بينما لم يخف مسؤولون أتراك أن تطويق مدينة
عفرين التي تسيطر عليها
الوحدات الكردية؛ من بين أحد أهم أهداف نشر بلادهم قواته في إدلب وريف حلب، تسود أجواء من الترقب في أوساط المدينة، في حين تسري توقعات بأن الوحدات الكردية قد تتجه للتنسيق مع النظام السوري.
ورغم التزام حزب الاتحاد الديمقراطي بالصمت حيال نشر
تركيا قواته في نقاط بريف حلب قريبة من مدينة عفرين، كشفت مصادر مقربة من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الجناح السياسي للوحدات المسلحة، عن إجراء عدد من القيادين العسكريين الأكراد اتصالات مع النظام السوري؛ للبحث في التطورات المحتملة، في حال ذهاب تركيا إلى زيادة الضغط على عفرين.
ويأتي هذا في وقت أدان فيه النظام السوري، السبت، دخول القوات التركية إلى إدلب، مطالبا على لسان مصدر في وزارة الخارجية والمغتربين؛ القوات التركية بخروج فوري وغير مشروط.
وانطلاقا من المصالح الاقتصادية والسياسية المشتركة بين النظام وحزب الاتحاد الديمقراطي وتشاركهما حالة العداء لتركيا، لا يستبعد مراقبون أن يتجه الجانبان نحو زيادة التنسيق العسكري فيما بينهما في شمال وشرق
سوريا عموما، وفي عفرين تحديدا.
ويذهب الكاتب الصحفي أحمد الشمام؛ إلى وصف التصريحات السابقة التي أطلقها وزير خارجية النظام السوري، وليد المعلم، التي أعلن فيها عن استعداد النظام للتفاوض مع الأكراد، على أنها "رسائل مبرمجة لهذا التوقيت، أي توقيت انتشار القوات التركية في إدلب".
ويرى الشمام، في حديث مع "عربي21"، أن "علاقة النظام السابقة بحزب الاتحاد الديمقراطي كانت غير صلبة، لكن من الواضح أن زيادة المخاوف الكردية ستقوي هذه العلاقة، على حساب زيادة الفائدة للنظام"، كما قال.
وأضاف أن مخاوف حزب الاتحاد الديمقراطي ليست من التدخل التركي وحسب، وإنما أيضا "من تقلص نفوذ داعمه الرئيس (الولايات المتحدة الأمريكية) لحساب نفوذ روسيا المتحالفة مع تركيا أيضا."
ورأى الشمام أنه ما من خيار أمام الاتحاد الديمقراطي إلا أن يقوي من علاقته بالنظام، مستدركا: "لكن هذا لا يعني أن يضع الحزب بيضه في سلة واحدة عند النظام، بل سيوزعها بين السلة الأخيرة والسلة الأمريكية".
واعتبر الشمام أن "علاقة النظام والوحدات الكردية بمثابة مفتاح لكل منهما على العلاقة المتبادلة مع الطرفين الدوليين الأساسين، أي روسيا والولايات المتحدة".
من جانبه، قال المسؤول الإعلامي لرابطة المستقلين الكرد السوريين، آزاد عثمان: "وفق مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي، فإن مدينة عفرين هي منطقة قنديل أخرى في سوريا، ما يعني أن الحزب لن يرضخ بسهولة إلى تطويق عفرين، وهو الأمر الذي يستدعي بالضرورة التحالف العسكري مع النظام وزيادة التنسيق العسكري معه"، وفق تقديره.
وأضاف لـ"عربي21": "بعد انتشار القوات التركية في نقاط مراقبة جنوب مدينة عفرين بريف حلب الغربي، باتت عفرين شبه محاصرة بالقوات التركية باستثاء ممر واحد يربطها بالنظام".
وأشار عثمان إلى تهديد حزب الاتحاد الديمقراطي بتسليم عفرين إلى النظام السوري عندما ارتفعت وتيرة الحديث عن عملية عسكرية تركية ضد المدينة قبل أشهر عدة. وقال في هذا الصدد: "عندما يتعرض الحزب للضغط الكبير، فمن غير المستبعد أن يتجه نحو النظام، الذي سيرحب"، كما قال.
وفي المقابل، أكد عثمان، وهو من مدينة عفرين، تواجد عدد من قادة النظام وحزب الله في عفرين قبل دخول القوات التركية لإدلب، ما يعني أن "قناة التواصل والتنسيق موجودة من قبل، ولا تحتاج إلا إلى توسيع لتكون بمستوى الخطر الذي ارتفع نسبيا"، مضيفا: "كل شيء وارد، والاتحاد الديمقراطي لوح بتقوية علاقاته مع النظام في أكثر من مرة، والنظام هو المستفيد بالتأكيد"، على حد قوله.