هل تتجه الولايات المتحدة لمزاحمة إيران على "البوكمال"؟

تعكس التصريحات الأخيرة للتحالف الدولي بشأن الإعداد لهجوم على تنظيم الدولة في مدينة البوكمال إشارات على مزاحمة واشنطن لطهران والنظام السوري على "ممر الحرير" الإيراني.

وكان المتحدث باسم التحالف رايان ديلون قال في مؤتمر صحفي أمس إن التحالف يعد للهجوم على البوكمال، مشددا على ضرورة "ترسيخ النجاحات التي حققتها قوات سوريا الديمقراطية بحقول العمر النفطية بدير الزور ومواصلة تطهير المناطق من تنظيم الدولة".

اقرأ أيضا: تنظيم الدولة يستعد لمعركة أخيرة على حدود سوريا والعراق

وتأتي تصريحات التحالف في الوقت الذي بدأت فيه قوات النظام السوري مدعومة بالمليشيات الإيرانية التحرك صوب البوكمال، المعقل الأخير داخل المدن لتنظيم الدولة في سوريا وباتت على مسافة تقارب الأربعين كيلومترا من المدينة.

ويرى مراقبون أن التصريحات الأمريكية لم تقترن حتى الآن بدلائل واضحة على الأرض بشأن تحرك صوب البوكمال لاستباق سيطرة محتملة للنظام السوري وإيران عليها.

الاهتمام بالنفط

الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء فايز الدويري قال إن الأخذ بظاهر التصريحات الأمريكية يشير "إلى رغبة في قص أطراف إيران وأدواتها النافذة بالمنطقة وتحجيم دور طهران".

لكن الدويري قال لـ"عربي21" إن الوقائع الجارية على الأرض تشير إلى "عكس ذلك ولا تنسجم مع التحركات الإيرانية الحثيثة للسيطرة على البوكمال".

وأوضح أن القوات الأمريكية أقامت قاعدة عسكرية في التنف سابقا ويوجد فيها عدة فصائل سورية معارضة مثل جيش سوريا الجديد ومغاوير الثورة وأسود الشرقية، لكن جرى "تجميد دورهم ومنعوا من القيام بأي هجمات على البوكمال".

وأضاف: "بل قامت القوات الأمريكية بالانسحاب من شمال التنف في منطقة الزكف التي كانت أقرب للبوكمال من مناطق تمركز قوات النظام السوري الآن".

وأشار الدويري إلى أن الولايات المتحدة مهتمة حاليا بمناطق شرق الفرات والمثلث على الحدود العراقية بسبب الحديث عن وقوعها على "بحر من النفط والغاز" وهو ما تعكسه سيطرة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكيا على حقول العمر والتينغ والملح.

اقرأ أيضا: معركة البوكمال.. اكتمال ممر طهران إلى "المتوسط"

ولفت إلى أن المسافة بين قوات النظام وسوريا الديمقراطية من البوكمال متقاربة لكن الأخيرة أمامها عقبات تتمثل ببعض القرى والتجمعات السكانية.

ويرى الدويري أن ما يمكن أن يدفع أمريكا لمسابقة إيران على منطقة البوكمال ومنطقة الحدود الرغبة من تصديق تصريحاتها بمنع طهران من امتلاك هذه المنطقة وفتح الممر الإيراني.

وعلى الرغم من عدم ظهور تحرك أمريكي حتى الآن إلا أن الدويري قال إن "الاحتمالات مفتوحة على أكثر من جانب وتعتمد على التطورات الميدانية الحالية"، مضيفا أن "حسم البوكمال ضبابي ولا يمكن الجزم بتطورات العملية العسكرية".

وعلى صعيد احتمالية وقوع صدام بين النظام و"سوريا الديمقراطية" في حال رغبت الأخيرة بالتقدم صوب البوكمال أوضح الدويري أن هذا أمر متوقع ما لم يكن هناك اتفاق أمريكي روسي.

ولفت إلى أن "سوريا الديمقراطية" قد تكتفي بالسيطرة على الضفة الشرقية لنهر الفرات ورصد الطريق ناريا لكن هذا يعتمد على مدى التنسيق الروسي الأمريكي وكيفية تقسيم الخطوط العسكرية على الخارطة بينهما.

وعلى الرغم من محاولات النظام التقدم تجاه البوكمال والاقتراب من منطقة التنف، أكد الدويري أنه "لا قوات النظام ولا المليشيات الشيعية المساندة له تستطيع الاقتراب من التنف طالما القوات الأمريكية موجودة هناك".

الفرصة الضائعة

بدوره رأى العميد السوري المتقاعد أديب عليوي أن الولايات المتحدة أضاعت فرصة السيطرة على البوكمال عبر الفصائل التي سلحتها في المناطق المجاورة للمدينة.

وأوضح عليوي لـ"عربي21" أن تلك الفصائل "منعت من التحرك صوب البوكمال وشن هجمات ضد تنظيم الدولة"، مضيفا: "استغلت إيران هذا الأمر وتحركت سريعا عبر النظام للبوكمال".

ويرى أن الولايات المتحدة وحتى الأطراف الأخرى منشغلون بدفع تنظيم الدولة نحو الصحراء وعلى الرغم من وجود معارك مع التنظيم إلا أن هناك صفقات تحت الطاولة كما حصل عندما "سلم داعش حقل العمر النفطي لسوريا الديمقراطية".

ولفت إلى أن محاولة دفع تنظيم الدولة باتجاه الصحراء كما تفعل الولايات المتحدة عبر "سوريا الديمقراطية" يهدف لإبعادها عن "مناطق نفوذ كافة الأطراف وعن تجمعات المدن".