"الدمار أكثر من هائل، والمدينة لم تعد صالحة للحياة لسنوات طويلة قادمة، الدمار داخلها يكاد لا يوصف، والمشاهد لا تصدق"، هكذا وصف الطبيب محمد العبيد حال مدينة
الرقة بعد قدومه قبل أيام إلى قرية حويجة السوافي جنوب الرقة التي تسيطر عليها قوات
سوريا الديمقراطية، من داخل الأحياء المحاصرة بالرقة.
يتابع العبيد، في شريط مصور نشره على طفيسبوك"؛ مطمئنا معارفه على حياته: "نجونا بفضل الدعاء وعناية الله من الحصار الخانق".
من جانبه، قدّر رئيس المجلس المحلي لمدينة الرقة سعد شويش، نسبة الدمار داخل الأحياء التي انحسر عنها التنظيم ما بين 90 و100 في المئة، مشيرا خلال حديث مع "
عربي21"، إلى أن "الرقة باتت مدينة أشباح، وأنها غير صالحة للسكن حتى بعد تحريرها لسنوات"، على حد تقديره.
ويضيف شويش: "منذ بدأت قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ما يسمى حملة تحرير الرقة في 6 حزيران/ يونيو الماضي، والمدينة وبنيتها التحتية عرضة للدمار الممنهج، من قبل قسد ومقاتلات
التحالف الدولي".
ويتابع رئيس المجلس الذي شكلته المعارضة، متوجسا: "يبدو أن ما يجري داخل الرقة لا علاقة له بطرد التنظيم أو ما شابه، وإنما تدمير كامل تمهيدا لواقع جديد بملامح غير معهودة على الصعيد العمراني والديمغرافي"، كما قال.
ويؤكد شويش أن جميع مشافي المدينة تدمرت بالكامل من بينها المواساة، والطب الحديث، والمشفى الأهلي، والسلام، والوطني، موضحا أن طائرات التحالف دمرت ثلاثة مشاف خلال الأسبوع الفائت.
وعن أحوال المدنيين داخل الأحياء المحاصرة، أشار إلى أن التقديرات تفيد بوجود ما يقارب 20 ألف مدني في الرقة، يعيشون أوضاعا إنسانية بالغة في الصعوبة، وهم بلا ماء ولا غذاء ولا دواء، منذ أشهر.
وتدفع الأوضاع الصعبة التي تخيم على الأحياء المحاصرة التي لا زالت خاضعة للتنظيم؛ بالمدنيين إلى المجازفة بعبور نهر الفرات من الجهة الجنوبية للمدينة باتجاه المناطق التي تسيطر عليها "قسد"، رغم تعرضهم للاستهداف من قناصات التنظيم و"قسد".
أما على الصعيد العسكري، لا زالت أحياء المدينة مسرحا لعمليات كر وفر بين قوات سوريا الديمقراطية والتنظيم. وتشير مصادر ميدانية إلى تبادل السيطرة على على بعض الأحياء بين الجانبين، موضحة أن "قوات سوريا الديمقراطية تتراجع ليلا عن الأحياء التي استعادتها حديثا من التنظيم، خوفا من مباغتة عناصر الأخير الذين يجيدون القتال في الليل".
في الأثناء، أحصت شبكة "الرقة بوست" استهداف الرقة من قبل "قسد" بنحو 1500 قذيفة مدفعية، وبـ70 غارة جوية من التحالف، خلال اليومين الماضيين فقط.
من جانبه، قال مدير المكتب الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية، مصطفى بالي، إن "نسبة سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على مجمل مساحة المدينة تزيد عن 70 في المئة".
وشدد في تصريحات لـ"
عربي21"؛ على استمرار المعارك حتى استعادة كامل الرقة من "فلول التنظيم"، وبيّن أن الاشتباكات متركزة الآن في أحياء الثكنة والمنصور والأمين في وسط المدينة.
وبدا بالي واثقا بقرب إعلان "قسد" عن سيطرتها على كامل المدينة، مشيرا من جانب آخر إلى تقدم "قسد" في أحياء المدينة الصناعية في دير الزور، في إطار حملة "عاصفة الجزيرة".
وكان مجلس دير الزور العسكري، المنضوي تحت مظلة قوات سوريا الديمقراطية، التي تشكل وحدات الحماية الكردية عمودها الفقري، قد أعلن الجمعة عن مشاركته في معارك دير الزور، إلى جانب قوات النظام السوري، التي تتقدم بعد أن تمكنت من كسر الحصار الذي كان يفرضه التنظيم على المطار العسكري والأحياء الخاضعة لها في المدينة.