عبر رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو عن خشيته من إمكانية زوال إسرائيل أسوة بمملكة "الحشمونائيم"، التي خضعت بعد 77 عاما على إقامتها لاحتلال الإمبراطورية الرومانية في القرن الثاني الميلادي.
ونقلت صحيفة "هآرتس" العبرية، عن نتنياهو قوله خلال ندوة دينية: "هنالك مخاطر وجودية قد تواجه دولة إسرائيل"، وطالب بأن "تكون الدولة على أهبة الاستعداد للتهديدات التي تهدد وجودها، ليتسنى بعد ثلاثة عقود الاحتفال بيوم الاستقلال المئوي بعد ثلاثة عقود".
وأضاف: "وجودنا ليس واضحا، ولذا فإنني سأعمل كلّ ما في وسعي للدفاع عن الدولة".
إلا أن الباحث في الشؤون الإسرائيلية والاستيطان محمد عودة اعتبر تصريحات نتنياهو "وهمية".
وأوضح في حديثه لـ"
عربي21"، "أن التهديدات التي يتكلم عنها نتنياهو هي تهديدات وهمية غير حقيقية يريد من خلالها أن يضع رسالة للعالم أولا وللإسرائيليين ثانيا بأن هناك تهديدات وجودية تقضي على دولة إسرائيل، من أجل جلب الاستعطاف العالمي واستقرار التأييد العالمي وخصوصا بعد قضية إيران وترامب".
وأردف بقوله: "
ترامب صرح تصريحا خطيرا ضد نتنياهو، وقال إن نتنياهو غير شريك للسلام في الشرق الأوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث رد عليه نتنياهو أن هناك خطرا على وجودهم دون تحديد نوعية الخطر".
وأضاف عودة، "هي كلمات يريد من خلالها استحقار واستغباء العالم، لأنها الدولة الأقوى في الشرق الأوسط وذات أقوى جيش في العالم. كل الأسلحة التكنولوجية موجودة عندهم"، إلا أنه يقول إنها "تعاني من خطر وجودي كما عانى غيرها".
وتابع: "هذه الأوهام يدرسونها لأبنائهم في المستوطنات والمدارس، وبنو دولة إسرائيل عليها، فعندما يأتي المستوطن من أوروبا وأفريقيا وشمال روسيا يقولون له إن الشعب الإسرائيلي قد ذبح في أرض الميعاد".
وأشار عودة أن القلق الاستراتيجي الإسرائيلي هو "من النمو السكاني الفلسطيني الذي يعتبرونه القنبلة الذرية، والقنبلة البشرية، فعدد الفلسطينيين يتعاظم داخل إسرائيل، وكذلك الأمر في الضفة الغربية وغزة، في حين أن التكاثر الإسرائيلي لا يوازي إطلاقا النمو السكاني الفلسطيني".
سياسة إسرائيل العنصرية
بدوره قال النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي، طلب أبو عرار، إن حديث نتنياهو عبارة عن "طموح وأمل بأن لا يحدث ذلك".
وأضاف في حديثه لـ"
عربي21"، أن العامل الأساسي الذي يهدد إسرائيل هو "سياسات حكوماتها المتعاقبة اتجاه الفلسطينيين في الضفة والقطاع وفي الداخل الفلسطيني، والتي لم تتغير، ما تقوم به إسرائيل من ممارسات تضر نفسها قبل أن تضرها إيران".
وأوضح بقوله: "الظلم والعنصرية وانتهاكات ضد الآخرين، لذلك نحن نقول إن إسرائيل الذي تتغنى بالديمقراطية تتعامل مع كل ما هو عربي بشكل دكتاتوري واضح، وعنصري، وتسن من أجل ذلك القوانين المجحفة، ومنها اعتبار اللغة العبرية اللغة الرسمية ومنع التحدث بالعربية".
وأشار أبو عرار، أن الحكومات الإسرائيلية "لديها قصر نظر في بناء استراتيجيات (...) وهذا ما يجعلها تضعف حتى في ظل وجود حكومة يمين قوية".
تحمل مقومات التفكك
إلا أن المحلل السياسي عماد صلاح الدين، قال إن "إسرائيل من الناحية العلمية والواقعية يتوفر فيها كل مقومات زوالها كمشروع استعماري وعنصري بحكم أنها دولة وظيفية عسكرية تابعة للغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، وبحكم أنها جسم غريب في كل شيء عن المنطقة العربية".
إلا أنه أشار في حديثه لـ"
عربي21" أن "هذه المقومات يعطلها عاملان: الأول هو غياب المشروع الوطني الفلسطيني، وغياب المشروع العربي الرديف، بسبب التخلف والجهل والمرض السائد في الحياة والثقافة العربية، وأيضا الاستبداد وقمع الإنسان وحقوقه وحرياته الأساسية".
وأضاف أن "إسرائيل دورها وظيفي أمني لحماية المصالح الاستعمارية للغرب وأمريكا، ولذلك تجد هذا التجمع الصهيوني في حالة من القلق الشديد على مستقبله وخصوصا أن الأمن بالنسبة له هو الأمن المطلق وليس التبادلي الطبيعي والمعروف في العلاقات ما بين الدول؛ لذلك تجد إسرائيل في حالة هوس لا ينتهي في مطالبها التي تعتبرها وجودية، فهي لا تكتفي بالاعتراف بإسرائيل الدولة وإنما بإسرائيل اليهودية".
ولفت إلى أن القلق الإسرائيلي "سيبقى قائما سواء كان العرب والفلسطينيون ضعفاء أو أقوياء، وبمجرد امتلاك مكامن القوة الحقيقية كمشروع حضاري وطني وعربي، وتحقيق التفوق الأخلاقي والإنساني المطلوب، فإن عوامل تفكيك المشروع الصهيوني تلقائيا وبشكل علمي ستتحقق".
وأردف صلاح الدين قائلا: "الاحتلال في حالة خطر دائم على مشروعه بسبب طبيعته الاستعمارية والعنصرية والإحلالية المنافية للطبيعة والأخلاق والوجود والإنسانية، ومتى تم توفر شروط إقامة مشروع وطني فلسطيني وعربي رديف فإن إسرائيل الصهيونية سيتم تفكيكها لصالح دولة فلسطينية ديمقراطية عمادها سيادة القانون وتحقيق العدل".