نشر موقع "ذي إنترسبت" تقريرا للصحفية إليزابيث روبين والمصورة الصحفية بولا برونستاين، حول اللاجئين الروهينغا الذين فروا من التطهير العرقي في ميانمار.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن هؤلاء الروهينغا لا تريد بنغلاديش أن تستوعبهم، ولا تريد ميانمار أن يعودوا إليها، وهذا ما يجعل جيش ميانمار الذي قام بالاغتصاب والقتل والحرق، واضحا لكل من فرّ من هؤلاء الروهينغا حتى وصلوا حدود ولاية راخين التي كانوا يعيشون فيها، بالقول: "اخرجوا ولا تعودوا".
وتقول الكاتبتان إنه "عندما يستطيع هؤلاء النازحون الهروب فإنهم يركبون قوارب للهروب، وبعض تلك القوارب متهالكة؛ لدرجة أنها تنقلب، وكثير منهم لا يستطيعون السباحة عبر النهر، ويلفظ الماء الغرقى من أطفال ونساء على شواطئ بنغلاديش. وأحيانا تغرق عائلات بكاملها في البحر. ويمكنك أن ترى الدمار الذي تعاني منه العائلات وهي تجمع موتاها؛ لتقوم بغسلهم وتكفينهم ثم دفنهم".
ويلفت الموقع إلى أن "معظم النازحين من الروهينغا تجمعوا في قرى مجاورة لبنغلاديش، ينتظرون فرصة العبور إليها، وتصل الهمسات إلى المصورين والمنسقين وجمعيات الإغاثة بقرب حصول موجة من اللاجئين يعبرون الحدود، وفجأة قبل الفجر يتحرك عشرات الآلاف من الروهينغا عبر حقول الأرز الخضراء، يحملون حاجتهم على رؤوسهم، والرضع بين أيديهم، والجرحى على أكتافهم".
وتصف المصورة برونستاين، التي صورت موجتين من الهجرة في تاريخي 9 و 10 تشرين الأول/ أكتوبر، هذه الموجات، بالقول: "تفتح الحنفية، ثم تغلق فجأة، فهل هناك ترتيب ما بين السلطات في ميانمار وبنغلاديش؟ هل هو حل مؤقت؟ هل هو تطهير عرقي دائم؟ تطهير منسق؟ وبعدها يسير اللاجئون أميالا داخل بنغلاديش، بعضهم يقف في القرى المهجورة، وبعضهم يصل إلى مخيمات لاجئين عمرها عقود، وبعضهم يضربه حرس الحدود البنغال بالخيزران، ويؤمرون بالبقاء في أماكنهم دون فكرة ماذا يحصل أو أين سينتهي بهم المطاف أو متى ستنتهي المأساة".
لماذا؟
تجيب برونستاين قائلة: "ربما للحصول على أموال أكثر"، وتصف ما حصل بالقول: "كان عملا غير إنساني، لقد وصل اللاجئون إلى مكان يستطيعون فيه الحصول على الماء والبسكويت من برنامج الغذاء العالمي، قالت لهم السلطات: (لا، نحن آسفون، لكن عليكم العودة إلى الحقول، حقول الأرز)، وكان الناس، خاصة الأطفال يبكون، ويقولون: (حرس الحدود البنغال هؤلاء يهددوننا بالضرب، ولا ندري ماذا يدور)، أبقوهم في الحقول الموحلة لمدة ثلاثة أيام، ثم قاموا بإجراءات دخولهم، إنها فظاعة، لماذا فعلوا ذلك؟ لم أستطع الحصول على جواب مباشر".
وتلفت برونستاين إلى أنها قد أمطرت في الوقت الذي كان فيه هؤلاء عالقين، ولم يكن هناك مكان للجلوس أو النوم، وتقول: "ثم تظهر الشمس، فيظهر قوس قزح.. إنه جميل والناس يعانون".
ويفيد التقرير بأنه على مسافة قصيرة من مخيم اللاجئين، حيث يعيش عشرات آلاف الروهينغا، فإن هناك منتجعا بحريا، حيث يأخذ السياح صور "سلفي"، ويسبحون ويشربون الـ"كوكتيل".
