تساؤلات كثيرة تدور في خلد قلة قليلة من
اللبنانيين لكن.. ألا تستحق هذه القلة الإضاءة على ما يجول في خاطرها؟!
رغم اتساع المساحات الكلامية وانتشار فضاءات متعددة كالنار في الهشيم، إلا أن المال السياسي الذي يوظف للإعلام يسخّر لكتم كل صوت متقبل للآخر، أو على الأقل يريد التعايش معه درءاً للفتنة والخراب والدماء ومنعاً لتحميل الإنسان اللبناني غير المنتمي لحزب أو تنظيم أو حتى جمعية خيرية مزيداً من الأعباء والأثمان، وهو في أسوأ مراحله التاريخية على كل الصعد وصولاً لخطر قد يهدد خارطة المنطقة بأسرها أو تعدد ألوانها على أقل تقدير.
مع ما عرفته المنطقة في السنوات العشر الأخيرة من منعطفات وتقلبات ومواجهات وسفك للدماء، ومع ما ينتظر المنطقة حالياً من تسويات وترتيبات ولعب بمصائر الناس، ما زالت أطراف لبنانية فاقدة للقدرة على التفكير خارج الصندوق الخشبي المهترئ.
مع ما عرفته المنطقة في السنوات العشر الأخيرة من منعطفات وتقلبات ومواجهات وسفك للدماء، ومع ما ينتظر المنطقة حالياً من تسويات وترتيبات ولعب بمصائر الناس، ما زالت أطراف لبنانية فاقدة للقدرة على التفكير خارج الصندوق الخشبي المهترئ
رغم أن أخبار التغييرات معلنة ورغم اتضاح سقوط الكثير من الرهانات على مذبح التقدير الخاطئ لتلك الأطراف تضيق -وهنا كل الغرابة- زوايا الرؤية لديهم وتتقلص مساحات الفهم، فيدخلون في ما يشبه حالة من الإنكار المرضي لواقع أنهم لن يستطيعوا أن يعيدوا عقارب الساعة إلى الوراء. ولم تعد الصفحات المخصصة لكتابة تاريخ المنطقة، من اليمن إلى العراق فسوريا ولبنان وفي القلب فلسطين، حكراً على أحد بعينه، بل إن شريكاً أساسيا مركزيا وفاعلا سيخط بمجهوده ما يريد وهم سيقرأون.
في لبنان السني المسيحي الدرزي الشيعي فقد كثيرون القدرة على الفهم، ولو قرأوا -وهنا الكارثة- فنحن اليوم في لبنان الشيعي السني المسيحي الدرزي.
فعلى اللبنانيين وعلى مستوى الأفراد أن يدركوا أن لهم شريكا في الوطن ليس بمقدورهم اليوم تجاوزه، وأن الأصوات التي تعبئ الرأي العام ضده وتدعو للصدام معه بعبارات منمقة هي أصوات جاهلة، إن لم نقل داعية فتنة.
أي عاقل يقبل ما يذهب إليه البعض في لبنان باستمراره في التعاطي مع حزب مثل
حزب الله ومن خلفه بيئته؛ على أنه حالة شاذة يجب استئصالها؟!
نعم إن لهم الكثير من المخاوف، فالأمر يصل من أعلى هرم المصالح لكل طائفة إلى حد أصغر المراكز الوظيفية في الدولة، ونعم يعتقدون أنهم سنة بعد سنة سيخسرون منها الكثير، ولكن أي لبنان يريدونه غير لبنان الإيراني كما يسمونه هم؟!
مع ما عرفته المنطقة في السنوات العشر الأخيرة من منعطفات وتقلبات ومواجهات وسفك للدماء، ومع ما ينتظر المنطقة حالياً من تسويات وترتيبات ولعب بمصائر الناس، ما زالت أطراف لبنانية فاقدة للقدرة على التفكير خارج الصندوق الخشبي المهترئ
ربما لو يتسع مجال السرد لقلنا دون شك وبحسب كل جهة: أي لبنان سيكون؟ لكن القصة كل القصة تكمن في الفهم.. الفهم الجمعي لمختلف الأطراف؛ من هم في فلك هذا الحزب أو ذاك.
وحقيقة واحدة بسيطة مبسطة وسهلة عليكم إدراكها، فأنتم تقاتلون بالخطابات الرنانة وكأنها من الفضاء ومن تستهدفونه يقف على الأرض؛ أرض لم يخفِ وقوفه عليها ولم يوارب ولم يقل غير ما يفعل. اتفقتم أم اختلفتم معه هو موجود وسيبقى، والانتخابات المقبلة تعطيكم ربما فرصة لإثبات وجودكم، أما بأي حجم فذلك بحث آخر.
المرحلة المقبلة بالنسبة لتنظيم مثل حزب الله مرحلة حصاد، فالبذور نُثرت منذ أربعين سنة تقريباً يوم كان لبنانكم على مقاسكم عندما اتجهتم جنوباً نحو فلسطين ومحتلها، فلمَ لا تجربون غير لبنانكم؟
ربما حفظ لكم حقوقكم وحقوق الآخرين، لكن التغيير ليس مفروضاً على خصمكم وحده، فعليكم أيضاً تقع مسؤولية التغيير وأنتم دعاة له، فلمَ لا تفكرون خارج الصندوق؟
تبقى مسؤولية التفكير خارج الصندوق واقعة أيضاً على من ستكون له الغلبة في السنوات القادمة في لبنان.
هل ستبقى هذه القلة القليلة التي تفكر خارج صندوق القبيلة مسجونة في صندوق كل القبائل التي تبدو أنها لا تريد أن تتقبل (حتى تقبل) هذه القلة لها؟!