كشف رجب هلال حميدة، أمين عام السياسات بحزب "
مصر العروبة"، الذي أسسه ويتزعمه رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية سابقا، سامي عنان، أن الأخير سيحسم موقفه من
الانتخابات الرئاسية المقبلة بشكل واضح ومعلن خلال الشهر الأخير قبل فتح باب الترشح للانتخابات، أي في شباط/ فبراير المقبل.
وأشار النائب السابق، في مقابلة مع "
عربي21"، إلى أن حزب "مصر العروبة" في طريقه للتحرك القوي والفعال على مستويات مختلفة خلال الفترة المقبلة، خاصة أن عنان بدأ يقوم بتعيين وضخ قيادات جديدة داخل الحزب.
من جهة أخرى، رأى حميدة أن المصالحة مع جماعة
الإخوان قادمة لا محالة خلال الفترة المقبلة، وأنه يستبشر خيرا بهذا الأمر، معبّرا عن رفضه التام لـ"الظلم السياسي" الذي يتعرض له الإخوان، الذين وصفهم بأنهم "أشرف من أنجبت مصر".
وإلى نص المقابلة كاملة:
* لماذا تقدمت باستقالتك من منصبك بحزب "مصر العروبة"؟
- لم أتقدم بالاستقالة من الحزب حتى الآن، وقد تراجعت عن هذا الأمر؛ لأن هناك زملاء وأصدقاء بالحزب تواصلوا معي ونقلوا لي أخبارا جيدة بشأن الأوضاع داخل الحزب.
* وما هي طبيعة هذه الأخبار التي تصفها بالجيدة؟
- الحزب في طريقه للتحرك القوي والفعال على مستويات مختلفة، وسيكون هناك اهتمام كبير بأوضاع أعضائه في المحافظات، وسيتم ضم أعضاء جدد، وسيخرج من حالة البيات الشتوي التي كان فيها، وسيتجاوز حالة الحزن الشديد التي أصابت أعضائه سابقا في الانتخابات البرلمانية الماضية، بما يعني أننا سنتجاوز المرحلة السابقة بكل ما فيها، لنطوي صفحة الماضي ونفتح صفحة جديدة بآمال وتطلعات مختلفة.
والفريق سامي عنان بدأ يقوم بتعيين وضخ بعض القيادات داخل الحزب خلال الفترة الأخيرة، وقد أصدر مؤخرا قرارا يقضي بتعيين المستشار سامي بلح، القيادي الوفدي السابق (نسبة إلى حزب الوفد)، كأمين عام للحزب ومتحدث رسمي باسمه، وله علاقة جيدة وواسعة بالكثيرين. ويمكن القول إن هناك محاولات جادة لإعادة إحياء الروح والحياة لحزب مصر العروبة.
* وهل هذه الأخبار "الجيدة" لها علاقة بالانتخابات الرئاسية المقبلة أم لا؟
- لا. ليست لها علاقة بالانتخابات الرئاسية، بل تتعلق بالحزب وشؤونه الداخلية فقط.
* ما الذي تسبب في هذه الحالة التي وصل لها الحزب خلال الفترة السابقة؟
- لك أن تعلم أنه منذ انتهاء الانتخابات البرلمانية الماضية لم تُعقد سوى ثلاث اجتماعات فقط داخل الحزب، رغم أن الفريق سامي عنان رجل وطني شريف يسعى للنهوض بالحزب، إلا أن هناك ضغوطات كثيرة جدا تعرض لها، وكانت هناك محاولات عديدة لتشويهه. ويمكنك القول إنه كان هناك شبه حصار محكم ومتعمد على حزب "مصر العروبة"، ومن ثم اضطر الذين ينضمون له للذهاب بعيدا عنه، فالضغوط على البعض تدفع الكثيرين للابتعاد، وحقيقة ليست لدي أسباب واضحة حتى أقطع بأبعاد هذا الأمر وملابساته ومن يقف وراء تلك الضغوط ومحاولات تشويه الحزب. وتسببت حالة الحصار التي فُرضت علينا وعلى كل مرشحي الحزب في الانتخابات البرلمانية؛ في إسقاط جميع المرشحين، رغم أنهم أقوياء ولهم شعبية داخل دوائرهم الانتخابية، فأدركنا أن الأمر مقصود. وأنا بطبيعتي شخص ديناميكي حركي لا أستطيع العيش بدون حركة وسط الجماهير، ومن ثم قررت الاستقالة وأن أكون مستقلا بعيدا عن الحزب، إلى أن تراجعت عن هذا الأمر.
