دمرت فنزويلا ثروتها الرئيسية التي تؤمن 96 بالمئة من عملاتها الصعبة بسبب التراجع الحاد في أسعار النفط الخام، ما جعلها فريسة لنقص المواد الغذائية والأدوية وسط تضخم كبير متوقع في 2018 بنسبة 2300 بالمئة، كما يقول صندوق النقد الدولي.
وتسبب هذا الوضع البالغ الصعوبة في تظاهرات يومية تقريبا استمرت أربعة أشهر، من نيسان / أبريل إلى تموز / يوليو، طالبت باستقالة الرئيس مادورو، الذي تراجعت شعبيته كثيرا، وبالكاد بلغت نسبة مؤيديه 20 بالمائة في أيلول / سبتمبر، وفقا لإحصاءات معهد "داتاناليسيس" للدراسات.
ونجا نيكولاس مادورو رئيس فنزويلا منذ 2013 من سلسلة اختبارات صعبة كانت ستؤدي إلى سقوط أي رئيس دولة أخرى، لكنه صامد وسيترشح لولاية رئاسية جديدة في 2018، في ظل دعم كبير من المؤسسة العسكرية.
وذكرت المعارضة أن التيار التشافي يسيطر أيضا على السلطات القضائية والانتخابية، وعلى الجمعية التأسيسية التي ستكون أساسية خلال الانتخابات الرئاسية في 2018. وترافق هذا التركيز للسلطة، في الأيام الاخيرة، مع سلسلة من الاعتقالات التي شملت مسؤولين سابقين لشركة النفط التي تملكها الدولة، وشخصيات من الحلقة الرئاسية الأولى.
وعين مادورو الأحد الماضي مانويل كيفيدو الجنرال في الحرس الوطني رئيسا للمجموعة النفطية الحكومية، قبل أن يتعهد بـ"إعادة هيكلة كاملة" للمجموعة بعد كشف قضايا فساد كبرى.
وأوقف الجيش الفنزويلي ديل بينو، الحليف القوي السابق لمادورو وزير النفط السابق في البلاد، إضافة إلى مارتينيز الرئيس السابق للمجموعة النفطية الحكومية بعد أيام من إقالتهما في إطار حملة حكومية لمكافحة الفساد.
وديل بينو ومارتينيز هما أعلى مسؤولين يتم توقيفهما في إطار حملة التطهير ضد الفساد داخل المجموعة النفطية الحكومية في فنزويلا، وأوضح طارق وليام المدعي العام أن حملة الاعتقالات جزء من عملية "لتفكيك الكارتل الذي يتحكم في صناعة النفط" في البلاد.
وقال المحلل إكسل كابريلس إن عملية "التطهير" هذه في القمة تعكس صراعا داخل التيار التشافي "تيمنا باسم الراحل هوجو تشافيز، الذي كان رئيسا من 1999 الى 2013" قبل عام من الانتخابات الرئاسية.
وأضاف: "هذه مواجهة بين الذين يستفيدون من الفساد، إنها حرب داخلية بين مافيات ثورية لاتخاذ قرار يتعلق بمن يبقى مع الغنيمة".
واستأنفت الحكومة والمعارضة أمس الحوار في جمهورية الدومينيكان، لإيجاد حل للأزمة السياسية الخطيرة والاقتصادية التي تعصف بالبلد النفطي.
وترزح فنزويلا، التي تملك أكبر احتياطي نفطي في العالم، تحت وطأة ديون خارجية تقدر بـ 150 مليار دولار، فيما يعاني السكان أزمة أغذية وأدوية، ولمواجهة النقص على صعيد المواد الغذائية الذي بلغ نسبة 80 بالمائة، أطلق مادورو في 2016 برنامج المواد الغذائية المدعومة المخصصة للمناطق الشعبية، وتشمل ستة ملايين عائلة.
لكن الاستفادة من هذا البرنامج، تحتم توافر "بطاقة الوطن" المزودة برمز يتيح في آن واحد التصويت والاستفادة من البرامج الاجتماعية، وترى المعارضة في هذه الوثيقة التي تسلمها 16 مليون شخص، آلية لمراقبة المجتمع.