وينوه الموقع إلى أن "أزمة الروهينغا ليست جديدة، وقدمت جمعيات الإغاثة المساعدات في مخيمات لاجئين في بنغلاديش على مدى عقود، ويبقى الروهينغا يأتون مع كل موجة عنف تقوم بها سلطات ميانمار ضدهم، وهناك تقارير من العيادات ومن الفارين بأن الجنود والبوذيين المتطرفين يقومون بذبح الرجال وجر البنات، بعضهم 9 سنوات من العمر، إلى الغابات، حيث يتم اغتصابهن جماعيا، ويستخدم الاغتصاب أداة من أدوات التطهير العرقي، التي تضم حرق القرى وذبح الرجال واغتصاب الفتيات للقضاء على شعب".
وتتساءل الكاتبتان: "فهل هناك أي إرادة سياسية أو مؤسسة رسمية أخلاقية تقوم بتوجيه اتهام بارتكاب جرائم حرب لأحد؟ من يمكنه توجيه هذه التهم؟ روسيا؟ الصين؟ فمصالحهما الاقتصادية والجغرافية في بورما أكبر من أن تغامرا بها، حيث شاركتا في بناء منطقة اقتصادية جديدة، بما في ذلك منطقة صناعية ومحطة غاز ونفط وخط قطار، وذلك كله في ولاية راخين، حيث يعيش الروهينغا، أما أمريكا فنفوذها تضاءل في آسيا والعالم إلى حد بعيد، كما لم تعد لها مصداقية في حقوق الإنسان".
وبحسب التقرير، فإن "هناك ما يقارب من مليوني شخص من الروهينغا في العالم، فحتى قريبا عاش معظمهم في ميانمار لأجيال يشكك في هويتهم وينكر تاريخهم، حتى إن الاسم (روهينغا) مصدر للجدل، وهل هذه المجموعة عرقية أم سياسية أم دينية؟ وأفضل ما يمكن للشخص أن يقول إنها هوية معقدة تعود جذورها لمملكات متقلبة وغزوات إسلامية واستعمار وحركات قومية وتطهير عرقي".
وتبين الكاتبتان أن "حوالي 4.3% من سكان ميانمار هم من المسلمين، وأكثر من نصفهم من الروهينغا، وجعل قانون الجنسية لعام 1982 في ميانمار من شبه المستحيل أن يحصل الروهينغا عليها، (حيث عليك أن تثبت جذورك في بورما إلى ما قبل 1823 عندما استعمرتها بريطانيا، أو عليك أن تنتمي إلى واحدة من المجموعات المعترف بها، وليست الروهينغا واحدة منها)، وتصف عدة حكومات بورمية الروهينغا ببساطة بأنهم بنغاليون، ولذلك ليس لهم حق في التنقل بحرية، ولا التعليم العالي، ولا التصويت، ولا المناصب العامة، حتى إن عليهم الحصول على إذن للزواج منذ سبعينيات القرن الماضي، ومع كل موجة عنف ضدهم يفر الروهينغا إلى بنغلاديش، حيث لا يحصلون على أي حقوق، وعادة ما تتم إعادتهم".
ويختم "إنترسبت" تقريره بالقول إن "موجة التطهير العرقي على مدى الشهرين الماضيين كانت الأشد حتى هذا التاريخ، حيث قام جيش ميانمار والمتطرفون البوذيون بإكراه حوالي 600 ألف شخص على مغادرة ولاية راخين، لذلك يعيش اليوم حوالي 1.3% في عالم النسيان، دون أن يكون لهم مكان في هذا العالم يمكن للواحد منهم أن يقول إنه (بلدي)".
"نيويورك تايمز" تكشف عن حقد متأصل ببورما لمسلمي الروهينغا
التايمز: نائب بريطاني محافظ يستضيف متطرفا هندوسيا بالبرلمان
فورين بوليسي: لماذا فشلت الأمم المتحدة في إنقاذ الروهينغا؟