وصف محللون سياسيون فلسطينيون، التوجّه الإسرائيلي الجديد باستهداف الأنفاق الأرضية التابعة لفصائل فلسطينية والممتدة على طول قطاع غزة، ويخترق بعضها أراضي في الجانب الإسرائيلي، بـ"المعركة بين الحروب".
واستبعد المحللون، في تصريحات منفصلة لوكالة "الأناضول"، أن تُعجّل سياسة هدم الأنفاق من أي حرب جديدة بين الطرفين.
والأنفاق هي قنوات أسفل الحدود بين غزة، وأماكن قريبة من قواعد عسكرية وتجمعات سكانية إسرائيلية محاذية للقطاع.
واعتبر المحللون، أن الأنفاق التي تبنيها فصائل فلسطينية تحت الأرض لمواجهة الجيش الإسرائيلي، أداة "واحدة" ضمن قوتها العسكرية وسلاحها الاستراتيجي، وليست "الأداة الوحيدة".
وفي الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل لجرّ الفصائل الفلسطينية إلى حرب جديدة، وفق المحللين، تحاول الفصائل عدم إعطائها مبررات تسوّغ شنّ أي حرب ضد غزة.
واعتقد المحللون أن فصائل المقاومة لن ترد على هدم أنفاقها، بردود "قاسية"، تمهّد لأي مواجهة عسكرية تتحضر لها إسرائيل.
وخلال الأشهر الماضية، دمّر الجيش الإسرائيلي أربعة أنفاق، تابعة للمقاومة، وفق "هآرتس" الإسرائيلية، آخرها نفق، السبت الماضي، تقول إسرائيل إنه يتبع لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" ويستخدم لـ"تهريب أسلحة وصواريخ متطورة، ويدخل ويخرج منه نشطاء من حماس من وإلى سيناء".
المحلل السياسي جهاد حرب، أشار إلى أن فصائل المقاومة، وعلى رأسها كتائب عز الدين القسّام، الجناح المسلّح لحركة "حماس"، ستلتزم الصمت جرّاء استهداف الجيش الإسرائيلي لأنفاقها، خلال الأيام القليلة المقبلة.
وقال حرب: "نمرّ في الوقت الحالي بمرحلة (اللا سلم واللا حرب)، وهي صعبة جدا وفي الوقت ذاته هناك معارك تُدار بين إسرائيل والمقاومة، لكن ليست عنيفة"، واستبعد أن تعجّل سياسة هدم الأنفاق من أي حرب مقبلة، في ظل محاولات إسرائيلية لجرّ الفصائل الفلسطينية لحرب جديدة، تلفت من خلالها الأنظار عن مدينة القدس، وسياساتها هناك.
لكن ذلك الأمر يبقى مرهونا بسقوط شهداء من الجانب الفلسطيني أو قتلى إسرائيليين، جراء المواجهة "غير العنيفة" التي تدار بين الطرفين حاليا.
وأوضح حرب أنه في حال سقط ضحايا جرّاء القصف الإسرائيلي لغزة، أو قتلى بفعل سقوط بعض الصواريخ من القطاع داخل إسرائيل، قد يعجّل في المعركة، التي تترقبها إسرائيل.
وأرجع المتحدث ذاته، محاولات الفصائل الفلسطينية لحدوث أي حرب جديدة ضد غزة، إلى توقعاته بأن تكون "أخطر وأصعب من العدوان الذي شنّته إسرائيل ضد القطاع منتصف عام 2014".
وفي 7 تموز/ يوليو 2014، شنّت إسرائيل، حربا على غزة أطلقت عليها اسم "الجرف الصامد" استمرت 51 يوما، أدّت إلى مقتل ألفين و322 فلسطينيا، وإصابة نحو 11 ألفا آخرين.
ورغم صمت فصائل المقاومة "العسكري" جرّاء استهداف أنفاقها الأرضية، إلا أنها تُدير معركة غير مباشرة مع إسرائيل، تستخدم في إطارها أدوات مختلفة.
ومن تلك الأدوات، بحسب حرب، "إتاحة المجال أمام بعض الأطراف لإطلاق صواريخ من القطاع باتجاه إسرائيل (كما فعلت في الفترة السابقة) دون أن تتحمل المسؤولية عنها"، وأضاف: "قد يكون هناك عمليات استطلاع من خلال طائرات (تابعة للفصائل) دون طيار، والقيام بتجارب صاروخية في البحر".
ورأى المحلل السياسي، أن "تلك الأدوات والوسائل تستفز الجانب الإسرائيلي، لكنّها لا تعطيه مبررا لشن حرب جديدة ضد القطاع".
وترغب إسرائيل بشنّ حرب على غزة كي تخرج من أزمتها الحالية، وتُشتت حالة التضامن الدولي الواسع مع الفلسطينيين، وفق حرب.
لكن الفصائل الفلسطينية، تدرك أنها في هذه المرحلة الصعبة التي تمرّ بها القضية بشكل عام، بحاجة إلى المزيد من "التحالفات الداخلية، ترفع الغمة عن العلاقات الفلسطينية-الفلسطينية الداخلية"، بعيدا عن أي خسائر جديدة، قد تتسبب بها الحروب العسكرية، بحسب حرب.
يتفق معه، المحلل السياسي حمزة أبو شنب، قائلا: "بتقديري، تدمير الأنفاق لن يوصل الاحتلال والمقاومة لمواجهة عسكرية جديدة؛ لأن طبيعة المواجهة ودوافعها غير متوفرة في هذه المرحلة".
