تناولت صحيفة "أوبزيرفر" البريطانية نتائج
الاستفتاء الكردي، قائلة إن حكومة إقليم
كردستان ربما لم تكن حكيمة في إجراء استفتائها الأسبوع الماضي لبناء دولة مستقلة.
وتقول الافتتاحية: "ربما كان رئيس إقليم كردستان مسعود
بارزاني حالما غبيا، يريد ترك إرث سياسي شخصي، وربما لو تراجع بارزاني عن قراره لقررت بغداد التخلي عن العدوان، ودخلت في مفاوضات مع الأكراد، وكل شيء ممكن في الشرق الأوسط".
وتستدرك الصحيفة قائلة إن "الحقيقة التي لا يجادل فيها أحد في كردستان، هي أن حنين الأكراد الطويل لحق تقرير للمصير غير المقيد، والبعيد عن تدخل القوى الأجنبية، لا يمكن نفيه".
وتعتقد الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، أن "المخاوف الجيوسياسية والظروف الاقتصادية الخاصة ومظاهر القلق المتدهورة حول تدهور الأمن الدولي هي التي غذت الرغبة وراء محاولة الدول الكبرى الحفاظ على الوضع القائم".
وتعلق الصحيفة قائلة إن "مظاهر القلق هذه خطأ، فمثل كل شعب مرتبط بالأرض والأض واللغة والثقافة، فإن للأكراد حق لا يمكن إنكاره في تقرير مصيرهم بطريقة أو بأخرى، وعليه فإن استفتاء الأسبوع الماضي يجب الاحتفاء به لا شجبه، وأي إشارة إلى أن البارزاني مخطئ دحضته نتائج الاستفتاء، حيث صوت 9 من 10 لصالح الاستقلال، وشارك فيه أكثر من 70% ممن يحق لهم الاقتراع".
وتزعم الافتتاحية أن "الخلافات الطويلة بين حزب بارزاني وحزب جلال طالباني، الحزب المنافس له، وضعت جانبا، وصوت الجميع لصالح الاستقلال، ولا يوجد سوء فهم بين المقترعين حول ما يعنيه التصويت، ولن تعلن كردستان الاستقلال من جديد، لكن بارزاني أكد في مقابلة مع صحيفة (الغارديان) قبل الاستفتاء: (نحن لسنا جزءا من العراق، ونرفض أن نكون تابعين)، وتأكد كلامه ووصلت الرسالة إلى بغداد".
وتعتقد الصحيفة أن "حكومة بغداد، التي كان لديها الوقت الكافي لتفكر بكيفية التعامل مع الوضع، كان رد فعلها على الاستفتاء غير حكيم، وبدلا من البحث عن خيار منطقي، والبدء في التفاوض مع حكومة إقليم كردستان، بشأن الطريقة التي سيتم فيها التعامل مع التغيرات، استخدم رئيس الوزراء حيدر العبادي، مزيجا من التهديد والوعيد، وكرر العبادي تعهده بإعادة كامل الأرض العراقية وسيطرة بغداد عليها، وهو تهديد لا معنى له، خاصة أن العراق لم يكن قادرا على هزيمة تنظيم الدولة دون دعم دولي، بما فيه الدعم العسكري الكردي".
وتجد الافتتاحية أن "ما هو أكثر خطورة أن العبادي انضم إلى
تركيا وإيران، في محاولة فرض حصار على مناطق حكومة إقليم كردستان، وعلق الرحلات الدولية إلى مطارات كردستان، ولم يستبعد العبادي فكرة إرسال قوات لمواجهة سيطرة الأكراد على مدينة كركوك الغنية بالنفط، وأي تحرك من هذا النوع يعني الاعتماد على المليشيات الشيعية الموالية لإيران، وهذا هو مربط الفرس، كما تراه إربيل، فحكومة العبادي الضعيفة، التي يسيطر عليها الشيعة، لا تفعل الكثير دون موافقة
إيرانية، وإيران، التي تضطهد الأقلية الكردية في أراضيها، ليست صديقة لحكومة إقليم كردستان، وسيقوم العبادي المفترض أنه حليف للغرب بدعوة إيران لتساعد في حل مشكلة عراقية، وقام وزير الخارجية الأمريكية ريكس تيلرسون، وبطريقة حمقاء، بمنح بغداد وطهران الضوء الأخصر، عندما قال إن الاستفتاء غير قانوني".
وتتهم الصحيفة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بكونه زعيم العصابة، وتقول إنه "يحمل عقلية مثل عقلية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من خلال تحويل وضع سيئ إلى أسوأ، فمنذ انتخابات عام 2015، التي كاد يخسر فيها حكمه بسبب الحزب المؤيد للاكراد، فإنه يقوم بحملة انتقامية ضد الأكراد في جنوب تركيا وفي شمال سوريا".
وتصور الافتتاحية الأمر في الجنوب والشمال السوري بأنهم ضحايا تركيا لا العكس، وأن "أردوغان زاد على فعله الانتقامي الآن بتعهده بتجويع شمال العراق".
وتحذر الصحيفة من قمة اقترحها رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم بين تركيا وإيران والعراق؛ لمناقشة ما يمكن عمله، وتقول إن "على العواصم الغربية أن تقلق من هذا التحرك، وكذلك دور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي اتفق مع أردوغان يوم الجمعة، على أهمية منع الأكراد من ارتكاب أخطاء جديدة، وأصبحت شركات النفط الروسية من أكبر المستثمرين في كردستان، ويريد الحفاظ على مصالحها، لكن ما يهمه هو التأثير على المدى الطويل في كل من العراق وسوريا، حيث أصبحت أمريكا عاجزة".
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول إن "الوضع يبدو معقدا، إلا أن المشكلة واضحة ولا تحتاج لتفسير، فقد أثبت الأكراد ومنذ عهد صدام حسين أنهم موالون حقيقيون للغرب، وعلى خلاف بقية المنطقة، التي تنهشها النزاعات الطائفية، فإن الأكراد يشاركون الغرب رؤيته العلمانية والديمقراطية، ومهما كان موقف بريطانيا من حكمة الاستفتاء، فإن عليها واجبا أخلاقيا، وهو القيام بدعم الأكراد والدفاع عنهم ضد قوى الظلام الانعزالية والرجعية".