نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لمراسلتها في بيروت ليز سلاي، تقول فيه إن تعرض الجيش الروسي في سوريا لعدة هجمات، بما في ذلك هجوم قامت به مجموعة من الطائرات الصغيرة الموجهة عن بعد، كشف عن مدى عرضة القوات الروسية للهجمات، بالرغم من إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الانتصار.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الهجمات تسببت بطرح أسئلة كثيرة حول من يقف وراء ما يمكن وصفه بأنه أكبر تحد عسكري إلى الآن للدور الروسي في سوريا، في الوقت الذي تسعى فيه موسكو للتخفيف من الوجود العسكري هناك.
وتذكر سلاي أن آخر تلك الهجمات وأغربها كان هو إغارة 13 طائرة دون طيار صغيرة مسلحة على منطقة من قاعدة حميميم الروسية في محافظة اللاذقية في شمال غرب سوريا، وهي مركز العمليات العسكرية الروسية في سوريا، وعلى قاعدة بحرية روسية في طرطوس، مشيرة إلى أن القوات الروسية تمكنت من إسقاط سبع من ثلاث عشرة طائرة دون طيار، واستخدمت وسائل إلكترونية للسيطرة على الست الأخريات، وقالت إن الهجوم لم يسفر عن أي أضرار بالغة.
وتفيد الصحيفة بأن هذا الهجوم بالطائرات دون طيار جاء بعد أقل من أسبوع من مقتل جنديين روسيين في هجوم بقذائف الهاون على القاعدة ذاتها، ويبدو أن الهجوم تسبب بأضرار للمعدات الروسية العسكرية.
ويلفت التقرير إلى أن وزارة الدفاع الروسية نفت ما جاء في تقرير في صحيفة "كومرسانت" الروسية، بأن 7 طائرات مقاتلة روسية تعطلت بسبب الهجوم بقنابل الهاون، بما في ذلك طائرتان من "أس يو 35" الأفضل، وأربع طائرات من طراز "أس يو 24"، وهي خسائر تشكل أسوأ يوم للقوات الجوية الروسية منذ عقود، منوها إلى أن صحافيا روسيا نشر صورا للأضرار، وهو ما يشير إلى إصابة بعض الطائرات.
وتعلق الكاتبة قائلة: "لو نظر إلى الحادثتين معا، فإن هجوم الطائرات دون طيار، والهجوم بقنابل الهاون، يمثلان أكثر الهجمات تدبيرا على مقر القوات الروسية في سوريا منذ تدخل روسيا في أيلول/ سبتمبر 2015، الذي نجح في دعم بشار الأسد في قمع ثورة استمرت سبع سنوات ضد حكمه، ونشرت وسائل إعلام روسية تقارير عن هجومين أصغر بالطائرات دون طيار على موقعين روسيين في محافظتي حمص واللاذقية، وهجوم آخر ضد قاعدة حميميم، كلها خلال الأسبوعين الماضيين".
وتنوه الصحيفة إلى أن قاعدة حميميم، التي تعد قلب العمليات العسكرية الروسية في سوريا، تقع في عمق المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، وبدا حتى الآن أنها محصنة ضد الهجمات، بحسب ما قاله ماكسيم ساخوف من مجلس العلاقات الدولية الروسية، الذي يكتب أيضا لموقع "المونيتور".
ويقول ساخوف: "لقد ظنوا أن القاعدة كانت آمنة، لكن يبدو أنها مهددة"، ويضيف أن من بين الأسئلة التي تطرح في موسكو، هي هل قام الجيش الروسي بتأمين القاعدة بشكل كاف، وعما إن كان هناك فشل في اكتشاف حصول الخصوم على تكنولوجيا جديدة.
وينقل التقرير عن جنيفر كافاريلا من معهد دراسة الحرب في واشنطن، قولها إن الهجمات تثير أسئلة حول مقدرة روسيا على الحفاظ على مكاسبها في سوريا، حيث زار بوتين قاعدة حميميم، وأعلن أن روسيا ستخفض من وجودها العسكري؛ لأن الحرب في سوريا انتهت تقريبا.
وتضيف كافاريلا: "إن الأحداث التي وقعت مؤخرا تثبت بأن أيا كان خلف الهجمات لا يزال يستطيع خرق المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، ويجعل الروس يدفعون ثمنا.. والمكاسب التي حققها النظام ليست آمنة، ولا يزال هناك خطر كبير بأنها مؤقتة".
