير إذا لم يحدث اصطفاف بين قوي ثورة يناير، ولن يتم هذا الاصطفاف طالما تمسك الاخوان بشرعية مرسي التي أصبحت من الماضي، ويجب إعادة الشرعية للشعب الذي منحها لمرسي؛ ونتيجة لقصور إدراكه السياسي هو وجماعة الاخوان ضيع هذه الشرعية"، بحسب تعبيره.