حالة من الرعب عاشها أهالي مدينة العريش (شمال شرق سيناء) صباح الاثنين، لما يقرب من 40 دقيقة جرى فيها ما يشبه حرب الشوارع بين مسلحين ملثمين وقوات الأمن بأحد أهم أحياء عاصمة شمال سيناء.
كما تشهد شبه الجزيرة المصرية حالة من التصعيد الأمني منذ الأحد، حيث سبق هجوم العريش بساعات هجوم مسلح علي حاجزي تفتيش لقوات الجيش والشرطة بمنطقة كرم القواديس والعجراء قرب مدينة الشيخ زويد بشمال سيناء، ما أدى لمقتل ستة من عناصر الجيش وإصابة آخرين.
وفي وضح النهار، اقتحمت مجموعة مسلحة الإثنين مبنى البنك الأهلي في بشارع 23 يوليو وسط مدينة العريش، وقتلت ثلاثة أفراد شرطة من قوة حماية البنك وهم: محمد عبد العظيم محمد 35 عاما، و مساعد شرطة محمد خطاب، ورقيب شرطة عبد الله محمد.
ومن المواطنين قتل طالب يدعى خالد السيد عبد الله 16 عاما، وأصيب 15 شخصا بأعيرة نارية جراء الاشتباكات وتم نقلهم لمستشفى العريش العام، قبل أن يستولي المسلحون على خزينة البنك وفق ما ذكرته وسائل إعلام مصرية.
ورصدت كاميرات المراقبة فرار العناصر المسلحة في سيارة يستقلها ثمانية منهم في صندوقها الخلفي ترافقها ثلاث دراجات نارية يقودها ستة عناصر آخرين.
في ذات الأثناء كانت معارك تدور بمحيط كنيسة ماري جرجس القريبة من البنك، أسفرت عن إصابة شرطيين من قوة تأمين كنيسة مار جرجس وإصابة عنصرين من المسلحين.
موقع الأقباط متحدون المختص بالشأن القبطي كشف تفاصيل أخرى في الحادثة، قائلا إن سيارة هاجمت حاجزا أمنيا قرب كنيسة مار جرجس بشارع 23 يوليو، وتم التصدي له من قبل قوات الأمن بعد تبادل إطلاق النيران، وتصدت مدرعة للسيارة أدت إلى تفجيرها، دون الاقتراب من الكنيسة التي تشهد تأمينا مشددا، حسب الموقع.
وعلّقت وزارة الداخلية المصرية على الحادث في بيان رسمي قائلة إن "مجموعات من العناصر الإرهابية المسلحة قامت، صباح الإثنين، باستهداف التمركزات الأمنية المعينة لتأمين المنشآت الهامة بشارع 23 يوليو دائرة قسم ثان العريش في سيناء، وأطلقوا الأعيرة النارية تجاه القوات وفجروا عدداً من العبوات الناسفة".
وأوضح مسؤول مركز الإعلام الأمني، في بيانه أنه في "تلك الأثناء وخلال تصدى القوات للهجوم الإرهابي قامت مجموعة من العناصر الإرهابية باستهداف فرع أحد البنوك الكائن بذات المنطقة مستخدمين العبوات الناسفة وإطلاق الأعيرة النارية تجاه القوات المعينة لتأمين البنك، مما أسفر عن استشهاد 3 من رجال الشرطة ووفاة أحد أفراد الأمن الإداري بالبنك ومواطنة تصادف تواجدها داخل البنك، وإصابة عدد من المواطنين المتواجدين بالمنطقة"
وأضاف المسؤول أنه أثناء فرار العناصر الإرهابية قاموا بالاستيلاء على مبالغ مالية من داخل خزينة البنك جار حصرها، مؤكداً أنه تم التعامل مع عدد من العبوات الناسفة بالمنطقة المحيطة بفرع البنك وإبطال مفعولها، لافتاً إلى قيام القوات بعملية تمشيط واسعة بالمنطقة لملاحقة العناصر الإرهابية وضبطهم".
وحول هجوم العريش المسلح، أكد الكاتب الصحفي المصري خالد هيبة لـ"عربي 21"، أن المسلحين الملثمين كانوا يستقلون سيارة دفع رباعي تحمل لوحات رقم (6218 ط ا ع) بالإضافة إلى ثلاث دراجات نارية، وقاموا بالهجوم على البنك الأهلي فرع رفح الكائن بشارع 23 يوليو وسط مدينة العريش.