وفسّر أبو شنب حالة المواجهة الحالية بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، بـ"المعركة بين الحروب"، وتابع قائلا: "ما تحاول أن تتبعه إسرائيل خلال المرحلة من هدم للأنفاق هو تقليم أظافر المقاومة".
كما رأى المحلل السياسي، أن المقاومة لم تلتزم الصمت جرّاء تلك المحاولات، إنما صمتها مرتبط بإدارة "حرب معلوماتية بينها وبين الاحتلال الإسرائيلي".
واستدل على ذلك بكشف الجانب الإسرائيلي، خلال الفترات السابقة، لـ"اختراقات قامت بها فصائل المقاومة ووصولها لمعلومات مهمة وحساسة عن الجيش الإسرائيلي وتحركاته".
واستبعد أبو شنب، أن تعجّل سياسة هدم الأنفاق من أي مواجهة عسكرية جديدة ضد غزة، حيث إن طبيعة إدارة الصراع والمواجهة (بين المقاومة وإسرائيل) في الوقت الحالي، لا ترتكز على قاعدة "الفعل ورد الفعل، إنما تستند إلى عوامل قواعد الاشتباك".
ولفت إلى أن الجانب الإسرائيلي، حاول عام 2015، فرض قواعد جديدة للاشتباك مع فصائل المقاومة، من خلال تدمير الأنفاق عبر الدخول إلى الجانب الفلسطيني من غزة، إلاّ أن "موقف المقاومة والتصدّي لتلك المحاولات، فرض عليه التراجع"، كما يقول.
كما أن فشل المحاولات الإسرائيلية لتدمير أنفاق المقاومة، دفعها للبحث عن وسائل أخرى.
وتعتمد إسرائيل إلى جانب الوسائل التكنولوجية في البحث عن الأنفاق، على المعلومات الاستخباراتية التي تحصل عليها من بعض منظومتها، مما يدفعها إلى البحث عن دقة تلك المعلومات، وشن هجمات ضد المواقع التي وصلت إليها، وفق أبو شنب.
ورغم أهمية الأنفاق، من وجهة نظر فصائل المقاومة في إدارتها للمعارك مع إسرائيل، كما يقول أبو شنب، إلا أنها تبقى "أداة" واحدة من أدوات المقاومة، وليست الوحيدة، وتابع قائلا: "منذ عام 2000 وفصائل المقاومة تبتكر أسلحتها وتطورها بصورة متواصلة ومكثّفة".
ومع مواصلة إسرائيل سياستها في تدمير الأنفاق الأرضية، إلاّ أن دورها المهم "لن ينتهي"، حسب المتحدث ذاته، وأشار إلى وجود نمطَين من أنواع الأنفاق الأرضية وهي "الدفاعية والهجومية".
وإن نجحت إسرائيل في الوصول إلى بعض الأنفاق الهجومية، فإنها لن تتمكن من التوصل أو الكشف عن الأنفاق الدفاعية، وفق أبو شنب، وأضاف أن عنصر "المفاجأة يبقى من أهم عناصر الحروب لدى فصائل المقاومة الفلسطينية، ولا أحد يتوقع طبيعة أسلحتها خلال أي مواجهة عسكرية قادمة".
الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، فسر صمت فصائل المقاومة الفلسطينية تجاه تدمير أنفاقها بـ"وجود حسابات سياسية لديها"، وقال: "مفهوم لدى المقاومة أن هناك خسائر عند تدمير أنفاقها، إنما الحساب السياسي يقتضي من المقاومة الامتناع عن الرد في هذه المرحلة بالذات".
وأرجع "عوكل" ذلك إلى أن "خسائر الدخول في أي حرب أو مواجهة عسكرية مع إسرائيل، ستكون أكبر من أضرار صبرها على تدمير الأنفاق".
وتتجه إسرائيل في هذه المرحلة إلى ضرب مقومات المقاومة الفلسطينية سواء من خلال استهداف أنفاقها، أو التحريض ضدها.
وتحاول إسرائيل زرع الفتنة بين "حماس" والجانب المصري، وفق عوكل، حينما روّجت أن النفق الأخير، الذي استهدفته قرب معبر كرم أبو سالم (جنوب)، يستخدم لتهريب الأسلحة والأشخاص من سيناء إلى غزة.
واعتبر عوكل، أن "موضوع النفق الأخير، تحريض مباشر لمصر ضد المقاومة"، داعيا الأخيرة إلى أن تتجه لاتخاذ قرارات "موضوعية وحكيمة، بحيث لا يسبب الرد على إسرائيل أضرارا أكبر مما يحصل حاليا".
كما أن فصائل المقاومة تدرك المحاولات الإسرائيلية لجرّها ضد مواجهة عسكرية جديدة، وبالتالي، يقول عوكل، تتجه لتبنّى سلوك ووسائل للرد على الإجراءات الإسرائيلية، دون إعطائهم أي ذرائع لشن عدوان جديد ضد القطاع، وفق عوكل.
وفي إطار جر الفصائل الفلسطينية لتلك الحرب، تم تنفيذ محاولة اغتيال لأحد كوادر حماس، في مدينة صيدا اللبنانية، حسب المحلل السياسي عوكل.
والأحد الماضي، أكّدت حماس إصابة محمد حمدان، إثر تفجير سيارته في صيدا جنوبي لبنان، وحمّلت الحركة إسرائيل مسؤولية الحادث.
حماس لـ"عربي21": لا نعلم موعد عودة الوفد المصري لغزة
"القسام" يوجه رسائل جديدة لقادة الاحتلال بخصوص الأسرى
السنوار: مشروع المصالحة ينهار.. وفتح ترد