نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، ذكرت فيه أنه في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، نشرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تقارير تتحدث عن العلاقة التي تربط إيران بتنظيم القاعدة، ما أثار موجة من القلق. وقد اكتشف الأمريكيون هذه العلاقة السرية، وتكتموا عليها منذ 2 من أيار/ مايو سنة 2011، وتحديدا إبان إعلان مقتل أسامة بن لادن في باكستان.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن وكالة المخابرات المركزية أماطت اللثام عن العلاقة التي تربط كلا من إيران الشيعية وتنظيم القاعدة السني، في مواجهة العدو المشترك "الأمريكيين" في منطقة الشرق الأوسط. ويمكن الاطلاع على هذه الوثائق من خلال موقع المخابرات المركزية على الإنترنيت.
ونقلت الصحيفة على لسان مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، مايك بومبيو، أنه بالفعل توجد علاقات مشتركة بين الطرفين، حيث تعاونت إيران -وما زالت- مع تنظيم القاعدة، في حين تربطهما العديد من الاتفاقيات، على غرار اتفاق "عدم اعتداء".
وأضافت الصحيفة أن بعض هذه الوثائق، التي رفعت عنها السرية، تتحدث عن "الابن المفضل" لأسامة بن لادن، الذي يدعى حمزة. وضمن هذه الوثائق، يوجد مقطع فيديو يعرض حفلة زواج حمزة بن لادن في سنة 2007 في إيران. وقد أضحى حمزة بن لادن عقب ذلك المتحدث الرسمي الثاني باسم تنظيم القاعدة بعد زعيم التنظيم، أيمن الظواهري.
ومن المثير للاهتمام أنه قد وقع نشر وثيقة تتكون من 19 صفحة، كشفت عن توافد موجة من المقاتلين الفارين من أفغانستان على إيران؛ هربا من القوات الأمريكية، بين سنتي 2001 و2002. وقد استقر هؤلاء المقاتلون التابعون لتنظيم القاعدة بسهولة في إيران، تحت مرأى ومسمع أجهزة المخابرات الإيرانية.
وأكدت الصحيفة أنه ومن خلال إحدى الوثائق الأمريكية تبين أن المخابرات الإيرانية عرضت على مقاتلي تنظيم القاعدة المستقرين في إيران مدّهم بكل ما يحتاجونه، من أموال وسلاح، ومعلومات تتعلق بالحليف اللبناني، حزب الله، شريطة أن يوجه التنظيم ضربات تستهدف المصالح الأمريكية في السعودية وباقي دول الخليج.
والجدير بالذكر أنه وفضلا عن نية إيران استخدام مقاتلي تنظيم القاعدة أداة لخدمة مصالحها، كشفت الوثائق أيضا أن واشنطن بدورها عملت على فتح خطوط تواصل مع المسلحين السنة، الذين ينحدرون من محافظة سيستان وبلوشستان، الواقعة جنوبي شرق إيران، تحديدا على الحدود مع باكستان وأفغانستان. وكان الأمريكيون يسعون من خلال ذلك، حسب الوثائق، إلى زعزعة الاستقرار في الدولة الشيعية.
وأفادت الصحيفة بأن إيران كانت على صلة بأحد رموز تنظيم القاعدة، أبو حفص الموريتاني، الذي غادر الجزائر منذ التسعينات متجها إلى أفغانستان. وقد كان الموريتاني، الذي يعد أحد المقربين من بن لادن، من بين أهم المطلوبين من قبل واشنطن، قبل أن يلجأ إلى إيران، حيث تولى مهمة المتحدث باسم تنظيم القاعدة، في حين عمل على التواصل مع الأجهزة الاستخباراتية الإيرانية خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر سنة 2001.
ووفقا للوثائق الأمريكية، اتفق الموريتاني مع الإيرانيين على نقل مقاتلين ينتمون إلى القاعدة لإيران بصفة سرية في ظل عمليات التعقب الأمريكية اللصيقة. وفي سنة 2002، التحق بهؤلاء المقاتلين مدبر هجمات السفارات الأمريكية في تنزانيا وكينيا، المصري سيف العدل، إضافة إلى ذراع بن لادن الأيمن، أبو محمد المصري.
ونوهت الصحيفة إلى أنه خلال تلك الفترة اتهمت لجنة التحقيق الأمريكية، التي كلفت بمهمة إجراء تحقيقات بشأن أحداث 11 من أيلول/ سبتمبر سنة 2001، كلا من الإيرانيين وعناصر من تنظيم القاعدة بالوقوف وراء هجمات 11 من أيلول/ سبتمبر. وقد أكدت هذه اللجنة أن القاعدة وطهران تربطهما علاقة منذ تسعينات القرن الماضي، حيث التقى مبعوثون يمثلون الطرفين في السودان، التي كان أسامة بن لادن مستقرا فيها آنذاك.
وحسب وثائق وكالة المخابرات المركزية، غضت طهران الطرف عن تنقل مقاتلين لتنظيم القاعدة عبر أراضيها نحو العراق إبان الغزو الأمريكي لبلاد الرافدين سنة 2003. وقد عمد هؤلاء المقاتلون إلى تعزيز صفوف أحد رموز الجهاد ضد الأمريكيين في ذلك الوقت، أبو مصعب الزرقاوي.
وفي الختام، نقلت الصحيفة ما ورد في رسالة، كتبت بتاريخ 18 من تشرين الأول/ أكتوبر سنة 2007، بعث بها أسامة بن لادن إلى أحد قادته الميدانيين في العراق، جاء فيها: "هل تعلم أن إيران تعدّ الطريق الرئيسي الذي تمر عبره تمويلاتنا ورجالنا، كما نستغله لتبادل المعلومات فيما بيننا". وأضاف بن لادن في رسالته، أنه "في حال قررت أن تفتح جبهة قتال ضد إيران، فأنصحك ألّا تعلن ذلك على الملأ، ووجه ما شئت من ضربات لطهران في صمت...".
فورين أفيرز: لماذا يجب على واشنطن كبح جماح الرياض؟
نائب بريطاني ينتقد ضعف فهم البرلمان للتهديد الإيراني
أوبزيرفر: الثنائي ابن سلمان وكوشنر يشكلان مزيجا خطيرا