هيبة، نفي حقيقة ما تم تداوله من أنباء عن هجوم ثلاثة مجموعات مسلحة على كنيسة "ماري جرجس" بالمدينة، وعلى مجلس مدينة العريش الحكومي، موضحا أن البنك الأهلي كان هو مقصد المسلحين، وأنه لا توجد ثلاث أكمنة (حواجز) في قلب العريش حتى يتم مهاجمتها.
وأكد هيبة مقتل ستة أشخاص في الهجوم المسلح على البنك؛ ثلاثة من قوات الأمن، ومدنيين اثنين (موظف بالبنك وفرد أمن)، إلى جانب سيدة، مع إصابة 17 آخرين في الهجوم.
وذكر هيبة أسماء ضحايا الهجوم الإرهابي على البنك الأهلي وهم: أمين الشرطة "محمد عبدالعظيم محمد" (35 عاما)، ومساعد الشرطة "محمد خطاب"، ورقيب الشرطة عبدالله محمد"، والسيدة "فاطمة محمد الحضري" (62 عاما)، والموظف بالبنك الاهلي "مسعد أحمد أبومليح" من قبيلة الأرميلات (30 سنة)، وعنصر الأمن بالبنك "مصطفى حلمي" (27 عاما).
وأضاف هيبة أنه تمت السيطرة على الموقف أمنيا وانتهت الاشتباكات بعد الدفع بقوات من الجيش والشرطة التي تحركت بعد انتهاء الاشتباكات، حسب تأكيده.
وعن حالة الأهالي بالعريش وطلبة المدارس، أوضح هيبة أن قوات الأمن قامت بصرف تلاميذ وطلاب المدارس على الفور وطالبت الأهالي التزام البيوت وعدم المرور في الكمائن بالسيارات، كما تم إغلاق جميع البنوك بجانب غلق مداخل ومخارج المدينة.
وحول دلالات الهجوم المسلح على البنك وسط المدينة وفي وضح النهار وما سبقه من هجوم الأحد، على أكمنة كرم القواديس والشيخ زويد، أكد هيبة، أن "الدلالة هي تمديد السلطات المصرية العمل بقانون الطوارئ الجمعة الماضية، ولمدة ثلاثة أشهر جديدة".
بدوره يرى الإعلامي المصري محمود جعفر أن المستفيد الأول من الهجوم المسلح على مدينة العريش وفي وضح النهار وما سبقه من هجوم الأحد؛ هو هذا النظام الحاكم مصر بالعافية"، حسب قوله.
وفي حديثه لـ"عربي 21"، أكد جعفر أن "دلالات أحداث سيناء في هذا التوقيت متعددة"، موضحا أن "أولها هو التمهيد لما اطلق عليه (صفقة القرن) لإقامة دولة فلسطينية علي جزء من أرض مصر".
وأضاف أن "الدلالة الثانية؛ هي أن هذه العمليات تطلق يد السلطة في مصر لمزيد من البطش والتنكيل بأهالي سيناء خاصة والشعب المصري كله".
وقال جعفر إن "الدلالة الثالثة؛ هي أن تأمين سيناء بات في حاجة إلي تفكير جديد علي المستويات الأمنية والاستراتيجية والاقتصادية والإنسانية"، مضيفا "والأخيرة هذه (المستوى الإنساني) في غاية الأهمية لأنه بدون مساعدة سكان سيناء لن يتحقق الأمن".
ويعتقد جعفر أن هجوم العريش وما سبقه هجوم على كرم القواديس والشيخ زويد، وما قبلهما؛ يضع الأمن المصري في موضع التقصير قبل المسئولية، موضحا أن "التقصير الأمني في سيناء موجود منذ أربع سنوات علي الأقل"، مرجعا السبب في ذلك "لافتقار الأمن إلى دعامة أساسية؛ وهي الأمن الوقائي"، الذي أكد أن "لا يتحقق إلا يتوافر معلومات دقيقة عما يحدث في سيناء".
ناشطون مصريون كانوا بدروهم كشفوا عن تفاصيل أخرى في الأحداث، وقالوا إن "ثلاث مجموعات من مسلحي تنظيم الدولة اقتحموا مدينة العريش"، مضيفين أن "مجموعة من 15 فرد اشتبكت مع كمين الكنيسة،و 8 آخرين اشتبكوا مع كمين مجلس المدينة، و12 آخرين اقتحموا البنك الأهلي، قُتل في الاقتحام 4 تابعين للأمن وأحد العملاء، واستولى المسلحون على 17 مليون وخطفوا موظفَين لحمل الخزينة.