* ألم تدفعكم حالة الحصار التي تقول إنكم تتعرضون لها للتفكير في الانسحاب من الحياة السياسية؟
- رغم أن حالة الحصار تجعل حزب "مصر العروبة" شأنه شأن الآخرين، إلا أن من ينشغل بالعمل السياسي لا ينبغي أن ينسحب إلى أن يتغير المناخ الحالي، بل عليه أن يستمر في عمله ويقاوم ثم يقاوم؛ حتى يدرك الشعب خطورة وسوء الأوضاع الراهنة التي يجب أن تدفعه للتحرك والتغيير عبر صناديق الانتخابات إذا توافرت انتخابات حرة ونزيه بالطبع.
* هل "مصر العروبة" يعتبر حزبا معارضا؟ وإذا كان كذلك، فلماذا لم نجد له أي مواقف أو تصريحات تعارض النظام الحاكم؟
- بالطبع نحن حزب معارض، وأي حزب خارج السلطة وليس جزءا أو مشاركا في الحكم فمن الطبيعي أن يكون معارضا. فالأحزاب تنشأ وتهدف لتداول السلطة، ولا ينبغي ولا يُقبل أن تمارس عملها إلا كمعارضة. أما بشأن عدم وجود مواقف معلنة لمعارضة النظام الحالي، فهذا يعود لانسداد الأفق السياسي بشكل تام، في ظل حالة الحصار التي تحدثت عنها، فضلا عن عدم فعالية الحزب سابقا، وهذا ينسحب على معظم الأحزاب السياسية بمصر.
* ما هي طبيعة موقعك داخل الحزب حاليا؟ وما هي حقيقة الخلافات بينك وعنان؟
- موقعي بالحزب كما هو دون تغيير، فقد كنت وما زالت أمين عام السياسات. وليست هناك أي خلافات بيني وبين الفريق سامي عنان، إلا أن تصريحاتي بشأن دور الحزب في المرحلة القادمة والمشاركة في الانتخابات الرئاسية لم تجد قبولا لدى الفريق سامي، وتحدث معي بشكل أدركت أنه كان غاضبا من هذا الأمر، خاصة أنها كانت عبر قنوات الإخوان (مكملين والشرق). ومن يرفضون ويهاجمون الظهور على هذه القنوات لديهم ضيق أفق؛ لأنها قنوات موجودة ومفتوحة، ويمكن للجميع التعبير عن رأيه من خلالها.
* ما هو موقف حزبكم والفريق سامي عنان من الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة؟
- لم يتضح حتى هذه اللحظة، والشخصية الوحيدة التي قد تمثل الحزب في هذه الانتخابات هو الفريق عنان، وهذا يرجع إليه بالأساس، وهو بالطبع سيعود إلى قادة وقواعد الحزب في هذا القرار. وعنان لم يُعلن ولم يُصرح ولم يتخذ قرارا حتى الآن، وخلال الأيام القادمة ستتكشف الكثير من الحقائق.
* متى يحسم عنان وحزب "مصر العروبة" موقفه من الانتخابات التي لم يتبق عليها سوى شهور قليلة؟
- في ظني سيتم حسم القرار بشكل واضح ومعلن خلال الشهر الأخير قبل فتح باب الترشح للانتخابات، أي في شباط/ فبراير المقبل.
