تمكنت قوات النظام في الأيام الأخيرة من قطع مساحات واسعة في عمق البادية السورية، حيث وصلت إلى غرب مدينة
دير الزور وتمكنت من الدخول إلى اللواء 137.
فقد اشتدت المواجهات بين النظام وتنظيم الدولة؛ الذي يحاول وقف زحف النظام باتجاه المدينة وفك الحصار عنها الذي يفرضه التنظيم منذ ثلاث سنوات.
وعن آخر صورة للمواجهات بين النظام وتنظيم الدولة في غرب دير الزور، تحدث الصحفي في "شبكة فرات بوست"، صهيب جابر، لـ"
عربي21" قائلا: "وصل النظام إلى اللواء 137، واستطاع فتح ثغرة باتجاه قواته داخل اللواء، لكن هذا الطريق يعتبر لمرور المدرعات فقط، وهذا ما اعتبره النظام فكا للحصار عن دير الزور، لكن هذه المناطق التي تقدم من خلالها النظام هي مناطق فارغة على طريق دير الزور دمشق".
أما مركز مدينة دير الزور فلا زال بيد
تنظيم الدولة، فيما تراجعت قوات النظام من بلدة كباجب بسبب مفخخات تنظيم الدولة، قبل أن يستعيدها النظام كما تراجعت قوات النظام من محيط اللواء 137، وفق قوله.
وأكد جابر أن تنظيم الدولة استقطب مزيدا من مقاتليه، وخاصة قوات النخبة التي يمثلها "جيش الخلافة"، بهدف صد هجوم النظام العنيف على معاقله، مشيرا إلى أن طائرات التحالف ساهمت بهذا التقدم للنظام من خلال قصفها مواقع تنظيم الدولة في دير الزور، إضافة لقصف الطائرات الروسية وقوات النظام.
وأشار إلى أن حسم المعركة في دير الزور ما زال بعيد المنال، لافتا إلى أن تنظيم الدولة تراجع عن كثير من مناطق البادية دون مواجهات مع قوات النظام؛ لأنها مناطق مكشوفة وشاسعة.
وأضاف: "قوات النظام وضعت كل ثقلها العسكري في هذه المعارك ضد التنظيم، مستفيدة من الهدن التي وقعتها مع قوات المعارضة، فقوات النظام استعانت بكل المليشيات الشيعية وحزب الله بهذه المعارك، وحتى أن هناك قوات روسيا اشتركت بمعارك دير الزور، حيث قتل أربعة جنود روس"، وفق قوله.
وعن الأسباب التي أدت لتراجع تنظيم الدولة أمام قوات النظام في الأشهر الماضية، يقول الباحث شمس الدين النقاز؛ إن "الانهيار السريع لتنظيم الدولة في الجزء الغربي لدير الزور كان متوقّعا، فالأخير لا يراهن كثيرا على مواصلة إطباق الحصار على المدينة بعد عامين من تطويقها بالكامل".
وأضاف لـ"
عربي21": "التنظيم اليوم في موقع دفاعي، وليس مثلما كان خلال العامين الماضيين مهاجما، وهو ما دفعه للتراجع إلى الخلف وتأمين جبهاته الخلفية أفضل من خوض معركة خاسرة ضد الآلاف من القوات والمليشيات متعدّدة الجنسيات".
ويوضح أن "تنظيم الدولة الآن يراهن على تمكّن مجلسه العسكري من إيجاد خطط محكمة للدفاع عن المساحات المتبقّية من دير الزور، أي ولاية الخير حسب تسميته لها، ولعل انسحابه التكتيكي من حصار المدينة دليل على تغيّر الأولويات التي أصبحت الحفاظ على العنصر البشري والجغرافيا المتبقّية، بدل خسارة المئات جراء سياسة الأرض المحروقة التي تمارسها الطائرات الروسية"، كما قال.
وفيما إذا كان هناك اتفاق روسي أمريكي يقضي بتسليم دير الزور للنظام والروس، يقول النقاز: "دير الزور ستكون لصالح النظام وروسيا بلا شك، ولا يستحق الأمر اتفاقا روسيا أمريكيا"، مضيفا: "المدينة مهمة جدا للروس وللنظام بحكم الثروات التي تزخر بها وموقعها الجغرافي الاستراتيجي، والمشكلة اليوم ماذا سيحصل إذا ما فقد تنظيم الدولة السيطرة على كل دير الزور: هل ستتوجه القوات والمليشيات متعددة الجنسيات إلى إدلب أو إلى الرقة؟".
لكنه توقع أن يعتمد تنظيم الدولة أسلوب المباغتة والاستنزاف لقوات النظام في المناطق التي فقدها التنظيم، "وسيواصل القتال وتحصين دفاعاته، ومن ثم الالتفاف على قوات النظام وعكس الهجوم؛ لأن سقوط دير الزور يعني تهديد الآلاف من عَائِلات مقاتلي التنظيم ومن جرحاه المقيمين بمدينة البوكمال"، وفق النقاز.