وتقول سلاي: "ربما يكون السؤال الأكبر هو، من المسؤول؟ وما جعل هذه الهجمات غير عادية هو أنه لم تعلن أي جهة عن مسؤوليتها عنها، ما أثار موجة من التكهنات في وسائل الإعلام الروسية والسورية حول من قد يقف خلف الهجمات".
وتبين الصحيفة أن وزارة الدفاع الروسية بدت يوم الثلاثاء كأنها تتهم أمريكا بتوفير التكنولوجيا في هجوم الطائرات دون طيار، وقالت إن الهجوم يحتاج إلى مستوى أعلى من الخبرة أكثر مما يعرف عن أي مجموعة مسلحة في سوريا امتلاكه، وأضافت الوزارة في بيانها على صفحة "فيسبوك" إن ما يزيد الشكوك أن طائرة استطلاع أمريكية من نوع "بوسيدون" كانت في الجو لمدة أربع ساعات خلال الهجوم بالطائرات دون طيار.
ويورد التقرير نقلا عن المتحدث باسم البنتاغون اريك باهون، قوله إن التهمة كانت "كاذبة تماما"، وأضاف أن تنظيم الدولة استخدم الطائرات دون طيار ضد قوات التحالف، الذي تقوده أمريكا في العراق وفي شرق سوريا، دون "أثر كبير"، مشيرا إلى أن هذه الطائرات الصغيرة دون طيار متوفرة في الأسواق.
وتستدرك الكاتبة بأن أقرب موقع لتنظيم الدولة يقع على بعد مئات الأميال من الساحل الغربي السوري حيث تقع قاعدة حميميم، ما يجعل التنظيم المجموعة الأقل احتمالا في الوقوف وراء الهجوم، بالإضافة إلى أن معظم الطائرات دون طيار التي استخدمها تنظيم الدولة ضد قوات التحالف كان مداها لا يزيد على كيلومتر واحد إلى اثنين، بحسب تحليلات مجموعة "آي اتش أس ماركيت" للاستشارات الدفاعية.
وتنقل الصحيفة عن وزارة الدفاع الروسية، قولها إن الطائرات التي هاجمت حميميم جاءت من مسافة خمسين إلى 100 كم، وهو ما يوسع مجال المشكوك في تورطهم، بحسب تحليل المجموعة ذاتها.
ويورد التقرير أنه يتوقع تورط إحدى المجموعات السورية المعارضة الكثيرة، بحسب ساخوف، لافتا إلى أن الطائرات أطلقت، بحسب تقرير يوم الأربعاء في صحيفة وزارة الدفاع الروسية الرسمية "كراسنايا زفيزدا"، من قرية تسيطر عليها "المعارضة المعتدلة"، التي تسمى مؤازرة في إقليم إدلب الجنوبي، وأرسلت روسيا برسالة إلى تركيا تطلب منها الالتزام بتعهداتها في المناطق الداخلة في اتفاقيات وقف إطلاق النار، بحسب التقرير.
ويقول ساخوف: "لكن يبقى السؤال هو أي مجموعة هي المسؤولة لأن مجموعات الثوار عادة ما تعلن عن مسؤوليتها، وتفتخر بالعمليات التي تقوم بها"، ويضيف "إن كانت من المعارضة فإنهم في العادة يعلنون على الإنترنت ويتفاخرون بفعلهم".
وتشير سلاي إلى أن من بين النظريات التي يتم تداولها بشكل واسع هي احتمال وقوف العلويين الساخطين خلف الهجوم، حيث نشرت مجموعة تسمي نفسها حركة العلويين الأحرار بيانا، قالت فيه إن الهجوم على القاعدة يدل على ضعف قبضة الأسد على الحكم، لكن لم تعلن مسؤوليتها عن الهجوم، وتوقع عدد من المعارضين العلويين بأن تلك الحركة وهمية، كما توقعوا أن الهجوم هو من فعل مخابرات أجنبية تسعى لإعطاء الانطباع بوجود صراع داخل مؤيدي النظام.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن هناك احتمال آخر ورد في أخبار المعارضة السورية، هو أن تكون إحدى المليشيات الموالية لإيران تقف وراء الهجوم، فبحسب هذه النظرية، تسعى إيران لمنع روسيا من فرض تسوية نهائية في سوريا تقوض المصالح الإيرانية هناك، ويقول ساخوف: "هناك نظريات كثيرة جدا، لكنها أمر غامض حاليا".
"التايمز" تكشف تفاصيل مثيرة عن المرتزقة الروس بسوريا
التايمز: لماذا توسع روسيا وجودها البحري بالشرق الأوسط؟
الغارديان: هذا ما أكدته زيارة بوتين لسوريا