* ألا ترى أن الوقت أصبح ضيقا للغاية حتى يقوم المرشح بجولات انتخابية في جميع المحافظات وطرح ومناقشة برنامجه الانتخابي؟
- أتفق معك تماما.. ففي الدول الديمقراطية التي تمارس الديمقراطية منذ عقود كثيرة يقوم المرشحون بحسم وإعلان مواقفهم وطرح برامجهم قبل الانتخابات بعام أو عامين، ويكون هناك احترام للدساتير والقوانين والاستحقاقات الدستورية، ولهذا المناخ في مصر بحاجة ماسة وضرورية إلى إزالة الغيوم المتلبدة في سمائه وأرضه.
* هل لدى عنان وحزبكم برنامج انتخابي جاهز، خاصة أن قراركم من الانتخابات سيتم حسمه وتحديده قبيل فتح باب الترشح بأيام؟
- لا يوجد لدينا برنامج انتخابي، ولم يُطرح هذا داخل مؤسسات الحزب، ولم نشكل أي لجان لإعداد هذا البرنامج، بل إننا لم نتطرق لهذا الأمر ولم نتحدث في هذا الشأن من الأساس داخل الحزب، وهذا بسبب المناخ الفاسد والسيئ الذي تشهده الحياة السياسية المصرية، ولعدم وجود حركة فعالة وديناميكية للحزب تستطيع كسر حالة الحصار والجمود المفروض عليه.
* وهل تعتقد أن لدى عنان نية أو رغبة في الترشح لكنه لم يعلن عنها حتى الآن؟
- النيات يعلمها الله، وعنان لم يُعلن بعد عن رغبته في الترشح، ويرفض إجراء أي مداخلات إعلامية تتعلق بالانتخابات الرئاسية أو حتى الحزب. وأنا شخصيا أرى أنه غير جاد في الترشح للانتخابات، لأنه يرى أن المناخ لا يساعد على خوض انتخابات حرة ونزيهة.
* هناك تصريح منسوب بأنك ستؤيد عبد الفتاح السيسي حال عدم ترشح عنان.. هل هذا صحيح؟
-تم تحريف تصريحاتي، وما قلته صراحة هو إن لم يكن هناك مرشح قوي وقادر على المنافسة في الانتخابات الرئاسية؛ سأنحاز إلى الدولة المصرية ومن لديه خطط ورؤى، وهو الرئيس السيسي، ليكمل مرحلته بشرط ألا يتم تعديل الدستور. والأيام تمضي سريعا حتى نحقق الاستقرار المنشود، فالدول تبقى والأشخاص زائلون، وهذا بهدف الحفاظ على الدولة المصرية واستقرارها. أما إن وُجد المرشح القوي والأفضل والذي يمتلك برنامجا طموحا قادرا على إحداث حركة سياسية واجتماعية فاعلة تنتشل الوطن مما هو فيه؛ بالطبع سأنحاز إليه وسينحاز له كل أصحاب الضمائر.
* لو ترشح الفريق أحمد شفيق في الانتخابات الرئاسية في مواجهة السيسي.. هل ستُصوت له؟
- إذا عاد الفريق شفيق إلى مصر واتخذ قراره بالترشح سيكون رقما صعبا وهاما في المعادلة، وأنا أحترمه كثيرا وتربطني به علاقة قوية، وسيكون لي حينها رأي موافق لتوجهاته وداعم له.
* في حال عدم ترشح عنان.. هل سيدعم حزبكم مرشحا بعينه أم سيقاطع تلك الانتخابات؟
- سيجتمع الحزب وقتها ويتخذه قراره المناسب والصحيح، سواء بمقاطعة هذه الانتخابات أو تأييد مرشح بعينه من خارج الحزب، وسيلتزم الجميع بالقرار النهائي.
* كيف تنظر للمرشحين الذين أعلنوا رغبتهم في الترشح للرئاسة؟
- كل الذين أعلنوا رغبتهم في الترشح حتى الآن ليسوا جادين بالقدر الكافي، وليسوا قادرين على المنافسة الحقيقية، والرغبة في الشهرة هي التي دفعت معظهم لاتخاذ هذا القرار، ولذلك لن يستطيعوا تحقيق أهدافهم، وأتشكك في الكثير من الأسماء، بالإضافة إلى أن العنصر الزمني سيكون خانقا للجميع.
