قال أحد كبار المستشارين في مجلس الوزراء في "حكومة إقليم
كردستان"، أكو حماكريم، إن مستقبل دولة كردستان مستقلة ليس مضمونا، وإنها قد تواجه خطر
الفشل.
ووفقا لحماكريم، فيتمثل تعريف دولة فاشلة في أنها سلطة غير شرعية عاجزة عن تأدية مسؤولياتها الأساسية على غرار ضمان التعليم والأمن لأبنائها.
1-النظام السياسي
وقال حماكريم إن النظام السياسي المستقبلي في كردستان سيكون امتدادا للنظام القائم، الذي يبدو نظريا ديمقراطيا، إنما من الناحية العملية يزداد استبدادا. فـ"الحزب الديمقراطي الكردستاني" يعدّ نفسه الحاكم الشرعي لإقليم كردستان، وذلك كونه الفائز في الحرب الأهلية مع "الاتحاد الوطني الكردستاني" بين عامي 1994 و1998.
وأشار إلى أنه "بما أن مسعود برزاني وحزبه يعتبران أنفسهما مالكي كردستان
العراق، فهما لا يقبلان بالديمقراطية إلا ضمن الحدود التي تخدم مصالحهما. وبالفعل، لقد مالا إلى قمع الديمقراطية حين طرحت تهديدا على مصالحهما. فعلى سبيل المثال، طرد "الحزب الديمقراطي الكردستاني" رئيس مجلس النواب في 10 كانون الأول/ ديسمبر 2015، عندما حاول البرلمان تعديل قانون الرئاسة لإجراء انتخابات رئاسية عادلة".
وبين أنه "استنادا إلى هذه الأحداث التي جرت مؤخرا، ثمة احتمال كبير بأن يتمثل الهدف من مطالبة كردستان بالاستقلال بترسيخ السلطة في شخص واحد وحزب واحد وجماعة مهيمنة واحدة. وقد يمهد ذلك لسيطرة نظام استبدادي وغير ديمقراطي. وعوضا عن بناء دولة ومؤسسات، عمل "الحزب الديمقراطي الكردستاني" على تعزيز هيمنته، وقام بترهيب أي فرد أو جماعة تخالفه الرأي أو تنتقد سلطته".
2-الأمن
وأشار السياسي الكردي إلى أن القوات العسكرية الكردية غير موحدة، ولا تنضوي تحت راية مؤسسة، وتنقسم بين الحزب الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني الكردستاني" منذ قيام "حكومة إقليم كردستان.
وتابع: "يتولى كل من الحزبين قيادة قوات البيشمركة وقوات أمنية خاصة به، كما يملك الزعيمان السياسيان للحزبين حراسا شخصيين وقوات خاصة. وتُعدّ الطبيعة المفككة للقوات الأمنية تهديدا للتعايش بسلام. ولطالما برز احتمال كبير باستخدام "الحزب الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني الكردستاني" قواتهما الأمنية المنفصلة في صراع داخلي، كما حصل سابقا".
وبين أنه "ستعاني قوات البيشمركة لإبقاء كردستان مستقلة بمنأى عن التهديدات الخارجية، لا سيما من الدول المجاورة. فتركيا وإيران والعراق وسوريا أقوى عسكريا واقتصاديا من كردستان، فضلا عن أن غياب الوحدة ونقص الأسلحة والتدريب والتمويل للقوات الكردية قد يؤدي إلى انهيارها، ما يجعلها عديمة الفائدة.
3-الاقتصاد
وبين أن إقليم كردستان العراق يعاني اليوم من أزمة اقتصادية عميقة قد يفاقمها وجود كيان دولة:
زعم "الحزب الديمقراطي الكردستاني" أن بيع النفط وتأسيس اقتصاد مستقل عن بغداد سيضع كردستان على خارطة الطاقة العالمية، ما يسهّل استقلالها، ويجعل اقتصادها مزدهرا. لكن لسوء الحظ، باءت سياسة الاستقلال الاقتصادي بالفشل حتى الآن. ومنذ أن خفضت بغداد حصة "حكومة إقليم كردستان" في الموازنة الاتحادية في شباط/ فبراير 2014، واجهت هذه الأخيرة أزمة اقتصادية شديدة. وبحسب وزير الموارد المعدنية الطبيعية الكردي أشتي هورامي، تناهز ديون "حكومة إقليم كردستان" الإجمالية 20 مليار دولار.
كما تشير اكتشافات حديثة، بحسب السياسي، إلى أن إقليم كردستان العراق لا يملك احتياطيات نفطية كبيرة كما زعم سابقا.
وحاليا، تُنتج كردستان وكركوك معا نحو 700 ألف برميل في اليوم. وخلال السنوات القليلة الماضية، خفض عدد من الشركات النفطية، بما فيها "إكسون موبيل" و"شفرون"، عدد المناطق الاستكشافية في كردستان. وفي حين أشارت معظم التصريحات الرسمية إلى مستويات إنتاج منخفضة، أشارت بعضها إلى أن عمليات الانسحاب هذه ذات اعتبارات سياسية أكثر منها أمنية.
وقال إنه نظرا لأن اقتصاد إقليم كردستان يعتمد اعتمادا كبيرا على النفط، فمن غير المحتمل أن يبقى صامدا على المدى الطويل. فخلال السنوات الخمس والعشرين الفائتة، عجزت السلطات الكردية عن بناء اقتصاد محلي قوي قادر على تأمين أساس متين لبناء دولة مستقلة. وفي الواقع، عملت على تدمير الاقتصاد التقليدي لصالح النفط، وشجعت الاستهلاكية داخل المجتمع الكردي".
"كما ويواجه اقتصاد "حكومة إقليم كردستان" مشاكل هيكلية ترتبط بالفساد وانعدام الشفافية واحتكار الأسواق والتدخل المفرط في الشؤون الحكومية من قبل زعماء الأحزاب لصالح شركات أو أشخاص نافذين مرتبطين بالحزب"، حسبما قال.
4-الجيوسياسية
جغرافيا، من شأن دولة كردستان مستقلة ألا تملك منفذا بحريا، وأن تكون محاطة بالكامل من دول مجاورة لا تدعمها بالكامل. وبالتالي، فإن الموقع الجغرافي، وانعدام الاكتفاء الذاتي، قد يجعلان "حكومة إقليم كردستان" تخسر سيادتها الوطنية، أو يؤديان إلى رضوخها لإحدى الدول المجاورة، لا سيما تركيا أو إيران.
وقال إنه في حال رضخت الحكومة، ستعاني دولة كردستان من تدخلات متكررة قد تزعزع استقرارها. وبالفعل، قد تصبح دولة كردستان المستقلة مسرحا شائعا للصراعات الإقليمية.
وختم بقوله إنه "استنادا إلى المؤشرات المذكورة أعلاه، قد يكون فشل دولة كردستان مستقلة محتما. وعوضا عن توفير السعادة والراحة إلى الشعب الكردي، سيعزّز الاستقلال القلق والانقسامات الداخلية وظروف المعيشة الرديئة والتدخلات الخارجية والتبعية".
وقال: "فكل كردي يحلم بدولة مستقلة. لكن هذا الاستقلال قد لا يكون مستحقا لكابوس قد يتبلور. فالعامل الأهم ليس الاستقلال بحدّ ذاته، إنما نجاحه".