وضع زعيم الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، عينه على أملاك وأصول هيئة الأوقاف المصرية المترامية الأطراف؛ بهدف الاستفادة منها، ودمجها في اقتصاد الدولة.
وكان السيسي قد اجتمع مع وزير أوقافه ورئيس هيئة الأوقاف المصرية وعدد من المسؤولين، الأسبوع الماضي، لاستعراض سبل تعظيم الاستفادة من الأصول والأراضي التابعة للأوقاف، مشددا على أهمية حصر وتقييم تلك الممتلكات بشكل شامل والحفاظ على حق الدولة بها وعدم التفريط فيها.
وصدر قرار جمهوري في تموز/ يوليو 2016 بتشكيل لجنة لحصر أموال هيئة الأوقاف برئاسة مساعد الرئيس للمشروعات القومية إبراهيم محلب، ودراسة إمكانية استغلال مقومات الهيئة فى دعم الاقتصاد القومي.
حجم أصول الأوقاف
في هذا السياق؛ كشف مستشار وزير الأوقاف السابق، الشيخ سلامة عبد القوي، "أن أصول الأوقاف بمصر تقدر بمئات المليارات من الجنيهات، وما رصدناه بشكل دقيق - خلال إشرافي على ملف هيئة الأوقاف - فمعظمها أراض منهوبة تسيطر عليها مافيا معروفة، وهي معلومة وليس استنتاجا".
وأوضح لـ"عربي21": أن "هذه المافيا هي زمرة من اللواءات الحاليين والمتقاعدين سواء في الجيش أو الشرطة، ووزراء وبرلمانيين سابقين يسيطرون على أجود الأراضي في أماكن متميزة؛ خاصة في الدلتا وفي القاهرة".
وأكد أن "اجتماع السيسي بوزير الأوقاف ورئيس المخابرات وغيرهما لبحث أوجه الاستفادة من ريع تلك الأوقاف لا يجوز من الناحية الشرعية؛ لأن لا السيسي ولا وزيره يملكان اتخاذ أي قرار بشأن مصير هذا المال، ودور الوزارة إشرافي فقط، حتى لو كان في اتجاه تنمية الاقتصاد القومي للبلاد، وكل ما يخرج منه من قرارات هي باطلة".
وأضاف أن "السيسي الذي يجمع الفكة (النقود) من المصريين ليس من المستغرب توجهه إلى تلك الأصول والأملاك من خلال قوانين وفتاوى مدلسه للسيطرة على أراضي الأوقاف، وخير دليل على هذا اللجنة التي أمر بتشكيلها برئاسة إبراهيم محلب لحصر واسترداد أموال الأوقاف".
أموال الأوقاف المنهوية
وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، جمال عبدالستار، كشف أيضا أن "أكثر من نصف أراضي مصر وقف، وهو ما تؤكده الحجج والأوراق الرسمية في الأوقاف التي أطلعنا عليها، وجزء كبير من تلك الممتلكات مغتصبة، وأكبر هيئة تاجرت بها وباعتها هي المؤسسة العسكرية، فهيئة الأوقاف، هي أغنى هيئة في مصر، ومالها وقف لا يحق التصرف فيه".
وقال لـ"عربي21": "وضعنا مادة في دستور 2012 لحماية تلك الأوقاف، تقول (إن أموال الأوقاف لا تسقط بالتقادم)، وكانت كفيلة بحماية أموالها واستردادها مهما طال الزمن، ولما جاء السيسي أزال هذه الفقرة، وهو الآن يسعى للسيطرة عليها، أو ما تبقى منها".
وبين أن "أموال الأوقاف الآن مهدرة، وقيمتها مرتفعة للغاية، ولكنها ليست ملكا للدولة، ولا يحق لها الاستفادة منها بأي شكل من الأشكال، وهي تتبع هيئة مدنية، فوزير الأوقاف بصفته راعي هذا الوقف، وليس من حقه التدخل فيه بتبرع أو شراء أو غيره".
ما للدولة وما للواقفين
أما وكيل أول وزارة الأوقاف للقطاع الديني، الشيخ جابر طايع، فأكد "أن من ذهب إلى أن الاجتماع كان بخصوص الاستفادة من أموال الوقف لصالح الدولة مخطئ"، مشيرا إلى أن "أموال الوقف عندما تنفق على الخير والبر سواء في بناء المستشفيات أو المساكن وغيرها، فهي تنفق في داخل الدولة وليس خارجها، إذا فالقول بضرورة التعظيم من الاستفادة منها لصالح الدولة أي لصالح الناس المستفيدين، وتنفيذ شروط الواقفين منها وليس لصالح الدولة بعينها"، على حد قوله.
وقال لـ"عربي21" إن "هذا المال موقوف على شرط الواقفين، والقاعدة الفقهية تنص على أن شرط الواقف كنص الشارع لا يمكن تجاوزه؛ لذلك أي تعظيم من عائدات الوقف أو فائض ريع الوقف فهو لصالح شروط الواقفين".
وأضاف أن "الاجتماع كان يهدف لتعظيم الاستفادة من تلك الأصول من ناحية، ووقف التعديات وتفعيل عمل اللجان المنوط بها تتبع المتعدين على أموال وأصول الأوقاف من أجل استردادها مجددا، من خلال الحجج والخرائط".
نهب ممنهج
المتحدث باسم حزب الأصالة السلفي، حاتم أبو زيد، ذهب إلى القول بأن "ما يتم هو حلقة من سلسلة حلقات الاستيلاء على أموال المسلمين والأمة؛ بهدف إفقارها ومنع المجتمع من تحقيق أي تقدم ومحاصرته على الأصعدة كافة".
وأضاف لـ"عربي21" أن "هذه الأوقاف لو ردت للمسلمين فهي تكفي لاختفاء الفقر بنسبة كبيرة جدا جدا؛ فهي تقدر بالمليارات وتدر دخلا بمئات الملايين، كما أنها كانت تستخدم للإنفاق على دور العلم والعلماء، مما كان يحرر العلماء والمشايخ من قبضة السلطة ويضمن لهم العيش الكريم".
وتابع: "ولكن الاستيلاء عليها تم ضمن خطة السيطرة على المجتمع وتحطيمه، خاصة أنه بعد ثورة يناير كانت الدعوات بدأت تتصاعد برد أموال الأوقاف للمسلمين، كما ردت أوقاف المسيحيين لهم من قبل".
لماذا فتح السيسي قواعد مصر العسكرية ومجالها الجوي لروسيا؟
بعد تراجع شفيق.. ما شكل الانتخابات التي يريدها السيسي؟
هل يقود السيسي المصريين للثورة أم لانقلاب عسكري عليه؟