* كيف استقبلتم دعوة زعيم حزب غد الثورة، أيمن نور، التي وجهها للفريق سامي عنان بالتحدث والخروج عن صمته إزاء الأحداث التي حدثت منذ ثورة يناير وحتى اليوم؟
- بالتأكيد سيأتي يوم يتحدث فيه الفريق سامي عن حوادث كثيرة يعلمها كونه نائبا سابقا لرئيس المجلس العسكري، وخاصة ما جرى خلال المرحلة التي شارك فيها في إدارة شؤون البلاد عقب ثورة يناير. وبالطبع نور محق في طلبه كمواطن مصري له حق المعرفة. ويقينا هذا مطلب كل المصريين، وأثق أن الفريق عنان سيتحدث كثيرا دون خوف أو محاذير، ولكن في الوقت الذي يراه مناسبا له ولبلده.
* دعوات المصالحة مع الإخوان.. كيف تراها؟ وما موقف الفريق عنان منها؟
- الإخوان أشرف من أنجبت مصر، وسيأتي يوم يشهد فيه العالم أن الإخوان لا علاقة لهم بعمليات العنف، وإن كان هناك مجرد أشخاص بداخل الجماعة يتبنون هذا الخيار، إلا أنهم لا يعبرون بأي حال من الأحوال عن جسد الجماعة الكبير. وبالمناسبة والدي من مؤسسي الإخوان وأنا أنتمي للتيار الإسلامي، لكني لم انضم إلى الجماعة، ورغم ذلك أرفض الظلم السياسي لهم ووسائل الإعلام التي تشوههم لأسباب سياسية.
أما بالنسبه للمصالحة معهم، فأنا أتمنى أن يتصالح أبناء المجتمعات الإسلامية مع ربهم، ومع بعضهم بعضا، ويصطفوا صفا واحدا لمواجهة عدوهم الذي قسمهم، ونشر الإرهاب بينهم، وأهدر مقدراتهم وممتلكاتهم. وأتمنى أن يأتي يوم لا يحرم فيه مواطن مصري من ممارسة حقوقه السياسية إلا بأحكام قضائية. وأرى أن المصالحة يمكن تحققها باعتراف المتخاصمين والمختلفين ببعضهما البعض، وبإقرار شرعية كل فريق دون افتئات أو انتقاص من الآخر. وينبغي للإخوان الإعلان بشكل جلي تماما - دون احتمال لبس أو تأويل - عن موقفهم الرافض والمعادي للإرهاب وكل الأعمال المجرمة التي وقعت سواء بقتل شهداء الجيش والشرطة والمدنيين، فكل الدم المصري حرام.
وأرى وأعلم أن هناك قيادات واعية ومقبولة داخل الجماعة تستطيع إذابة جدار الجليد، وكذلك لدى السلطة والمجتمع المصري من يقبل ويستطيع إحداث التسوية والمصالحة. وما تم بين حركتي حماس وفتح برعاية مصرية رغم المواقف المعادية والتوجه الإعلامي العنيف من حماس نموذج جيد يمكن الاقتداء به. ويقينا أن المصالحة قادمة لا محالة خلال الفترة المقبلة، وأستبشر خيرا بهذا الأمر.
أما بالنسبة لموقف الفريق سامي من فكرة المصالحة مع الإخوان، فهو لم يتحدث بشكل مباشر في هذا الموضوع من قريب أو بعيد، لكنه يتمنى أن تستقر الدولة المصرية، وأن تتحقق تطلعات شعبها بالعيش الكريم، والعدالة الاجتماعية، والحرية، والديمقراطية، وهذا لن يتحقق إلا بتصالح المجتمع المصري مع بعضه وبانتهاء العنف الجسدي واللفظي.