نشرت صحيفة "جورنال دو ديمانش" الفرنسية تقريرا، سلطت من خلاله الضوء على العنصرية والتمييز الجنسي اللذين تواجههما المرأة في
فرنسا جراء عدم
المساواة في
الرواتب بينها وبين الرجل. وفي حين أن الأصل يقتضي أن ممارسة المهنة نفسها يترتب عليه تسديد الراتب ذاته، إلا أن ذلك لا يطبق في فرنسا.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إنه على الرغم من حقيقة عدم المساواة بين الرجل والمرأة، لم يتم تسجيل شكاوى كثيرة ضد التمييز في الرواتب. علاوة على ذلك، لا يمكن اعتبار عدم تطبيق مبدأ "عمل متساو، أجر متساو" خرقا للقانون، نظرا لأنه مقترن بانتهاكات أخرى.
وأكدت الصحيفة أنه خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 2017، أدانت محكمة الاستئناف في مدينة "آكس أون بروفانس" الشركة الوطنية للسكك الحديدية الفرنسية، وألزمتها بدفع مبلغ قدره 100 ألف يورو تعويضا لضرر مادي ومعنوي لحق موظفة تعمل مراقبة بالشركة منذ سنة 1980. ويعزى ذلك بالأساس إلى عدم ترقية هذه السيدة خلال مسيرتها المهنية في الشركة مقارنة بزملائها الذكور.
وذكرت الصحيفة أن عدة صعوبات تجعل من بعض الموظفات يغضضن الطرف عن الانتهاكات التي يتعرضن لها في عملهن. ولعل من أبرزها تباطؤ القضاء في النظر في الشكوى المقدمة من طرفهن، والنقص الحاصل في جمع الأدلة الكافية قبل تقديم الشكوى. وفي هذا الإطار، أشارت الأمينة العامة للمجلس الأعلى للمساواة المهنية بين الرجل والمرأة في فرنسا، بريجيت غريزي، إلى أن "الشكاوى الفردية دائما ما تكون إجراءات النظر فيها معقدة للغاية".
ونقلت الصحيفة على لسان بريجيت غريزي أن "تقديم شكوى فردية من شأنه أن يعزز من إمكانية طردك من المؤسسة التي تعمل بها. ولكن أغلب الموظفات اللاتي رفعن دعوى قد أقدمن على هذه الخطوة نظرا لأنه لم يتبق ما قد يخسرنه". أما فيما يتعلق بتعرضهن لاعتداءات جنسية أو تمييز جنسي في عملهن، فالأمر يعد أسوأ بالنسبة لهن. فحسب تحقيق أجرته منظمة "المدافع عن الحقوق" الفرنسية سنة 2014، لم يتم التبليغ عن قرابة 70 بالمائة من الاعتداءات الجنسية التي تقع العاملات ضحية لها.
وجاء في تحقيق المنظمة الحقوقية أيضا أن "قرابة 40 بالمائة من
النساء اللاتي أقدمن على تقديم شكوى دفعن ثمن قرارهن غاليا، حيث فقدت قرابة 90 بالمائة منهن وظائفهن". وبالتالي، ليس من المستغرب أن تركز هذه المنظمة الفرنسية على الدفاع عن حقوق الموظفات أكثر من الموظفين الذكور.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزيرة العمل الفرنسية، موريل بينيكود، تسعى إلى دفع الشركات للالتزام أكثر على مستوى الشفافية في الحوافز والمكافآت. وفي ألمانيا ومنذ بداية السنة، أصبح يحق للنساء مطالبة مجلس إدارة الشركة التي يعملن فيها بإلقاء نظرة على بطاقة كشف رواتب ستة من زملائهن الذكور للقيام بمقارنة بينها وبين أجورهن.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في فرنسا يختلف الوضع تماما. فلا يمكن للموظفات اللاتي ينتابهن شك في هذا الصدد، المطالبة بإلقاء نظرة على بطاقات كشف رواتب بقية الموظفين من
الرجال. في الأثناء، يسمح لهن فقط بالمقارنة بين العناصر الظرفية ذاتها في إطار الوظيفة نفسها، والتثبت في وجود مؤشرات تمييز على أساس الجنس من عدمها.
وأفادت الصحيفة بأنه منذ سنة 2014، دخلت الشركات الفرنسية التي تشغل أكثر من 50 موظفا في مفاوضات للوصول إلى اتفاق جماعي فيما يتعلق بإقرار مبدأ المساواة المهنية. وفي هذا الإطار، ذكر "المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي" في فرنسا أن 60 بالمائة من فروع الشركات لم تتوصل لاتفاق ساري المفعول، فيما لم توقع سوى شركة واحدة على الاتفاق من بين الشركات التي تشغل أقل من 299 موظفا.
وأضافت الصحيفة أنه منذ سنة 2013، أدينت 157 شركة بسبب قضية عدم المساواة بين الجنسين في حين أجبرت على دفع غرامة بقرار قضائي وصلت في مجملها إلى 700 ألف يورو. عموما، تترك هيئة التفتيش الفرنسية حيزا من الوقت للشركات يمتد لستة أشهر، بعد عملية المراقبة حتى تمتثل للقانون. وتعد هذه الفترة كافية حتى تجد الشركة حجة تدافع بها عن نفسها.
وقالت الصحيفة إن وزيرة الدولة لشؤون المساواة بين الرجل والمرأة، مارلين سكيابا، قد اجتمعت خلال شهر أيلول/ سبتمبر سنة 2017، بالشركات المخالفة للقانون فيما يتعلق بالمساواة بين الرجل والمرأة بهدف توعيتهم. وقد تم تسجيل غياب مؤسستين عن هذا الاجتماع.