نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا لمراسلها في اسطنبول، كريم شاهين، يتحدث فيه عن أثر التنافس السعودي الإيراني على الشرق الأوسط عام 2018.
ويقول شاهين: "انتهى عام مضطرب في الشرق، لكن لا راحة له عام 2018 من الفوضى الإقليمية، التي تنبع من فتيل التنافس بين السعودية وإيران".
ويضيف الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أن "الأمير السعودي الشاب محمد بن سلمان عزز من قوته، وبدأ حركة من الإصلاحات الثقافية والاقتصادية غير المسبوقة في الرياض، لكن طموحاته الخارجية لم تثمر بعد، وبدلا من ذلك فستواصل امتصاص المصادر والأرواح في البلد الجار اليمن، الذي يعد من أفقر الدول العربية، حتى يتم التوصل لتسوية سياسية".
ويستدرك شاهين بأن "هذا الاحتمال يبدو بعيدا بعد مقتل رجل صنعاء القوي والرئيس لأكثر من 30 عاما علي عبدالله صالح، الذي ترك مقتله على يد الحوثيين البلاد دون نهاية واضحة للنزاع الذي تتهم فيه السعودية إيران بدعم الحوثيين، التي تواجه تحديات غير مسبوقة منذ عقود، حيث تم اعتقال المئات، ومقتل 21 شخصا في الاحتجاجات التي شهدتها البلاد ضد ارتفاع أسعار السلع وتطورت لمطالب بالتغيير السياسي".
ويقول الكاتب إن "ابن سلمان لن يكون لديه الكثير ليقوله في سوريا، التي أصبح فيها نظام بشار الأسد المدعوم من إيران وروسيا يملك الزخم العسكري، وتشتت المعارضة، أو لم تعد موجودة؛ بسبب سيطرة جماعات المعارضة المرتبطة بتنظيم القاعدة، أو يرتهن وجودها بالدعم التركي، فيما يعيش الساسة المعارضون في المنفى، بعيدين عن التطورات الحقيقية في البلاد".
ويشير شاهين إلى أن "كلا من روسيا وإيران وتركيا تسيطر على مسار الأحداث، وستقرر الشكل النهائي للحل، مع أنه لا يوجد ما يضمن لنهاية العنف أو التمرد ضد نظام الأسد، وفي الوقت الذي سيتحول فيه انتباه العالم لمرحلة ما بعد الحرب، فإن التنافس سيزداد للحصول على قطعة من مشاريع إعادة الإعمار، وفي هذه المرحلة سيتم تقرير مصير الدولة الكردية".
ويفيد الكاتب بأنه في الوقت الذي أثبت فيه المقاتلون نفعهم للتحالف الدولي، الذي قادته الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة، إلا أن نهاية الحملة تعني توقف الدعم العسكري عنهم، حيث يقول الأكراد إنهم يريدون إقامة منطقة حكم ذاتي، إلا أن معارضيهم يرون أن تحركهم نحو الغرب في الشمال ينم عن محاولات لإقامة دولة".
ويجد شاهين أنه "مهما كانت هذه الطموحات فهي تواجه معارضة تركية قوية، حيث أن المقاتلين الأكراد في سوريا يمثلون تهديدا على أمنها القومي، ومن المحتمل أن تدعم روسيا والولايات المتحدة الموقف التركي".
ويبين الكاتب أنه "بالنسبة لتركيا، فسيواصل المراقبون للشأن في هذا البلد التدهور المستمر في مجال حقوق الإنسان، والحد من حرية التعبير، في الوقت الذي يقوم فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتعزيز قوته وتهميش المعارضة قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في عام 2019، وقد يقدم موعدها، مع أن الحكومة تنفي وجود اقتراحات من هذا النوع".
ويقول شاهين إن "عمليات القمع سترفق بنزاعات حول الهوية، وتتضح خطوط الصدع بين العلمانيين والإسلاميين، ويحتدم النقاش بينهم على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث سيعبر العلمانيون عن قلقهم من انحراف تركيا عن حلفائها التقليديين في أوروبا نتيجة للعداء المتبادل، ولابتعاد تركيا عن الغرب وحلفائها في الناتو".
ويلفت الكاتب إلى أنه "سيتم التركيز في العراق على وضع البلاد، بعد سنوات منهكة من المواجهة مع تنظيم الدولة، وتواجه بغداد مهمة صعبة لجمع أمة مجروحة، حيث يحاول الأكراد تجاوز الهزيمة في محاولتهم للحصول على الاستقلال، فيما يرغب الكثير من السنة، الذين عاشوا في ظل تنظيم الدولة، بالعودة إلى مدنهم وقراهم التي دمرها القتال".
ويقول شاهين: "يجب على الحكومة المركزية العمل على الموازنة بين هذه المطالب والسيطرة على المليشيات المدعومة من إيران، التي أدت دورا مهما في الحرب ضد تنظيم الدولة، والمتهمة بارتكاب مجازر، ويمنع التأثير الذي تمارسه من تقديم المتورطين للمحاكمة".
ويذهب الكاتب إلى أنه "رغم هزيمة تنظيم الدولة، فإن الإرهاب لا يزال تحديا كبيرا في المنطقة، ورغم فقدان التنظيم مناطق شاسعة في العراق وسوريا، فإن المقاتلين عادوا إلى الصحراء، التي اختبأوا فيها، ويحضرون للخطوة المقبلة".
وينوه شاهين إلى أنه "في مصر، التي ستعقد فيها الانتخابات، فإن تنظيم الدولة حاول استغلال الفراغ في سيناء وعجز الحكومة لزرع بذور الفوضى، وواصل شن هجماته الإرهابية في أنحاء مختلفة من العالم".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "تنظيم الدولة، وإن هزم، إلا أن الظروف التي أدت إلى نشوء أكثر الجماعات وحشية في التاريخ لا تزال موجودة: من الحكام الديكتاتوريين، والمجتمعات المحرومة والمحبطة، والتوترات الطائفية، والتشرد والنزوح، إلى فراغ السلطة وعدم المساواة والحالة الاقتصادية الصعبة".
واشنطن بوست: لماذا لا يعاقب مجلس الأمن محمد بن سلمان؟
ما هي معالم سباق التسلح الخطير في الشرق الأوسط؟
هكذا قرأ "كوكبيرن" معالم فشل سياسات ابن سلمان الخارجية