بمساحة من الحرية وإمتلاك الخيارات , تريث رئيس الحكومة اللبنانية بتقديم إستقالته لرئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون وبطلب من الآخير كما قال الحريري من القصر الجمهوري في بعبدا.
وطالما التقى الرجلان ولم يقدم رئيس الحكومة إستقالته فالحكومة قائمة ولا يوجد في الدستور اللبناني نصٌ واضحٌ يشرح التريث الذي تحدث عنه الحريري فهو اليوم رئيسٌ للحكومة رغم كل ما قيل وأي أمر طاريء كحرب إسرائيلية مثلاً ستدفع الحكومة للاجتماع لو لم تكن النوايا متوفرة أو التوجه متوافر للاجتماع.
فما معنى التريث في تقديم الإستقالة إلا وعوداً بتغيير ما سيطرأ على المعادلة الاقليمة المتعلقة بحزب الله موضع الخلاف والتسويات ,
منذ التسوية السابقة التى جاءت بالرئيس ميشال عون الى كرسي الرئاسة الاولى في البلد والتي بدا مؤخراً أن الحريري أخذها على عاتقه وبدا واضحاً أن المملكة العربية السعودية طلبت من الحريري كشف حساب لحصيلة هذه التسوية إنطلاقاً من إعتقداها بضرورة تسديد هذه الفاتورة بعد تعرض الرياض لصاروخ تصر على أنه يحمل توقيع حزب الله اللبناني إنطلاقاً من تواجده في اليمن الأمر الذي نفاه حزب الله بلسان أمينه العام حسن نصر الله وكان واضحاً إعتماد الرجل لهجة مخففة في خطابه الآخير رغم مام وجهه من رسائل كما المملكة ,
الزلازل الممتد بين الرياض وطهران هدأ في توقيت مستغرب بعد التصعيد الذي وصل الى تحدث البعض عن حرب باتت وشيكة فقدم نصر الله للتهدئة بالحديث عن إنتفاء علاقة الحزب أو تواجده في اليمن وحصر نشاطه المعلن على الأقل بسوريا التي شارفت الحرب فيها على الإنتهاء كام يؤكد خبراء وأكد عليه قائد الحرث الثوري الايراني عن أن دور إيران في اليمن تلعب دور الإستشاري فقط وتراجع الخطاب التصعيدي السعودي الذي أعتبر أن قرار وزراء الخارجية العرب كافيا حالياً ولكن بإنتظار ماذا؟؟؟؟
الأقرب للتصور أن المملكة تنتظر أمراً واحداً أساسياً وهو... لبنان...بمعنى أدق تسوية الحريري الجديدة وعنوانها التريث في تقديم الإستقالة وما قد تحققه من إحراج حزب الله ودفعه للإنسحاب من سوريا العراق اليمن ووقف تدخله في البحرين وهو ما أعتقده سذاجة مطلقة لجهة إستراتيجية حزب الله المعروفة الاهداف والاركان وويفوق قدرة لبنان وهو فعلياً غير قادر على فرض أيٍّ من هذه الأمنيات
والأيام ستظهر المشهدية المعقدة بشكل أوضح .
وبالعودة الى الشأن اللبناني الداخلي فالحريري بدا مختلفاً وواثقاً واتفق كثر على أنه حقق زعامة معينة أو شارف على الوصول لتحقيق زعامة تشبه إلى حد بعيد زعامة والده الشهيد رفيق الحريري فلم يعد سعد الحريري ذلك الشاب الوارث فقط للزعامة او المكانة أو المنصب وإنما صاحب مساحة كبيرة على الساحة السياسية في لبنان وبدا للوهلة الاولى من بعبدا رقماً صعباً أكده كلام نصر وكلام رئس الجمهورية وبعض الهدوء والتريث كذلك على جبهة التراشق الإعلامي بين الريا ض وطهران.
تجدر الإشارة هنا الى أن المرحلة مرحلة تسويات بكل المقاييس فالكلام عن حروب يبقى توقعات كما الحديث عن السلام إذ قد يضطر أطراف النزاع في اوقات معينة من هذه الأزمة من إرسال رسائل أمنية وطبعاً على أرض لبنان القابلة للاشتعال إذا ما اضطرهم الخصوم لذلك ولكن , إلى أي حد يملك اللبنانيون زمام امورهم؟
إذا كانت بقية القوى السياسية في لبنان تملك مساحة الحرية التي يبدو أن سعد الحريري يملكها رغم الرباط الوثيق بالمملكة العربية السعودية من خلال تريثه بتقديم الإستقالة فسيسحب ذلك فتيل التفجير
كان واضحاً في ,رأيي على الأقل أن التريث في تقديم الإستقالة لم تكن رغبة سعودية بحتة وإنما للرجل مجال تحرك ينكره عليه خصومه ومن كاد يقنع جمهور الحريري قبل الآخرين أنه يعمل بأوامر الرياض وهو ما أثبت الرجل عكسه من خلال تسوية تأجيل تقديم الإستقالة في ظل سيل الاتهامات والتصريحات والتصعيد السعودي تجاه لبنان الذي وصل الى حد إعتبار الحكومة اللبنانية مجتمعة هي إرهابية وهو ما استنكره اللبنانييون وحتى من نفس خط وتيار الرئيس الحريري.
ليس معنى ذلك ما ذهب اليه البعض من إحتمال خروج الرجل على التوافق العربي العربي الذي تمثله الرياض بالنسبة إلى لبنان بالنظر الى العلاقات التاريخية وإنما قدرة الرجل التي فاقت التوقعات بتحمل مسؤولية مرحلة مفصلية من تاريخ لبنان الذي تعرض لتهديد يعتبر مباشر من المملكة العربية السعودية إعلامياً على الأقل .
فنعم قد يكون الوريث للعلاقات الحريرية السعودية التي لا يمكن تخطيها إلا أنه وكما فعل والده رفيق الحريري الذي مشى بتسوية التمديد للرئيس اللبناني الأسبق إميل لحود فها هو يكرر إظهار الصورة التي تكرس زعامة جديدة في لبنان من خلال التسوية الاولى وهي وصول العماد ميشال عون لسدة الرئاسة والتسوية الثانية ألا وهي "التريث بالإستقالة"وهذا لا يخرج بالضورة الحريري عن الرضى السعودي ولا يدخله في أحلاف جديدة بعيدة عن المملكة وإنما يصحح ربما بعض المفاهيم التي لدى بعض حلفاء الحريري والتي تقول أن لبنان لا يتحمل اي اهتزاز سياسي أو إقتصادي وتظهر لبنان بمظر البلد المؤثر وليس التابع وكذلك سعد الحريري وعلى بقية الأطراف هنا فحص إمكانية حرية تحركهم من عدمها بمعزل عن الدول الداعمة لهم .